إشارات سِفر يهوديت ج5 ملخَّص تاريخ بني إسرائيل


بقلم✍️ رياض الحبيّب؛ خاصّ: مُفكّر حُرّ
…….
قرأت في مقدّمة ترجمة يهوديت\5 بقلم الخوري يوسف داود: سؤال أليفانا الموجَّه إلى أحيور- رئيس العَمّونيّين- عن أمّة بني إسرائيل. خطاب أحيور عن عجائب الله التي صنع في إسرائيل محذِّرًا أليفانا. غضب أمراء أليفانا من رواية أحيور
ـــــــ
وقرأت في مقدّمة أخرى تحت عنوان- حوار بين أليفانا وأحيور قائد بني عمّون: لقد [اغتاظ أليفانا لأن بني إسرائيل استخفّوا به، ولم يقابلوه بالسلم كسائر الشعوب. روى أحيور قصة قيام إسرائيل منذ دعوة إبراهيم، وكيف خلّصهم الرب من فرعون وملوك الكنعانيّين واليَبوسيّين والحِثّيّين إلخ. وأنْ لا يمكن الانتصار عليهم ما لم يرتكبوا إثمًا في حقّ إلههم. أراد عظماء إليفانا قتل أحيور معتبرين أنه استهان بالمَلِك وجيشه وأنّه خدعهم]- تجد-ين المزيد في تفسير الكتاب المقدَّس- العهد القديم- القمّص تادرس يعقوب
ـــــــ
وقرأت مقدّمة ثالثة تحت عنوان- أليفانا يجمع الأخبار عن شعب اليهود وإلههم، وأحيور العمّوني يسرد له تاريخهم- فاقتطفت منها التالي: [يعتبر خطاب أحيور تلخيصًا لتاريخ اليهود. وقد تمّ عرض هذا التاريخ في الكتاب المقدَّس في أزيد من موضع؛ منها المزامير78 و105 و106 وحزقيال\16 و\20 والحكمة\10 وورد كذلك في العهد الجديد (أعمال الرسل\7) ومع أن التاريخ والشعب معروفان إلّا أنّ أليفانا الأشوري لم يسمع عنه، ذلك لأن التاريخ المدني قد أغفل تاريخ هذه الحملة- الأشورية- مثلما أغفل الكثير من وقائع الكتاب المقدَّس، لكن الحفريات مازالت تضطلع بهذه المهمة. هذا وقد أبرز أحيور في خطابه نقاطًا هامّة عدّة؛ إليك منها


١ترك اليهود عبادة الأوثان منذ أيام إبراهيم بعد أن كانوا يعبدون نانار- إله القمر- وننجال زوجته فوق مرتفعة زاجوراه في كلديا. ذلك لكي يعبدوا إله السماء، والتعبير {إله السماء} كان معروفًا عند الوثنيّين إذِ استخدموه للإشارة إلى اليهود. وقد أطاع إبراهيم دعوة الله وصار نواة لأمّة اليهود. ويرد في أقوال أحيور أن اليهود رفضوا اتّباع آلهة آبائهم، أي أنهم عندما قبلوا أن يتبعوا الله- إله السماء- تخلّوا عن ماضيهم. وقد أشار القديس أغسطينوس في كتابه “مدينة الله” إلى تصريح أحيور العمّونيّ في التدليل على أنّ اليهود هم من نسل الكلدانيّين، أي أنّ نشأتهم كانت في أرض الكلدانيّين، كذلك استشهد القديس غريغوريوس النيصصي بهذه الفقرة في تدليله على أن “شعب الله” من أصل كلداني
٢إنّ اليهود لن يُهزَموا ما داموا أمناء في علاقتهم بإلههم، أي أن هزيمتهم من أليفانا لن تتوقف على قوّة جيشه، لكن على شكل علاقتهم بالله. وقد أوضح أحيور له أنهم أُسلِموا للنهب والسلب مرارًا بسبب تركهم الله
٣خلال الظروف الطبيعية؛ يغدق الله الخير على اليهود ماداموا مستقيمين لا يخطئون، لأن لهم إلهًا يبغض الإثم! وأحيور بذلك يشير إلى مفتاح أورشليم الذي من الواضح أنه ليس في يد أليفانا. هنا شعر أليفانا أن هناك إلهًا آخر وأن المسألة أصبحت “حرب آلهة” فأحيور أشار من طرف خفي إلى أن اليهود لن يُهزَموا لأنهم واثقون من سلامة العلاقة ما بينهم وبين الله ولا سيّما أنهم للتوّ قد عَتَقوا من الشِّتات (خَرَجوا مِنَ العُبُوديّة)- سبي مَنَسّى
٤حمل أحيور في خطابه تحذير أليفانا من مواجهة اليهود، بسبب العار المحتمل أن يلحق بالآشوريّين، ولا سيّما أنّ أحيور قد قلّل مِن أهمية عدد جيش أليفانا وكثرة أسلحته، إذ أنّ لإله اليهود جنودًا خفيّين- ملائكة- يحاربون الجنود المنظورين. وبهذا يكون التحذير صادرًا لجيش الأعداء علَّهم يحجمون عن مهاجمة اليهود

