احتفاليّةُ عشتار العربيَّة في عَبَلّين الجَليليّة!

آمال عوّاد رضوان

آمال عوّاد رضوان
النّادي النّسائيّ الأرثوذكسيّ في عبلين الجليليّة استضاف النّادي النّسائيّ الشّفاعمريّ (فنجان قهوة)، وذلك بتاريخ 16/5/2023 في مقرّ النّادي في عمارة وقف الرّوم الأرثوذكس في عَبَلّين، وكان لقاءً ثريًّا وشيّقًا حافلًا بالفرح والحبور، أشبهَ بعُرس جليليّ، فحضرت النّسوةُ الشّفاعمريّاتُ بزفّةٍ ومهاهاة وغناء، وهبّت النّساء العبلينيّات لاستقبالهن العفويّ بالتّصفيق الحارّ والرّقص والتّرحيب والفرح والغناء، وقد هيّأن التّضييفات والحلويّات التّراثيّة بأشكالها، إكرامًا للضيوف.
ووسط عدد كبير من النّسوة هلّ الإعلاميّ يوسف حيدر لتغطية الحدث، وليفاجئنا بطلّتهِ البهيّة الكاتب العَبلّيني زهير دعيم، وكلّنا نتأهّب لاستقبال غاليتنا د. روزلاند دعيم ضيفة شرف هذا اللّقاء!
ابتدأ اللّقاءَ بكلمة الأستاذ زهير دعيم التّرحيبيّة، وبارك هذه النّشاطات النسويّة الرّاقية، وهذا الاحتفاء الجميل ببعضهنّ بمَحبّة وفرح غير مشروطيْن، وأكّد على دعمه للمرأة ونشاطاتها المُشرّفة في المجتمع، وحضوره إكرامًا لابنه العمّ الكاتبة والباحثة د. روزلاند دعيم.
ثمّ كانت كلمة تحيّة من النّادي النّسائيّ الشّفاعمري، ألقتها المسؤولة السّيّدة سعاد بحّوث، أشادت بأهمّية تبادل الزيارات والخبرات بين النّوادي النّسائيّة، لتحفيزها وتنشيطها بفعاليّات بنّاءة تدعم استمراريّتها.
أمّا مسؤولة النّادي النّسائي الأرثوذكسي عبلين آمال عوّاد رضوان، فقد رحّبت بجميع الضّيوف والحضور، وبضيفة الشرف د. روزلاند دعيم، وأضاءت بلمحة سريعة جوانب أساسيّة لكتابها عشتار العربية.
وكانت مداخلةٌ ثريّة وسلِسة للكاتبة المربّية نرجس نشاشيبي حول مضامين كتاب عشتار العربيّة، والذي اعتبرته دليلًا سياحيًّا ثريًّا، شاملًا وحافلًا بالمعلومات الدّقيقة الوافية.
أما د. روزلاند دعيم فقد تحدّثت عن الجهد والوقت الذي استغرقه الكتاب، والرّسالة الوطنيّة والإنسانيّة الّتي يحملها ويُوثّقها، وشكرت المنظّمين والحضور والمتحدّثين.
أمّا الفقرة الأخيرة وأثناء التّضييفات، فقد أثرتها الكاتبة والفنّانة نهاي بيم بصوتها العذب الرّنّان، فغنّت وأطربت وأشركت النّساء بالصّداح والغناء والرّقص، وتمّ التقاط الصّور التّذكاريّة، لأجمل نسوة في أحلى لقاء!
جاء في كلمة آمال عوّاد رضوان:


عشْتَار الْعَرَبِيَّة رُؤْيَةٌ حَضَارِيَّةٌ وَدِينِيَّةٌ فِي الْأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ للكاتبة د. رُوزْلَانْد كَرِيم دَعِيم، صدر عن دار الوسط اليوم للإعلام والنّشر رام اللّه في طبعتيه: الأولى عام 2020 والطبعة الثانية 2022، وقد صمّم الغلاف الفنّان رمزي الطّويل.
