هناك من أيدها .. هناك من صدقها جزئياً.. هناك من وصفها بالأسطورة..
عثر في مستودع المعلومات الروسي في رف كتب عليه.. تاريخ أفغانستان .. وفي ملف من الملفات مؤرخ كالتالي: 2001 __ 2021
يحتوي على وثائق وصور فوتوغرافية وأشرطة فيديو وسيديهات وهي أوعية كانت تحفظ بها البيانات في ذلك الزمن.. وخلاصة تلك المعلومات سواء المستندات الورقية أو الصور أو الأفلام القصة التالية والتي يقاوم كثيرون في زمننا هذا تصديقها لقربها من الأساطير على الرغم من توثيقها.. إليكم القصة:
في ذلك الزمن سادت قوة لدولة تسمى الولايات المتحدة الأمريكية.. وتعارضت ثقافتها مع ثقافات ما كان يعرف بالشرق الأوسط سواء كانوا العرب أم الفرس أم الأفغان والذين يدينون بالإسلام إلى اليوم.. وحاولت مجموعة من أولئك الشرقيين إلحاق ضرر بالأمريكان ومن ضمن ذلك ضربوا بالطائرات مباني تجارية وحيوية داخل الولايات المتحدة.. ولأن قيادة تلك المجموعة كانت تختبئ في أفغانستان فقد هاجمها الأمريكان عسكرياً وشتتوها، وأسقطوا حكم المجموعة المتشددة دينيا في كابل..
بدأ تعاون جديد بين الولايات المتحدة ومن يريدها ويريد السلام والهدوء ويتوق لرؤية دولة عصرية في أفغانستان.. وخلال عشرين عاماً أصبح لأفغانستان حكومة وقوات أمن وجيش لا بأس به ومؤسسات وتداول سلطة بالانتخاب.. وأصبحت شوارع كابل لا تختلف عن شوارع دمشق أو القاهرة.. هناك المقاهي والأسواق وصالونات التجميل النسائية محلات بيع الآلات الموسيقية.. وانفتح الإعلام الأفغاني وحضرت المرأة بشكل لا لبس فيه في عموم مؤسسات الدولة والقطاعات الأخرى الخاصة ..
وتقول الوثائق أن المجموعة المتشددة وكانت تسمى “طالبان”.. أصبحت من الماضي.. وأيقن الأفغان أنها دخلت المتحف وأغلق خلفها الباب.. ولو وجد من يؤيدها ففي قلبه ومعنوياته وأكثرهم ينعمون بأجواء الحرية والمتعة والمال مما ينسيهم أو يمنع أشواقهم أن تطلب العودة لحكم طالبان البدائي..
إذاً فهناك مجتمع متخلف احتضنته قوة عظمى ونقلته لنعيم الدنيا.. وصرفت عليه مبالغ طائلة لبناء المؤسسات والبنية التحتية والأهم لبناء ثقافة اجتماعية سياسية جديدة معتدلة تحول دون عودة التطرف.
وفي غفلة زمن .. تقول الوثائق والأفلام.. ينفتح باب المتحف.. فتخرج حركة طالبان وبلباس أنصارها التقليدي ولحاهم وأحذيتهم وبساطتهم وكأنهم غادروا المكان بالأمس.. ويتراكض الطالبانيين نحو الولايات الأفغانية في الأطراف وينتعش مناصروهم فيزداد عددهم.. ويرمي رجل الأمن سترته الرسمية وينضم إليهم.. وفي خلال أيام يسيطرون دون حرب ودون معارك تذكر على أفغانستان.. بما فيها العاصمة..
ويُحشر الأجانب وكارهي طالبان من المواطنين في منطقة المطار وتقلهم الطائرات في قوافل جوية لدول الجوار، ومن حسن الحظ أن منطقة المطار واسعة نسبياً بحيث ضمت عشرات الآلاف من الهاربين.. وإذا بالقوة العظمى _ والتي ثقة منها بإنجاز مشروعها قد غادر كثير من قواتها أرض الأفغان منذ زمن _ يغادر ما تبقى لها من دبلوماسيين ومدنيين ومعها أتباع عشرات الدول..
تنتقل الكاميرات للقصر الرئاسي.. زعيم طالبان المحلي يسير على السجاد الأحمر باتجاه مكتب الرئيس طابعاً بغبار حذائه على السجادة وكأنه يقول هذا شاهدي في الانتصار ولن أمحيه ..
كثر من الناس اليوم لا تتخيل أن ذلك حدث بالفعل، وما دعم نظرية الأسطورة.. أن أحد الأفلام صور مجموعة من الأفغان تركب فوق أجنحة الطائرة من الخارج وهي تتدرج للإقلاع ومعهم أجهزة هواتفهم يصورون فرحاً لمغادرتهم الجحيم الجديد بحثا عن نعيم آخر ثم ترتفع الطائرة في الجو ويتساقط منها الأشخاص المتشبثين بجسم الطائرة بأظافرهم.. لقد أبت قواعد الفيزياء الانحياز لأولئك المساكين..
أحد أناس اليوم علّق: مخرج هذا الفيلم يستحق أكبر الجوائز لقد أشعرنا وكأنها الحقيقة..
يستمر عرض الأفلام وتكتمل الأسطورة بركوب كوادر طالبان ألعاب الملاهي في وسط كابل ويلهون ويلعبون كالأطفال بلباسهم التقليدي ولحاهم الطويلة.. ويعلق من طالب بمنح المخرج جائزة بالقول: لقد أعادتهم سنين الغيبة لأطفال لأنهم لم ينعموا بطفولتهم أصلاً.. ثم يختم: التاريخ فيه عبر سواء كان أسطورة أم حقيقة..
يوسف الشاعل
كتبت في .. 10 مارس 2173 ميلادي ..