أَحْيور: يُكتَب أحيانًا “أخيكار” وللكلمتين معنى واحد: أخو النور. وقد ظنّ بعض الباحثين أن الاسم “أخيود” معناه في العبرية “أخو اليهود” وصديق اليهود، معتبرين بذلك أن القصة رمزية. لكن أصحاب هذا الرأي وقعوا في التباس لغوي إذ يتشابه الحرف (د) والحرف (ر) في اللغة العبرية. وقد نظر اليهود إلى أحيور نظرة ملؤها الامتنان واعتبروه: الوثني الصالح]- والمزيد في شرح الكتاب المقدَّس- العهد القديم- الأنبا مكاريوس الأسقف العام

وتعليقي بالمناسبة أنّ أخيور إسم لكلّ من: [صديق طوبيت- طوبيّا الأب- وقريبه. جاء يشاركه فرحته ويهنّئه بعودة ابنه (طوبيّا\11) هذا ما قالت اللاتينية الشعبية- الڤولگاتا- أمّا الترجمة السبعينيّة فسمّته “أحيقار” وجعلته ابن أخت طوبيت. 2قائد عمّوني حاصر بيت فلوى مع أليفانا وحذّر قائد جيش الأشوريّين من اليهود الذين ينعمون برضى الرب (يهوديت\5) أسلمه أليفانا إلى اليهود ليموت معهم (يهوديت\6) لكن بعد موت أليفانا ارتدَّ أحيور إلى الديانة اليهوديّة- يهوديت\14]- عن\ القاموس المسيحي- المحيط الجامع
ـــــــ
وإليك نصّ يهوديت\5 عن موقع الأنبا تقلا وعن ترجمة الخوري محصورة بين قوسين
١وأُخْبِرَ أليفانا رئيس جيش الآشوريّين (صاحب جيش آثور) أنّ بني إسرائيل قد تأهبوا للمدافعة وانّهم قد سدّوا طرق الجبال
٢فاستشاط أليفانا غضبًا في شدة حنقه ودعا جميع رؤساء موآب وقوّاد عمّون (عظماء موآب وسلاطين بني عمّون جميعًا
٣وقال لهم قولوا لي مَن أولئك الشعب الذين ضبطوا الجبال وما مدنهم وكيف هي وما قوّتها وما قدرتهم وكثرتهم ومَن قائد جيشهم
٤وكيف استخفوا بنا دون جميع سكان المشرق ولم يخرجوا لاستقبالنا ليتلقّونا بالسلم

وفي تفسير مسيحي مختصر للآيات (1-4) إنّ [إبليس يستهين بأولاد الله في ضعفهم الظاهري ناسيًا قوة الله التي تساندهم، كما استهان جليات بداود. جليات الجبّار بدون الله صار ضعيفًا! أمّا داود فقد صار بالله جبّارًا]- بقلم القسّ أنطونيوس فكري

٥فأجابه أحيور قائد جميع بني عمّون قائلًا: إن تنازلتَ فسَمِعتَ لي يا سيّدي أقُلِ الحقّ بين يديك في أمر أولئك الشعب المقيمين بالجبال ولا تخرج لفظة كاذبة من فمي
٦إنّ أولئك الشعب هم من نسل (جنس) الكلدانيّين
٧وكان أوّل مقامهم فيما (في آرام) بين النهرين لأنهم أبَوا اتّباع آلهة آبائهم المقيمين بأرض الكلدانيّين

أشار الخوري في هامش ترجمة الآية السابعة إلى التكوين11: 31

٨فتركوا سُنن آبائهم التي كانت لآلهة كثيرة

وفي تفسير الآيات (5-8) إنّ [أحيور= شاهد للحقّ على رغم خوفه من أليفانا
هم- اليهود- من نسل الكلدانيّين= فإبراهيم كان من العراق]- بقلم القسّ أنطونيوس فكري