لقد أهدت كتابها إلى والدتها تريز النابِلسي أمد الله بعمرها، وإلى روح والدها كريم الدَّعيم طيب الله ثراه، وإلى أبناء أسرتها نبع المحبة والعطاء والدعم، وإلى أبناء مدينتها الجميلة “حيفا”التي يتنازع عليها الكرمل بشموخه والمتوسط بأمواجه، وإلى أبناء موطنها عمومًا في البلاد والشتات.
كما تقدّمت بالشّكر الجزيل لكلّ من أسهمَ بإخراج كتابها هذا إلى النّور: د. زاهي سلامة، د. رنا صبح، الأستاذة نادرة يونس على دعمهم وتشجعيهم وحثّهم اليوميّ على القراءة والملاحظات والتّدقيق اللّغويّ، وشكرت البروفسور علي صغيّر على قراءة فصل الموحّدين الدّروز، وإبداء الملاحظات والاقتراحات. وشكرت الأستاذة مرلين دعيم عيساوي على ترجمة المقدّمة باللغة الإنجليزيّة، والأستاذة الشاعرة آمال عوّاد رضوان على مرافقتها منذ البداية، ومتابعة الطباعة والتّدقيق والنّشر. كما شكرت دار الوسط للنشر والإعلام متمثلًا برئيسه ومديره الكاتب والإعلامي الأستاذ جميل حامد، على التّعامل المهنيّ خلال المراحل المختلفة لإصدار الكتاب.
كتاب “عِشتار العربية؛ رؤيةٌ حضاريّةٌ ودينيّةٌ في الأعياد والمواسم”، هو عملٌ توثيقيٌّ لذاكرةٍ حيّة في الأراضي المقدّسة الّتي عرفت دياناتٍ نشأت فيها أو قدِمَتْ لاحقًا، لتُشكِّلَ نسيجًا حضاريًّا إنسانيًّا كونيًّا، وفقَ تطوُّراتٍ اجتماعيّةٍ واقتصاديّةٍ، وضمنَ مُتغيّراتٍ حضاريّةٍ وسياسيّة، أثّرتْ في الفِكر الإنسانيّ، وفي الحضارةِ التّراكُميّةِ الثّابتةِ والمُتجدّدة، بفعلِ وتداخُلِ وتَلاقُحِ الحضاراتِ الحديثةِ والقديمة: الكنعانيّة، البابليّة، الفينيقيّة، الفِرعَونيّة، الآشوريّة، الأكّاديّة، الأمازيغيّة، الإغريقيّة وغيرها…
كتاب “عِشتار العربية؛ هو حصيلةُ تجربةٍ ميدانيّةٍ وأكاديميّةٍ، بمنهجيّةٍ تحتاج إلى بحثٍ ومَصادرَ ومقارَنة، وإلى تحقيقٍ وتدقيق، يبحث في التّشابهِ الكبير في ممارسات واحتفالات الشّعوب، ويبحثُ عن المشترَك الإنسانيّ والحضاريّ في دورة حياة البَشر، فيما يتعلَّق بالجوانب الاجتماعيّة، الأخلاقيّة، التّربويّة والإنسانيّة، من خلال أعيادٍ دينيّة تتضمّنُ عاداتٍ وفولكلورًا وأدبًا شعبيًّا لمجتمعٍ تَعَدُّدِيٍّ، ولحضارةٍ قائمةٍ لها جُذورها الرّاسخة، أعياد تُعزِّز الانتماء، وتُسهمُ في صقلِ وبلورةِ هُويّةِ الفردِ والمجتمعاتِ المتعدّدة دينيًّا، قوميًّا، وطنيًّا، حضاريًّا وإنسانيًّا، وترفعُ الوعيَ لدى الفرد في الانكشافِ السّليم على الآخر مِنَ الفئاتِ الدّينيّةِ المختلفة، ليفهمَها ويتقبّلَها، وليتعايشَ معها باحترامٍ مُتبادَلٍ دونَ هيمنةٍ أو تَسيُّدٍ أو تَجَبُّر.
