” أريد قتلكَ في مكان يحبنا”

الاديبة السورية سوزان محمد علي

في الخامسة من عمري
أخبروني
أخي الصغير مات
نصبوا خيمة
وأحضروا كفنا
ثم تذكروا البكاء.
ولما مضوا إلى المقبرة
رحت أنظف بيتنا
من أوراق الريحان وأعقاب السجائر وخيوط الكفن الأبيض وخصلات شعر وتراب أحذية قادم من الجبال.
بمكنسة قش صغيرة
صنعت قبرا في زاوية الممر
تكومت أغراض الموت أمامي
لكنني لم أبك
ولم أقرأ الفاتحة
ولم أتمنى أي شيء.
كبرتٌ
وشبكت أصابعي خلف ظهري
ومشيت
مشيت حتى اشتعل جذري
ومات النمل والعتم والسر
مارست الجنس كتابوت يطوف
أفتح ساقي
أغمض عيني
وأهتز


مارست الانتظار كشاهدة قبر
شوكة نبتت في رحمي
تعلمت الطبخ كي أَقتل
أنسق لون شفاهي مع لون كندرتي كي أكذب
رقصتُ مع رجال كثر وكنت كمن يدق مسامير خيمة
رقصتُ وحيدة وكنت كمكنسة القش
ألم حطامي في مكان واحد دون جنازة.
ورغبتُ كل يوم
أن يشرب أحدهم حليب نهدي
ويعطيني بيتا أو جيبا أو فناء
أن تقطع حافلة خضار سرتي
أن يمسك الله مصباحه
ويدلني على الخيط
الخيط المرتعش الرفيع
للكفن الهائم الهلامي
الذي بدأ من زاوية الممر
ثم شبك لحمه في لحمي
ومضى بعيدا
يرقبني
يغير مكان عيني
ينقر ظلي
يخنقي ثم يجرني ثم ينساني
خيط أبيض
يكر روحي
في مكان ما
من هذا العالم.
من كتابي ” أريد قتلكَ في مكان يحبنا”
٢٠٢١.

This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.