٩وسجدوا لإله السماء الواحد وهو الذي أمرهم أن يخرجوا من هناك ويسكنوا في حاران فلمّا عمّ الجوع الأرض كلّها هبطوا إلى مصر وتكاثروا هناك مدة أربعمئة سنة حتى كان جيشهم لا يحصى

أشار الخوري في هامش الآية التاسعة إلى كلّ من دخول أبرام- إبراهيم- إلى مصر في التكوين12: 14 ونزول يعقوب- إسرائيل- ونسله إلى مصر في التكوين46: 6

١٠وإذْ كان ملك مصر يُعنِتُهُمْ بالأثقال ويستعبدهم في بناء مدنه بالطِّين واللَّبِن صرخوا إلى ربّهم فضرب جميع ارض مصر ضربات مختلفة

وتعليقي: [أعنت دابَّتَه: حَمَّلها ما لا تُطيق]- عن معجم المعاني

١١وبعد أن طردهم المصريّون من أرضهم وكفّت الضربة عنهم أرادوا إمساكهم ليردّوهم إلى عبوديّتهم

أشار الخوري بالآية الـ11 إلى الخروج12: 31

١٢وفيما هم هاربون فلق لهم إلهُ السماء البحرَ وجَمَدَتِ المياه من الجانبَين (وصارت المياه من الجانبين كأنها حائطان) فعبروا على حضيض البحر على اليبس

أشار الخوري في ترجمة الآية الـ12 إلى الآية {وأمّا بنو إسرائيل فمشوا على اليابسة في وسط البحر، والماء سُورٌ لهم عن يمينهم وعن يسارهم}+ الخروج14: 29

١٣وتعقّبهم هناك جيشُ المصريين بلا عدد فغمرتهم المياه حتى لم يبق منهم أحد يخبر أعقابهم
١٤فخرجوا من البحر الأحمر (من بحر سوف) ونزلوا برّيّة جبل سيناء حيث لم يكن يقدر أن يسكن إنسان ولا يستريح ابن بشر (ابن آدم

أشار الخوري في ترجمة الآية الـ14 إلى {ولم يقولوا: أين هو الرب الذي أصعدنا من أرض مصر، الذي سار بنا في البرية في أرض قفر وحفر، في أرض يبوسة وظل الموت، في أرض لم يعبرها رجل ولم يسكنها إنسان؟}+ إرميا2: 6

١٥وهناك حُوِّلَتْ لهم ينابيع المياه المُرّة عذبة ليشربوا ورُزِقُوا طعامًا من السماء مدة أربعين سنة
١٦وحيثما دخلوا بلا قوس ولا سهم ولا ترس ولا سيف قاتَلَ إلهُهم عنهم وظفر
١٧ولم يكن مَن يستهين (يسخر) بهؤلاء الشعب إلّا إذا تركوا عبادة الرب إلههم
١٨فكانوا كلّما عبدوا غير إلههم أُسْلِمُوا للغنيمة (للسبي) والسيف والعار
١٩وكلّما تابوا عن تركهم عبادة إلههم أتاهم إله السماء قوّة للمدافعة (ليثبتوا قدّام أعدائهم
٢٠فكَسَروا (ثمّ طردوا مِن) أمامهم ملوك الكنعانيّين واليَبوسيّين والفرزيّين والحِثّيّين والحَويّين والأموريّين وجميع الجبابرة الذين في حشبون واستحوذوا على أراضيهم ومدائنهم

حشبون: [عاصمة الأموريّين؛ إذا عدنا إلى التثنية1: 4 وإلى العدد21: 25-30 نرى أنّ حشبون كانت مركز إقامة سِيحُون- ملك الأمُوريّين- لكنها باتت فيما بعد عاصمة الموآبيّن كما يبدو في نظر إشعياء15: 4 و16: 8 وإرميا48: 2-4 و49: 3 واقعة عبر الأردن في الجزء الشمالي لموآب، وتبعد حوالي 50 ميلًا شرقيّ أورشليم. وهي اليوم: حشبان؛ تبعد 26كلم إلى الشرق من نهر الأردنّ و9كلم إلى الشمال من ميدبا]- المزيد في قاموس المحيط الجامع وفي تفسير يهوديت\5 بقلم القمّص تادرس يعقوب