د. روزلاند دعيم تناولت في الفصل الأوّل احتفالاتِ وطقوسَ الأعياد المسيحيّةِ الدّينيّةِ والشّعبيّةِ تاريخيًّا، اجتماعيًّا وتراثيًّا بين الماضي والحاضر، وتناولتْ تجلّياتِ الزّمان والمكان لكلٍّ منها مع الإنسانِ والبيئةِ والعالم: الميلاد المجيد، الغطاس، الفصح المجيد، القديس فالنتاين، القدّيسة بربارة، القدّيس مارجريس الخضر، رفع الصّليب، تطواف سيّدة الكرمل، تحدّثت عن الرموز، الصّلوات، العادات، الأمثال والقصص الشّعبيّة، المأكولات والحلويات المرتبطة بكلّ عيد والمُرافِقة للاحتفالات.
في الفصل الثاني تناولتْ أعيادَ ومناسباتِ المسلمين بين الجانب الدّينيّ والجانب الحضاريّ، كمفهومٍ وتقاليدٍ وثقافة: رأس السّنة الهجريّة وسيرورة التّقويم الهجريّ، ذكرى المولد النّبويّ الشّريف، ذكرى الإسراء والمعراج، الصّوم ولمحات وصلوات رمضانيّة، الحجّ إلى الدّيار الحجازيّة بين الفترة التّكوينيّة والفترة الافتراضيّة.
وفي الفصل الثالث تناولتْ أعيادَ ومناسباتِ الموحِّدين الدّروز باحتفالاتٍ دينيّةٍ وشعبيّة، تتضمّن آداب، تقاليد، قصص ومعجزات، وأهداف الزّيارة للمقامات والطقوس الدّينيّة في الجليل والجولان، وزيارة سيدنا الخضر مخترق الزمان وعابر الأديان، وزيارة مقام النّبيّ شعيب في حطين، وكرامات النّبيّ سبلان.
جاء في مداخلة المربّية نرجس نشاشيبي:
ها نحن الآن مع عصفورتنا الغرّيدة (د. روزلاند دعيم) في بيت لحم، نشهد معها ميلاد السّيّد المسيح، وبحسب الأناجيل الأربعة: متّى، مرقس، لوقا ويوحنّا، فإنّه ميلاد معجزة من غير أب، حلّ الرّوح القُدُس على مريم العذراء، فحبلتْ بطفل المغارة، وكانت ولادتُه عظيمة، وبدايةَ السّنة الميلاديّة والتّقويم الميلاديّ في عيد الميلاد المجيد
ثمّ تستمرّ العصفورة الغرّيدة في رحلتها الطيّبة لنهر الأردن وعيد الغطاس، واعتماد السّيّد المسيح على يد القدّيس يوحنّا المعمدان وقوله:”أنا أُعمّدكم بالماء، وأمّا هو فسيُعمّدكم بالرّوح القُدُس”.
وفي مدينة القدس أوروشليم تصل العصفورة الغرّيدة، وأجنحتها تُصفّقُ فرحًا بعيد القيامة؛ قيامة السّيّد المسيح من بين الأموات، بعد رحلة العشاء الأخير، وإلقاء القبض عليه، ومحاكمته وموته على الصّليب.
وتتابع العصفورة رحلة الحجّ لتصل إلى حيفا عروس البحر، تلك المدينة الجميلة حيث تنضمّ إلى موكبٍ يطوف خلاله المسيحيّون، ضمن احتفال الرهبنة الكرمليّة بمسيرة طلعة العذراء في شارع ستيلا مارس صعودًا إلى الدّير، وبحسب الرّواية هي زيارة السّيّدة العذراء لمغارة إيليّا النّبيّ، وهنالك روايات، وهذا الاحتفال هو عيد طلعة العذراء، أو عيد تطواف سيّدة الكرمل!
وتأبى عصفورتنا الغرّيدة إلّا أن تُخلّدَ ذكرى إيجاد صليب السّيّد المسيح، مِن قِبل الإمبراطورة هيلانة القسطنطينيّة، ليتمّ الاحتفالُ بعيد الصّليبّ
طويلة رحلة العصفورة وتطوافها، لكنّها تعمل جاهدةً للوقوف على نوافذ مواسم شعبنا الاحتفاليّة الدّينيّة وأعيادها، فتُطلُّ علينا بالاحتفال بالسّنة الهجريّة عند المسلمين، بموسم رأس السّنة وموسم أوّل العام الهجريّ، ومسوم عاشوراء لتأتي أيضًا لتعيد مع إخوتنا المسلمين العيديْن الكبيريْن: عيد الفطر وعيد الأضحى المبارَكيْن!.
