يرى بعض المثقفين أن اهتمامهم بتاريخهم المحلي وشأنهم القبلي أو العائلي وتعرّفهم على جوانب من ثقافة أهاليهم الشعبية؛ هو دونية ثقافية بمقابل ثقافتهم ذات الحدود اللامتناهية أرضا وكونا بدل الحدود الضيقة للقرية ومضارب القبيلة؛ وأن أفقهم الإنساني أوسع بكثير من المدى الاجتماعي لمحلياتهم!
نتفق مع هؤلاء النخبة أن للثقافة أبعاد عالمية ولا حدود لجغرافيتها؛ وأن العيش الفكري في قوقعة القبيلة والعائلة والبلدة هو معيق لانطلاق ابداعات الكتّاب وشمول إنتاجهم لأكبر شريحة من الناس؛ لكن السؤال يبقى في اتجاه آخر!
هل يحول تعرف المثقف على مجتمعه المحلي من سبره الفضاءات خارج ساحته المحلية؟
بالطبع لا يحول..، بل إن فهم الواقع المحلي فيه إضافة لفهم الواقع العالمي، ويمنح المثقف ذراعا منهجية إضافية، من خلال الانتقال من الخاص إلى العام.
وهناك سبب آخر يفيد المثقف في فهمه شأنه المحلي الشعبي، فقد يجد نفسه يوما وسط أناس يتداولون الحكايات المحلية ويفسرونها على هواهم ووفق مصالحهم ويصادف ذلك مساسا بمكانة ذويه ومحيطه
الاجتماعي، من هنا عليه أن ينتقل للمستوى الثقافي لهؤلاء ويتصدى لهم بأدواتهم. إن لم يفعل.. فلن تشفع له ثقافته الواسعة في محيطه المحلي.
..
امتلك المعلومة ولو استحرقتها؛ فقد تحتاجها في موقف تافه.