٢١وكانوا ما داموا لا يخطأون أمام إلههم يصيبهم خير لأن إلههم يبغض الإثم
٢٢فلمّا أن حادوا قبل هذه السنين عن الطريق التي أمرهم الله أن يسلكوها انكسروا في الحروب أمام شعوب كثيرة وجُلِيَ (سُبيَ) كثيرون منهم إلى ارض غير أرضهم
٢٣غير أنهم من عهد قريب قد تابوا (والآن قد رجعوا) إلى الرب إلههم واجتمعوا مِن شتاتهم (من البلاد التي كانوا مسبيّين فيها) حيث تبددوا وصعدوا إلى هذه الجبال كلّها وعادوا فتملّكوا في (وتسلّطوا ثانية على) أورشليم حيث أقداسهم

وفي تفسير الآيات (17-23) إنّهم [اجتمعوا من شتاتهم= ربما عاد بعض الأسباط إلى أرض إسرائيل مع ضعف أشور]- بقلم القسّ أنطونيوس فكري

٢٤والآن يا سيّدي انظر فإن كان لأولئك الشعب إثمٌ أمام إلههم فلنصعد إليهم لأن إلههم يسلِّمهم إليك ويُستعبَدون تحت نِير سلطانك
٢٥وإنْ لمْ يكن لأولئك الشعب إثم أمام إلههم فلا طاقة لنا بهم لأنّ إلههم يدافع عنهم فنكون عارًا (فنكون تحت فضيحة) على جميع وجه الأرض

وفي تفسير الآيتين (24-25) إنّ [شهادة أحيور لله في منتهى القوّة بدون خوف! لاحظ-ي أن الله لا يتخلّى عن شعبه إلاّ بسبب الخطية. أمّا الشعب إذا كان بلا خطية فهم جبابرة بالله]- بقلم القسّ أنطونيوس فكري

٢٦فلمّا فرغ أحيور من هذا الكلام (فلمّا استوفى أحيور هذا الخطاب) غضب جميعُ عظماء أليفانا وهَمُّوا بقتله قائلين بعضهم لبعض
٢٧مَن يقول أنّ لبني إسرائيل طاقة بمقاومة الملك نبوخذنصّر (بختنصّر) وجيوشه وهم قوم لا سلاح لهم ولا قوّة ولا لهم خبرة في أمر الحرب (وبغير عِلم بصناعة الحرب
٢٨فلِكَي يعلم أحيور أنه إنما يخادعنا (يمكر بنا) نصعد الآن إلى الجبال وإذا أُخِذَ جبابرتُهم فحينئذ نجعله موردًا للسيف أيضًا معهم (وإذا سَبَينا عظماءَهم قتلناه بالسّيف معهم
٢٩حتى تعلم كلّ أمّة أنّ نبوخذنصّر (بختنصّر) هو إله الأرض ولا إله غيره

وفي تفسير الآيات (26-29) إننا [نصعد الآن على الجبال وإذا أُخِذَ جبابرتُهم= نصعد لنقتل جبابرة اليهود
ملحوظة: كثيرًا ما يرسل الله لنا صوته عن طريق أيّ شخص مثل أحيور فنرفض صوت الله بقساوة وكبرياء قلب، حينئذ تكون الخسارة كبيرة جدًّا]- بقلم القسّ أنطونيوس فكري
ـــــــــــــــــــــ
تمّت ظهيرة العشرين من نوڤمبر2018

About رياض الحبَيب

رياض الحبيّب ّخاصّ\ مفكّر حُر شاعر عراقي من مواليد بغداد، مقيم حاليًا في إحدى الدول الاسكندنافية. من خلفية سريانية- كلدانية مع اهتمام باللغة العربية وآدابها. حامل شهادة علمية بالفيزياء والرياضيات معترف بها في دولة المهجر، وأخرى أدبية. حظِيَ بثناء خاصّ من الأديب العراقي يوسف يعقوب حداد في البصرة ومن الشاعر العراقي عبد الوهاب البيّاتي في عمّان، ومارس العمل الصحافي في مجلة لبنانية بصفة سكرتير التحرير مع الإشراف اللغوي. بدأ بنشر مقالاته سنة 2008 إلى جانب قصائده. له نشاطات متنوعة. ركّز في أعماق نفسه على الفكر الحُرّ الراقي وعلى حقوق الإنسان وتحديدًا المرأة والأقلّيات وسائر المستضعَفين أيًّا كان الجنس والعِرق والاتجاه
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.