عصفورتنا لا تنسى أصدقاءَها المُوحِّدين الّذين يُفضّلون هذه التّسمية على تسمية الدّروز، فتلتقي معهم في مقام النّبيّ شعيب في عيده المقدّس، وتحوم فوق مقام النّبيّ سبلان، ومقام النّبيّ الخضر، ومقام النّبيّ اليعفوري، وكل مناسبة بتاريخها المحدّد، فتكون هناك زيارات سنويّة بمناسبة احتفال الدّروز بأعيادهم، وتقوم هناك صلواتٌ جماعيّة وإيفاء نذور في مقاماتهم.
عصفورتنا تعيش السّنة كلَّها مُحتفلةً بأعياد ومواسمَ تُفرحُ النّفس وتُقرّبها إلى سماء إلهيّة، فتنعم بالسّلام والطمانينة، تلك السّنة زاخرةٌ بالتّحليق في ربوع أرضنا، مُهنِّئةً إيّاها معظم بالأعياد والمواسم الدّينيّة الحبيبة على قلوب الجميع. هي في الحقيقة رحلةُ تطواف بين المناسبات الجميلة، حضاريّة، دينيّة وثقافيّة، تأخذنا بها المؤلفة في زيارة لأرض الحضارات، لننهل من ينابيعها.
معلوماتٌ وخلفيّات عقائديّة شيّقة تجمعُ الدّياناتِ الثلاث على أرضٍ واحدة، وتحثُّهم على التّمسُّك بها والعيش بسلام تحت شعار الإنسانيّة، واحترامها وتقبُّلها بمختلف أشيائها وشرائحها، إذ تعتبر المناسبات والأعياد الدّينيّة جانبًا حضاريًّا من ثقافات الشّعوب.
لذلك، أنا أرى أنّ هذا الكتاب هو تأكيدٌ هامٌّ لجذور تلك الحضارات، وارتباطها بحياة الإنسان الفلسطينيّ وممارساته العقائديّة الّتي يقوم بها حتّى يومنا هذا، فتلك المعلومات القيّمة في هذا المرجع تُذكّر القارئ بأهمية ارتباط مواسمه وأعياده الاحتفاليّة بأرضه ووطنه، قارئ اليوم وقارئ المستقبل من أبناءٍ وأحفاد وقادمين من بعدنا إلى هذه الحياة، وتؤكّد هذه الأعياد ورموزها على هُويّة الإنسان الفلسطينيّ، وعلى انتمائه لأرضه وآثارها ومَعالمِها.
هذا الكتاب عشتار العربية للمؤلفة د. روزلاند دعيم هو إنتاج جميل جدّا في إخراجه ومَضامينه، قيّمٌ مفيدٌ ومرجعٌ مُهمٌّ لكلّ مُحِبٍّ لهذه الأرض، سلِسٌ ولا مَللَ في قراءتِهِ أو التّنقُّل بين أروقته، حتّى إن لم يكن روايةً للاستمتاع، لكن يكفي أن يكون روايةَ شعب، وسببًا في بقائه وصموده.
لقد سعدتُ في قراءة هذا المؤلف، وأحيانًا كثيرة أعود لقراءة بعضًا من صفحاته من جديد، لأتذكّر بعض ما ورد فيها، كي أُرسّخَها في ذهني فتبقى لي وطنا يسكن فيّ.
أوردت المؤلفة معلوماتٍ كثيرةً بتفاصيلَ سهلةٍ واضحةٍ ومفهومة، وبموضوعيّةٍ وحياديّة، وهذا ما منح الكتابَ مصداقيّةً وثائقيّة لا جدال فيها، وفي هذا الصّدد وجدتُ نفسي مُتعلّقة بالكتاب وبما وردَ فيه من إضاءة على جزءٍ كبير من ثقافتنا، وحضارتنا الّتي لا تغيب، فهي حاضرة في التّاريخ وما قبل التّاريخ الميلاديّ!
