مؤتمر رياض2 و”المسمار الأخير” في نعش “الثورة السورية”

 سليمان يوسف يوسف

 لم يعد يخفى على كل مهتم بالشأن السوري ومتابع لتطورات الأزمة السورية ، بأن الوضع المتأزم الذي تتخبط به المعارضات السورية، خاصة تلك الممثلة بالإتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والهيئة العليا للمفاوضات. هذه المعارضات ، بجناحيها السياسي والعسكري، فعلياً لم تعد موجودة على الأرض. الجغرافيةالسورية تتقاسمها اليوم (جيش النظام، عصابات داعش، مسلحي جبهة النصرة ومن معها من فصائل اسلامية متشددة، ميليشيات قوت سوريا الديمقراطية، المقادة كردياً والمقربة من النظام). قيادات وشخصيات معارضة، بدأت تتحدث عن الإخفاقات والانتكاسات السياسية والعسكرية للمعارضة. المنسق العام للهيئة العلياللمفاوضات مع النظام(رياض حجاب)،خلال لقاءه مع (عادل الجبير- وزير خارجية السعودية) أكد على ” أن المعارضة تعيش حالة انتكاسة لأسباب ذاتيةوموضوعية”. معارضون بدأوا يرددون تصريح السفير الامريكي السابق في دمشق(روبرت فورد) ” اللعبة في سوريا انتهت لصالح بشار”. جدير بالذكر، أن (فورد) أكثر الغربيين المؤيدين للمعارضة والمتحمسين لإسقاط بشار الأسد . من جانبه، أكد خالد المحاميد(عضو الوفد المفاوض)، عبر قناة (العربية الحدث) “أنّالحرب في سوريا انتهت فعلياً بين فصائل الجيش الحر والنظام”. المحاميد، اعتبر”أن من يعطل الحل في سوريا هي الأجندات الخارجية والأطراف الداخلية، التيرهنت نفسها لدول الجوار”. على خلفية هذه التصريحات الغير منسجمة مع سياسة الهيئة العليا للمفاوضات، أُعفي (خالد المحاميد) من عضوية الوفد المفاوض.جورج صبرا، القيادي في (حزب الشعب الديمقراطي) -الحزب الشيوعي/المكتب السياسي، سابقاً، يتزعمه المعارض الأبرز (رياض الترك)- (صبرا) يرأس (المجلس الوطني السوري) ،الكتلة الرئيسية في (الاتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة).في كلمة له في افتتاح (المجلس الاسلامي السوري) أكد صبرا على إخفاق المعارضة وانتكاسة “الثورة السورية”. الإحباط وخيبات الأمل، دفعا بـ(جورج صبرا) ليكون(كالمستجير من الرمضاء بالنار). صبرا ، في كلمة له أمام المجلس الإسلامي السوري، قال ” المطلوب من المجلس الإسلامي إيجاد قيادة بديلة للثورة السورية ،بعد أن أخفقت الثورة في أن تصنع قيادة لها” . واعتبر صبرا “المجلس الإسلاميالسوري واحدة من ثمرات الثورة” ، تمنى عليه أن يكون ” مظلة للوطنية السورية” . “المظلة التي تنبت القيادة السورية الجديدة” و تعمل على “توحيد واستقلاليةالقرار الوطني السوري”. رغم أنه مسيحي وماركسي، صبرا اعتبر نفسه “جزءاً من المجلس الاسلامي السوري”. عن أزمات وتخبطات (الاتلاف الوطني المعارض) -الجسم السياسي الرئيس في الهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة عن مؤتمر رياض للمعارضات السورية(كانون الأول 2015)- قال، المعارض(ميشيل كيلو) في لقاء له (10 شباط 2016) مع موقع(السورية نت): ” عندنا وفرة من الخلافات والتناقضاتالتي تتفجر قبل كل انتخابات رئاسية، علماً بأن الرئيس المنتخب نادراً ما يلتزمبنظام الائتلاف الداخلي، ويتصرف غالباً بطرق تتجاهل الآخرين يعمل من خلالها مايحلو له، فإذا تذكرنا الفوضى السياسية والعسكرية التي أدمناها وواصلنا سلبيتناحيال التصعيد الدولي ضد الثورة السورية، وجدنا أن من المستحيل تحقيق أيةنتائج إيجابية لقضيتنا”. المعارض القبلي (أحمد جربا)، من المجموعة المحسوبةعلى (السعودية)، تزعم المشهد السياسي للمعارضة، فترة تراسه الاتلاف، في كلمة لهامام (ممثلي الدول الصديقة للشعب السوري- صديقة المعارضة) قال الجربا “الزمنالسوري بات من دم”. الجربا طالب بـ”التدخل العسكري الخارجي المباشر والسريعلإسقاط الطاغية بشار ووضع حد لسفك الدم السوري”.. اليوم المعارض القبلي بات يرى “الزمن السوري زمن الفردوس الأسدي”. بعد أن يئس الجربا من إسقاط النظام ورحيل رئيسه(بشار الاسد) ، أنقلب على رفاقه “الثوار” في الاتلاف وعاد كـ”معارض “الى أحضان النظام. الجربا، أسّس “تيار الغد السوري”. توصل الى تفاهم مع ما يسمى ب”الإدارة الذاتية الكردية”. شكل ميليشيا عربية (قوات النخبة السورية) تقاتل اليوم الى جانب جيش النظام و قوات سوريا الديمقراطية المقادة كردياً فيمعارك الرقة و ديرالزور. ذات الأمر، بالنسبة للمعارض القبلي، الشيخ (نوافالبشير)، الذي قاتلت “ميلشياته العشائرية” في رأس العين الى جانب “جبهةالنصرة”، ضد (قوات النظام والقوات الكردية). “جبهة النصرة” وهي تنظيم إسلامي متطرف يعتبر جزء من تنظيم القاعدة ، أشاد بها وبنضالها، ميشيل كيلووجورج صبرا وغيرهم من المعارضين واعتبروها “جزء من الثورة السورية” . اليومميليشيات البشير تقاتل فصائل الجيش الحر و النصرة و داعش الى جانب قواتالنظام. ما نريد الوصول اليه، أن تفاقم أزمات المعارضات السورية، هو نتاج أخطائها القاتلة وسياساتها الحمقاء ورهاناتها الخاسرة. “عسكرة الثورة” وحمل السلاحتحت شعار ” الدفاع عن الثورة والثوار” و دخول مسلحي المعارضة المناطق السكنيةفي المدن والبلدات السورية تحت شعار” تحريرها من الاحتلال الاسدي” ثم رهانهاعلى الخارج ودعوتها لهذا الخارج للتدخل عسكريا في سوريا تحت شعار” إسقاطالدكتاتورية وإنقاذ الشعب”، أعطت الذريعة للنظام وحلفاءه لتدمير سوريا وتهجيروتشريد أكثر من نصف السوريين. بمعنى آخر ، أن المعارضة أو المعارضات السورية، هي شريكة مع النظام في الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، وهي مسؤولة معه عن الجحيم الذي انزلقت اليه البلاد . الى تاريخه ، لا يبدو أن المعارضات السورية استفادت من أخطائها ولا هي بوارد تقييم عملها وإعادة النظر بمقاربتها للأزمة أو بالحرى للكارثة الوطنية السورية . فرغم “تطييف” الصراع في سوريا ودخول قوى إقليمية ودولية على خط هذا الصراع، المعارضات ما زالت تتعاطى وتتعامل مع ماتشهده البلاد على أنها “ثورة وطنية ديمقراطية ” على العالم أجمع دعمها ونصرتها حتى النهاية، فيما الحقيقة، أنها لم تعد “ثورة”. ما يجري في سوريا هو “حربداخلية “ذات بعد طائفي مذهبي عرقي” ، في جزء منها “حرب إقليمية دولية”، علىمن يجب أن يحكم سوريا، ومن خلالها ، منطقة الشرق الأدنى”.

من المقرر أن ينعقد (مؤتمر رياض2) في 15 آب الجاري، للهيئة العليا للمفاوضات بمشاركة مختلف تيارات وتشكيلات ومنصات المعارضات السورية في الداخل والخارج. يهدف المؤتمر الى توحيد المعارضات المتشرذمة والخروج بوفد موحد للتفاوض مع وفد النظام في الجولات القادمة من مفاوضات جنيف ، الخاصة بالبحث عن “حل سياسي” للمعضلة السورية. ‎وفق مصادر من داخل (الهيئة العلياللمفاوضات)،أن وزير الخارجية السعودي(عادل الجبير) أبلغ رئيس الهيئة (رياضحجاب) بـ”ضرورة الخروج برؤية جديدة للمعارضة تتماشى مع الوقائع على الأرضوالوضع الدولي الجديد”، محذرا من أنه في حال عدم وجود هذه الرؤية “فإن الدولالعظمى قد تبحث عن حل للأزمة السورية من دون المعارضة”. مشاركة منصتي موسكو والقاهرة وربما منصة الأستانة والمعارضات العربية القبلية( أحمد الجربا ونواف البشير)، في وفد التفاوض، سيزيد وضع المعارضات تعقيداً وتأزماً، أياً يكن الاطار الجديد للمعارضات، الذي سينبثق عن مؤتمر رياض2 . فكما هو معلوم، أنمنصات (القاهرة وموسكو والآستانة ) هي ليست بمعارضات حقيقية للنظام، أنها (معارضات مصطنعة من قبل النظام وحلفاءه)، الوصف الدقيق لها( معارضات موالية). أنها ترفض، حتى مناقشة “رحيل بشار الاسد” لا في المرحلة الانتقالية ولا الدائمة. انضمام هذه المنصات المصطنعة الى منصة الرياض، سيكون بمثابة ” المسمار الأخير في نعش الثورة السورية”.

سليمان يوسف يوسف… كاتب سوري

shuosin@gmail.com

المصدر ايلاف

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.