لوْ أنَّ دهراً ردَّ رجعَ جوابِ

لوْ أنَّ دهراً ردَّ رجعَ جوابِ  أوْ كفَّ منْ شأويهِ طولُ عتابِ
لعذلتهُ في دمنتينِ بأمرة ٍ  مَمْحُوَّتَيْنِ لِزَيْنَبٍ ورَبَاب
ثِنْتَانِ كالْقَمَرَيْنِ حُفَّ سَنَاهُمَا  بِكَوَاعِبٍ مِثْلِ الدُّمَى أَتْرَابِ
مِنْ كُل ريم لَمْ تَرُمْ سُوءاً ولَمْ  تَخْلِطْ صِبَى أيَّامِها بِتَصَابي
أذكتْ عليهِ شهابِ نارٍ في الحشا  بالعذل وهناً أختُ آل شهابِ
عذلاً شبيهاً بالجنون كأنما  قَرَأَتْ بِهِ الوَرْهَاءُ شَطْرَ كتاب
أو ما رأتْ بُرديَّ من نسجِ الصِّبى                                      ورأتْ خضابَ اللهِ، وهو خِضابِي؟
لاجُودَ في الأَقْوَامِ يُعْلَمُ ما خَلاَ  جُوداً حليفاً في بني عتَّابِ
مُتدفِّقاً صقلُوا بهٍ أحسابهُمْ  إنَّ السَّماحَة َ صَيْقَلُ الأَحْسَابِ
قوْمٌ إذا جلبُوا الجيادَ إلى الوغى  أيقنتَ أنَّ السُّوقَ سوقُ ضرابِ
يا مالكَ ابنَ المالكينَ ولمْ تزلْ  تُدْعَى لِيَوْمَيْ نائِلٍ وَعِقَابِ
لَمْ تَرْمِ ذَا رَحِمٍ ببَائقَة ولا  كَلَّمْتَ قَوْمَكَ مِن وَرَاءِ حِجَابِ
للجُودِ بابٌ في الأنام ولَمْ تَزَلْ  يُمناكَ مفتاحاً لذاكَ البابِ
ورأيتَ قوْمَكَ، والإساءة ُ منهمُ  جَرْحى بِظُفْرٍ للزَّمانِ ونَابِ
هُمْ صَيَّروا تلكَ البُروقَ صَواعِقاً  فِيهمْ وذَاكَ العفوَ سَوْطَ عَذَابِ
قأقِلْ أسامة  جُرمها واصفحْ لها  عنْهُ وهَب ماكانَ لِلْوَهَّابِ
رَفَدُوكَ في يَوْمِ الكُلاَبِ وَشقَّقُوا  فِيهِ المَزَادَ بجَحْفلٍ غَلاَّبِ
وَهُمُ بَعَيْنِ أُبَاغَ رَاشُوا لِلوَغَى  سَهْمَيْكَ عِنْدَ الحارِثِ الحَرَّابِ
ولياليَ الحَشَّاك والثَّرثارِ قدْ  جَلَبوا الجيادَ لَواحِقَ الأَقْرَابِ
فمضتْ كُهُولهمُ ودبَّرَ أمْرَهُمْ  أحداثُهُمْ تدبيرَ غيْرِ صوابِ
لا رِقَّة ُ الحضرِ اللَّطيف غذتْهُمُ  وتَباعَدُوا عَنْ فِطْنَة ِ الأَعْرَابِ
فإذَا كَشَفْتَهُمُ وجَدْتَ لَدَيْهِمُ  كَرَمَ النُّفُوسِ وقِلَّة َ الآدَابِ
أَسْبِلْ عليهِمْ سِتَر عَفوِكَ مُفْضِلاً  وانفَحْ لَهُمْ مِنْ نائل بِذِنابِ
لَكَ في رَسُولِ اللَّهِ أعْظَمُ أُسْوَة  وأجلُّها في سُنَّة وكتابِ
أعْطَى المؤلَّفة  القُلُوبِ رضاهمُ  كَرَماً، ورَدَّ أَخايِذَ الأحزَابِ
والجعفريُّونَ استقلَّتْ ظُعنُهمْ  عن قَوْمِهِمْ وهُمُ نُجُومُ كِلاَب
حَتَّى إذا أخذ الفِرَاقُ بِقِسْطِهِ  مِنْهُمْ وشَطَّ بِهمْ عَنِ الأَحْبَابِ
وَرَأَوْا بِلادَ اللَّهِ قدْ لَفَظَتْهُمُ  أَكْنَافُها رَجَعُوا إلى جَوَّابِ
فأَتَوْا كَرِيمَ الخِيمِ مِثْلَكَ صَافِحاً  عَنْ ذِكْرِ أَحْقَادٍ مَضَتْ وضِبَابِ
لَيْسَ الغَبِيُّ بِسَيد في قَوْمِهِ  لكنَّ سيِّد قومهِ المُتغابي
قَدْ ذَلَّ شَيْطَانُ النفَاقِ وأَخْفَتَتْ  بيضُ السُّيوفِ زئيرَ أُسدِ الغابِ
فاضْمُمْ أَقاصِيَهُمْ إلَيْكَ، فإنَّهُ  لايَزْخَرُ الوَادِي بِغَيرِ شَعَابِ
والسُّهْمُ بالرِّيشِ اللُّوءامِ ولنْ ترى  بيتاً بلا عمدٍ ولا أطنابِ
مهلاً بني غنم بنِ تغلبَ إنكم  للصيدِ من عدنانَ والصُّبّابِ
لولا بنو جُشَمِ بن بكرٍ فيكُمُ  رُفعتْ خيامكمُ بغيْرِ قبابِ
يا مالكَ استودعتني لكَ منَّة ً  تَبْقَى ذَخَائِرُهَا على الأَحْقَابِ
يا خاطباً مدحي إليه بجودهِ  ولقدْ خطبتَ قليلة ََ الخُطَّابِ
خُذْهَا ابْنَة َ الفِكْرِ المُهَذَّبِ في الدُّجَى  واللَّيلُ أسودُ رُقْعة ِ الجلبابِ
بِكراً تُورِّثُ في الحياة ِ وتنثني  في السلْمِ وهِيَ كَثِيرَة ُ الأَسْلاَبِ
وَيزِيدُهَا مَرُّ اللَّيَالِي جدَّة ً  وتقادُمُ الأيَّامِ حُسْنَ شبابِ   أبو تمّام الطائي (مفكر حر)؟

About أبو تمّام الطائي

أبو تمّام الطائي 803- 845 م \ 188- 231 هـ هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي أحد أمراء البيان، ولد في أيام الرشيد بجاسم (من قرى حوران بسورية) فنشأ بها. وذهب الإنكليزي د. س مرجليون 1885- 1940 م في دائرة المعارف إلى أن والد أبي تمام كان نصرانيًّا اسمه ثادوس (أو ثيودوس) فغيّر الابن اسم أبيه تحت ضغوط المسلمين فجعله أوس ووصل نسبه بقبيلة طيء (النصرانيّة قبل الإسلام) وكان أبوه خمّارًا في دمشق بينما عمل أبو تمّام حائكًا فيها ثمَّ انتقل إلى حمص وبدأ بنظم الشعر. ثم رحل إلى مصر فعمل في سقي الماء، لكنه جالس الأدباء وأخذ عنهم بذهن متوقد حتى سحّت قريحته بنظم بديع. فسمع به المعتصم فاستقدمه إلى بغداد وقدمه على الشعراء وله فيه قصائد. وُصِف أبو تمّام بطيب الأخلاق والظَّرْف والسماحة. ولي بريد الموصل فلم يتم بها سنتين حتى توفي ودفن هناك. كان أسمر، طويلًـا، فصيحًا، حلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، حفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب ما عدا القصائد. له تصانيف: فحول الشعراء، ديوان الحماسة، مختار أشعار القبائل، نقائض جرير والأخطل. ويُعَدّ أبو تمام من أوائل الشعراء الذين ساروا في ركاب التجديد في العصر العباسي، إذ أخذ بمعطيات الحضارة الجديدة، مع المحافظة على الأطر القديمة للشعر. وفي أخبار أبي تمام للصّولي: "كان أجش الصوت فاصطحب راوية له حسن الصوت لينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء" وفي شعره قوة وجزالة واختُلِف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري راجَعَها : رياض الحبيّب https://mufakerhur.org/?author=6
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.