كون المؤلفة اهتمّت في خوض غمار الرّؤية الدّينيّة والحضارة والمواسم والأعياد، كلُّ هذا كافٍ ليدلَّ على مدى ارتباطها وانتمائها لشعبها، ولأرضها الكنعانيّة الّتي تدمج في ثناياها حضاراتٍ قديمةً سابقة: البابليّة والفينيقيّة والفرعونيّة والخ..
هذا الكتاب هو مرجعٌ لكثير من المواقع التّاريخيّة والمزارات السّياحيّة الدّينيّة الّتي يزورها الكثير من النّاس والحجّاج والسّوّاح، يمكنهم اعتماده مرجعًا وشاهدًا صادقًا لحضارة ذلك المزار الّذي ينزلون فيه، فيُذكّرهم بأنهم ليسوا موجودين هنا بأجسادهم فقط، ولكن بقلوبهم وأرواحهم، وأنّه لا زال لنا ارتباط متجذر بأصولنا وبأرضنا عقائديًّا وتاريخيًّا.
الكتاب يحمل رسالةَ مَحبّة، لكلّ مَن يفكّر أن يزرع بذورَ شقاق بين الفئات العقائديّة المختلفة، ليقول له: “لن تنجح”، فنحن بالمحبّة والوفاق نحيا.. سماؤُنا واحدة وأرضنا واحدة.. هواؤُنا واحدٌ وانتماؤنا واحد.. ومن لا دينَ له، فلا يزوره فرحٌ، ولا يسكن في قلبه سلام، ولا يحلُّ في نفسه رجاء!

About آمال عوّاد رضوان

سيرةٌ ذاتيّةٌ- آمال عوّاد رضوان/ فلسطين آمال؛ ليست سوى طفلةٍ خضراءَ انبثقتْ مِن رمادِ وطن مسفوكٍ في عشٍّ فينيقيٍّ منذ أمدٍ بعيد! أتتْ بها الأقدارُ، على منحنى لحظةٍ تتـّقدُ بأحلامٍ مستحيلةٍ، في لجّةِ عتمٍ يزدهرُ بالمآسي، وما فتئتْ تتبتـّلُ وتعزفُ بناي حُزْنِها المبحوحِ إشراقاتِها الغائمةَ، وما انفكّتْ تتهادى على حوافِّ قطرةٍ مقدَّسةٍ مفعمةٍ بنبضِ شعاعٍ، أسْمَوْهُ "الحياة"! عشقتِ الموسيقى والغناء، فتعلّمتِ العزفَ على الكمانِ منذ تفتّحتْ أناملُ طفولتِها على الأوتار وسلالم الموسيقى، وقد داعبتْ الأناشيد المدرسيّةُ والتّرانيمُ حنجرتَها، فصدحتْ في جوقةِ المدرسةِ، إلى أنِ اتّشحَ حضورُها بالغيابِ القسريّ مدّة سنوات، لتعاودَ ظهورَها في كورال "جوقة الكروان" الفلسطينيّة! كم عشقتْ أقدامُها المعتّقةُ بالتّراثِ الرّقصَ الشّعبيّ، وكانَ لخطواتِها البحريّةِ نكهةً مائيّةً تراقصُ ظلالَ شبابٍ طافحٍ بالرّشاقةِ في فرقةِ دبكةٍ شعبيّةٍ، إضافةً إلى نشاطاتٍ كشفيّةٍ وأخرى عديدة، تزخرُ بها روحُ فتاةٍ تتقفّزُ نهمًا للحياة! أمّا لمذاقِ المطالعةِ والقصصِ والرّواياتِ فكانَت أسرابُ شهوةٍ؛ تحُطُّ فوقَ أنفاسِها حدَّ التّصوّفِ والتّعبّد، منذُ أن تعلّقتْ عيناها بسلالم فكِّ الحروفِ، وكانَ للقلمِ المخفيِّ في جيبِ سترتِها وتحتَ وسادتِها صليلٌ يُناكفُها، كلّما شحَّ رذاذُ نبضِهِ في بياضِها، فيفغرُ فاهَهُ النّاريَّ مُتشدِّقًا بسِحرِهِ، كأنّما يحثّها لاحتضانِهِ كلّما ضاقتْ بهِ الأمكنةُ، وكلّما تعطّشَ إلى خمْرِها، فتُحلّقُ به في سماواتِ فيوضِها، وما أن تصحُوَ مِن سكرتِها، حتّى تُمزّقَ ما خطّتْهُ ونسجَتْهُ مِن خيوطِ وجْدِها، لتمحوَ كلّ أثرٍ يُبيحُ للآخرَ أن يُدركَ ما يعتملُ في نفسِها، ولأنّ مكانةً سامقةً وأثرًا جمًّا ومهابةً للأدب، تخشى أن تتطاولَ إليهِ، أو تُقحمَ نفسَها في ورطةٍ لا خلاصَ منها. ما بعدَ الفترةِ الثّانويّةِ حلّتْ مرحلةُ منفاها عن طفولتِها الزّاهيةِ، حينَ استلبتْها مخادعُ الدّراسةِ الجامعيّةِ الثّلجيّةِ مِن أجيجِ نشاطاتِها، ومِن ثمّ؛ تملّكتْها مسؤوليّاتُ الزّواجِ والأسرةِ ومهنة التّدريس، واقتصرَ دورُها الأساسيُّ على مرحلةٍ جديدةٍ؛ هو بناءُ عالمٍ محبّبٍ آخر بعيدًا عنها قريبًا جدًّا منها، الأسرةُ بكاملِ مسؤوليّاتِها الجمّةِ، وفي الوقتِ ذاتِهِ وبفعل سحر الأمومةِ، نما في قلبِها عشقٌ جنونيٌّ للعطاءِ، رغمَ طراوةِ الحياةِ وقسوتِها، وكانَ بخورُ الذّكرياتِ يعبقُ بكبريائِها، ويُمرّغُها بعطرِ الطّفولةِ الهاربةِ! ما بينَ رموشِ نهاراتِها ووسائدِ لياليها، ساحتْ آمال في عُمقِ بُوارٍ لا يَحدُّهُ خواء، تارةً، تأخذُها سنّةٌ مِن سباتٍ في استسقاءِ الماضي، وتارةً، تستفيقُ مِن قوقعةِ أحاسيسِها الذّاهلةِ، حينَ تهزُّها الفجوةُ الدّهريّةُ بينَ الأنا والآخر والكون، وبينَ مجونِ الضّياعِ المُزمجرِ فتنةً، وبينَ حاناتِ الخطايا المشتعلة كؤوسُها بلا ارتواء، والوطنُ يرتعُ في شهقاتِ ألمٍ تعتصرُ أملاً مِن كرومِ المستحيل! لم تفلحْ شفافيّةُ الواقعِ المُرّ حلوُهُ، ولا مهرجاناتُ الحياةِ مِن صَلبِها على أعمدةِ مدرّجاتِ ومسارحِ الحياةِ، بل التجأت بصمتٍ وهدوءٍ إلى كهفِ الأبجديّةِ، واعتكفتْ فيهِ كناسكةٍ تحترفُها فتنةَ التـّأمـّلِ، حيثُ تصطفي نيازكَ حروفٍ متلألئةٍ بالنّضوج، كادتْ تسقطُ سهوًا في محرقةِ الألمِ، أو كادتْ ترجُمها إغواءاتُ الدّروبِ بحصًى يتجمّر، لكنّها حاولتْ أن تلتقطَ بأناملِ خيالِها تلك الحروفَ اللاّسعةَ الكاويةَ، كي ترطّبَ وجدَ آمالِها الموشومةِ بنشيجِ خلاصٍ قد يأتي! كم تماوجتْ في طُهرِ روحِها شعاعاتُ إيمانٍ، صاخبة بفصولِ التّوغّلِ وبوجوه الجمال في غدٍ دافئٍ، وكم نقشَتْها أنفاسُها تنهيدةً منحوتةً ومُشفّرةً، على شاهدةِ عمرٍ يلاحقُها، ويُولّي في صحْوتِهِ، ولا يلوي على التفاتةٍ تكتظُّ بالحسرة! "سحر الكلمات" هو عجوزي المستعارُ، وراعي انتظاراتي المؤجّلةِ بفوّهةِ مغارتِهِ الخضراء، يحرسُ بتمائمِهِ ومشاعلِهِ عرائشَ كرومي، عندما تسلّقتْ عليها دوالي قلبي وذاكرتي المنهوبةُ، ونصوصي الوجدانيّةُ المكدّسةُ على رفوفِ فسحاتٍ تعذّرَ التقاطُها، وبعشوائيّةٍ لذيذةٍ انفرطتْ قطوفُ أساريرِها على أطباقِ البراءة عبْرَ صفحاتِ النّت، لتؤبّدَ دهشةَ صمتٍ عبَرَتْ كالرّيح، فوقَ ظلالِ الفصولِ والعمر، إلى أنْ كانتْ ومضةٌ مخصّبةٌ بأحضانِ سحابةٍ متنكِّرةٍ، تراذذتْ من جلبابِها "آمال عوّاد رضوان"، ومنذُها، وآمال لمّا تزل آمالُها حتّى اللّحظة تتلألأُ بـ : *1- بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّج/ كتاب شعريّ/ آمال عواد رضوان/ عام 2005. *2- سلامي لك مطرًا/ كتاب شعريّ/ آمال عواد رضوان/عام 2007. *3- رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقود/ كتاب شعريّ/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2010. *4- أُدَمْوِزُكِ وَتَتعَـشْتَرِين/ كتاب شعريّ/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2015. *5- كتاب رؤى/ مقالاتٌ اجتماعية ثقافية من مشاهد الحياة/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2012. *6- كتاب "حتفي يترامى على حدود نزفي"- قراءات شعرية في شعر آمال عواد رضوان 2013. *7- سنديانة نور أبونا سبيريدون عواد/ إعداد آمال عوّاد رضوان/ عام 2014 *8- أمثال ترويها قصص وحكايا/ إعداد آمال عوّاد رضوان/ عام 2015 وبالمشاركة كانت الكتب التالية: *9- الإشراقةُ المُجنّحةُ/ لحظة البيت الأوّل من القصيدة/ شهادات لـ 131 شاعر من العالم العربيّ/ تقديم د. شاربل داغر/ عام 2007 *10- نوارس مِن البحر البعيد القريب/ المشهد الشّعريّ الجديد في فلسطين المحتلة 1948/ عام 2008 *11- محمود درويش/ صورة الشّاعر بعيون فلسطينية خضراء عام 2008 صدرَ عن شعرها الكتب التالية: *1- من أعماق القول- قراءة نقدية في شعر آمال عوّاد رضوان- الناقد: عبد المجيد عامر اطميزة/ منشورات مواقف- عام 2013. *2- كتاب باللغة الفارسية: بَعِيدًا عَنِ الْقَارِبِ/ به دور از قايق/ آمال عوّاد رضوان/ إعداد وترجمة جَمَال النصاري/ عام 2014 *3- كتاب استنطاق النص الشعري (آمال عوّاد رضوان أنموذجًا)- المؤلف:علوان السلمان المطبعة: الجزيرة- 2015 إضافة إلى تراجم كثيرة لقصائدها باللغة الإنجليزية والطليانية والرومانيّة والفرنسية والفارسية والكرديّة. *محررة الوسط اليوم الثقافي الشاعرة آمال عواد رضوان http://www.alwasattoday.com/ar/culture/11193.html الجوائز: *عام 2008 حازت على لقب شاعر العام 2008 في منتديات تجمع شعراء بلا حدود. *عام 2011 حازت على جائزة الإبداع في الشعر، من دار نعمان للثقافة، في قطاف موسمها التاسع. *عام 2011 حازت على درع ديوان العرب، حيث قدمت الكثير من المقالات والنصوص الأدبية الراقية. *وعام 2013 منحت مؤسسة المثقف العربي في سيدني الشاعرة آمال عواد رضوان جائزة المرأة لمناسبة يوم المرأة العالمي 2013 لابداعاتها في الصحافة والحوارات الصحفية عن دولة فلسطين. وبصدد طباعة كتب جاهزة: *كتاب (بسمة لوزيّة تتوهّج) مُترجَم للغة الفرنسيّة/ ترجمة فرح سوامس الجزائر *كتاب خاص بالحوارات/ وستة كتب خاصة بالتقارير الثقافية حول المشهد الثقافي في الداخل *ستة كتب (تقارير ثقافيّة) حول المشهد الثقافي الأخضر 48: من عام 2006 حتى عام 2015
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.