سناء العاجي
06 مايو 2021
عاملات المنازل في دول الخليج ينفثون عن مشاكلهم على تيك توك
.
في مصر، تابع المهتمون، في أكثر من مرة، محاكمة فتيات يقدمن محتويات على التيك توك، يعتبرها البعض مسيئة لمنظومة قيمية معينة.
في السعودية، قتلت هديل الحارثي على يد أخيها بسبب حسابها على الإنستغرام، والتيك توك وما تقدمه عليهما.
وفي المغرب، تصدر “التريند” مؤخرا شاب ممن يحسبون على الظاهرة الجديدة: ظاهرة “المؤثرين”!
هذا الشاب دعا بقية الشباب للبحث عن عناوين الفتيات اللواتي يقدمن عروضا راقصة على التيك توك، بهدف إرسال رسائل لأسرهن أو تسليمها لهم شخصيا؛ ومن ثم الحضور، كشهود، على مشاهد العقاب والضرب التي قد تتعرض لها هؤلاء الفتيات من طرف أسرهن… وقد قام فعلا بمبادرة من هذا القبيل، حيث حضر للحظة غضب أم وضربها لابنتها… صوّر اللقطة ودعا باقي الشباب للقيام بنفس السلوك.
ليس ضروريا أن يعجبنا ما تقدمه هذه الفتاة أو تلك على مواقع التواصل. الإنترنت يقدم لنا ملايين المحتويات التي تتنوع بين الرقص وتحليل الكتب ونقد الأفلام وفيديوهات “روتيني اليومي” ووصفات الطبخ وفيديوهات تعليم اللغات وغيرها… حين تجد نفسك أمام محتوى لا يناسبك، لسبب ما، فالسلوك الطبيعي هو ألا تشاهده أو أن تضغط على الاختيارات التي تتيحها معظم المواقع، لكي لا تقترح عليك محتويات مشابهة.
أما أن تتابعها وتسب أصحابها، فهذا سلوك مرضي لشخص يريد أن يعطي للعالم صورة مخالفة عما هو عليه (وإلا، فكيف اطلع على هذا المحتوى الذي يبدو له رديئا أو مخلا بالأخلاق) أو شخص يريد ممارسة الوصاية على الغير. على أي أساس تقرر إن كان من حق هؤلاء الفتيات نشر هذا المحتوى أو ذاك؟ أي مشروعية لك في تحديد اختياراتهن الخاصة؟
ثم، لماذا انزعج هذا الشخص، كما ينزعج الكثيرون مثله في مصر والسعودية والسودان وفلسطين.. من الشرائط التي تقدمها الفتيات على التيك توك أو غيرها من المنصات؛ في حين أن هناك محتويات أخرى كثيرة يقدمها الشباب؟ هل هذا يعني أنه لا يوجد محتوى “مزعج” لرهافة حسهم يقدمه شبان من جنسهم؟ أم أن الانزعاج والرغبة في الدفاع عن الأخلاق لا تعبر عن نفسها إلا حين يكون صاحب المحتوى… فتاة؟
في النهاية، الإشكال هو نفسه، منذ قرون! الاختلاف الوحيد يوجد في أنماط التعبير عنه…
أما المشكل الحقيقي، فهو أولا هوس البعض بأجساد النساء ورغبتهم المترسخة في ممارسة الوصاية عليهن؛ وهو ثانيا ربط الكثيرين للأخلاق والشرف بأجساد النساء وبجناسيتهن، بشكل حصري. انطلاقا من الحجاب للتحكم في جسد المرأة وممارسة الوصاية عليه، إلى الهوس بغشاء البكارة، وها نحن ننتقل اليوم إلى الحصار على وسائل التواصل التي تسمح لهؤلاء الفتيات بالتعبير عن أنفسهن بحرية.
المشكل قد يكون مطروحا بالفعل حين يقدم أحدهم (رجلا أو امرأة) محتويات عنصرية أو محتويات تدعو للعنف أو الكراهية. ما دون ذلك، فلكل الحق في تقديم ما يشاء على مواقع التواصل. لا يهم أن نتفق مع ما يقدمه هؤلاء أو غيرهم. الحق الوحيد المتاح لنا هو الـ
zapping
… أن نتوقف عن متابعة حساباتهم وأن نتابع محتويات أخرى تشبه تطلعاتنا… أما أن نمارس الوصاية باسم دفاع كاذب عن الأخلاق، فالأمر في الواقع لا يتجاوز عقلية ذكورية ترغب في التحكم في اختيارات النساء… باسم الأخلاق!