عجائب الأختام السبعة و سكوت فى السماء؟ رؤ7و8

 – كان كلما فتح الخروف ختماً من الأختام السبعة يسمع يوحنا الرائي صوتاً يدعوه للتقرب و التأمل(هلم و أنظر) -هلم – هى دعوة للإقتراب من فكر المسيح الذى به وحده يدرك ما يراه من أختام مع أنها مفتوحة و -أنظر- هي دعوة للتأمل أي الإتكال على الروح القدس فى الرؤيا.منذ ألفى عام خرج المسيح له المجد إلى العالم في معركته الأولي غلب و منح نفسه لنا سر الغلبة على إبليس و صار حصن حماية لمن يقبلوه . الآن يخرج ثانية في الرؤيا الأخيرة مع الختم الأول يخرج ليدير المعركة الأخيرة ضد نفس العدو بعد أن إنحل من قيوده الغالب بالفداء بإتضاعه خرج في الرؤياغالباً و لكي يغلب بجبروته .خروج المسيح في الختم الأول يجعل المخاوف من الأختام الستة التالية كلا شيء كما جعل النار كالنسيم حين صار مع الثلاثة فتية فى الأتون. قبل كل الأختام خرج المسيح لما إنفتح الختم الأول خروج من يؤكد لشعبه ها أنا معكم كل الأيام (و إلي إنقضاء الدهر) و ها هو الإنقضاء يوشك أن يتم..خرج الفارس راكب الفرس الأبيض فما دام جبار البأس قد خرج إلينا لا يهمنا ماذا تحمل بقية الأختام.
– يدرك يوحنا أن الفرس الأبيض هو فرس المسيح الذى ركبه للمرة الأولى.لأنه على الأرض جاء وديعاً يركب الأتان و الجحش سواء عند هروبه إلى مصر أو عند دخوله أورشليم الأرضية.فقد إسترد الوديع مجده و إمتطى فرسه الأبيض.لا تنازل عن المجد فى السماء.الآن ربط يوحنا اللون الأبيض بكل ما هو للمسيح و للمجد. الآن يستوعب يوحنا ما كتبه بنفسه عن الحقول أنها إبيضت للحصاد يو4: 35 أبيضت أى تظللت بمجد المسيح و سيرى هذا الحصاد في الختمين الخامس و السابع يستنيرون من مجد المسيح الكثير و من دمه الأحمر ينالون بياضاً سمائياً.الآن يدرك لماذا البحر الزجاجى قدام العرش أيضاً أبيض نقي شفاف بللوري لأنه إنسكاب المجد من عرش الله. لذلك رآه أولاً شعره أبيض كالصوف النقى رؤ1: 14 ليتأكد أنه هو نفسه من رآه من قبل متجلياً على جبل طابور و كانت ثيابه سمائية بيضاء كالثلج مت 28: 3 هذا المشهد السماوي لملك المجد النقي هو أحد دلائل المراحم الأبدية التي تحسم نهاية الأوجاع.هذا هو الختم الأجمل الختم الأول.المسيح ملك المجد يعلن عن شخصه.
– عجيب و حنون أمر مخلصنا و مراحمه معنا مؤكدة.فنجده في الختم الأول يمنح يوحنا الحبيب الرؤية و السمع لأنه يستمتع برؤية حبيبه المخلص.أما عند فتح الأختام الثلاثة التالية التي فيها مخاوف و ضربات نجده يكتفي بأن يجعل يوحنا يسمع فقط عن خروج الملاك المكلف بتنفيذ الضربة دون أن يشاهد شيئاً من آلامها الرهيبة.إنه يشفق علينا.كلنا سنكون مثل يوحنا الرائي لو عشنا ذلك اليوم بنفس إيماننا و محبتنا للمسيح.سنسمع عن الأهوال دون أن نعيشها.ستكون في آذاننا كالأخبار تعبر علينا دون أن تعصف بنا. هكذا الأختام الثانى و الثالث و الرابع لم ير منهم يوحنا شيئاً بل فقط سمع عن تكليف الملاك بما عليه فعله.
– يعود فى الختم الخامس و يعطي الروح ليوحنا أن يري فيري أرواح الشهداء ساكنون فى القدسات تحت المذبح.و هى مشهد عجيب.فالمذبح عليه المسيح كما نعرفه هنا .و الشهداء تحته لأنهم الطغمة الأقرب للمسيح.يوحنا رآى حينها أخوته التلاميذ جميعهم و بولس معهم و بعض الرسل تحت المذبح فإستراحت روحه . رآهم و لا أدري هل تخاطبوا؟ هل سأله السمائيون عن أحوالنا و عن الإيمان علي الأرض؟ تعزى القديس إذ رأى بعضاً ممن خدمهم تحت المذبح .التعزيات تسبق الأوجاع فتصير قدامنا كذكرى. إنظروا حنان الله كيف ينتقي ليوحنا ما يراه و كيف يحجب عنه ما لا يحتمل إذا رآه. هكذا معنا سيتحنن.
– أما الختم السادس فله قسمان فى الجزء الأول الصعب لم يذكر يوحنا أنه رأي و لا سمع.فهو خاص بالزلزلة العظيمة.لعله أحسها فلم يكن محتاج لرؤيتها.لأنه ما زال في الجسد لم يفارقه لكن سلطان الجسد فقط هو الذى تلاشى في الرؤيا.لم ير يوحنا الرائي شيئاً من القسم الأول لأحداث الختم السادس .بل إكتفي بوصف بإرشاد الروح القدس لأنه كان مشهداً لا يريد المسيح لحبيبه أن يتألم برؤيته.لكن لما جائت المرحلة الأخري للختم السادس التي فيها أمور معزية يقول يوحنا (رأيت ملائكة) و سمع صوت عظيم ينادي (هذا صوت المسيح) هنا عادت ليوحنا الرؤية لأن المشهد معزي.فها هو يدرك أن شعب المسيح ما أكثره.لذلك أمر المسيح أربعة الملائكة أن يمنعوا الرياح المدمرة من الهبوب حتي يتم ختم عبيد الله علي جباههم فيكونون محصنين مما سيأت على الأرض.
– لأجلنا كي نخلص و لأجل المختارين كي لا يهلكوا قبض الريح المدمرة حتي يعضد عبيده بقوة خاصة من روحه القدوس بختمهم.لو كنا من المختومين علي جباهنا فلن يأت في عقولنا مخاوف بل تمجيدات. ماذا يخيفنا و الأمر الإلهي واضح .أمسكوا الرياح حتي يتم تحصين شعبي من أى أذى.ما أجمل مراحمك الدائمة الأبدية.رعايتك و إهتمامك في خضم الأحداث المهولة تتلألأ قدامنا وسط الأوجاع فلا يصيبنا منها شيء بل تكون أفراح مجيئك بالتسابيح شغلنا الشاغل.ها هم المختومين من جميع الأسباط.لم يترك الله نفسه بلا شاهد من كل سبط.يتعامل مع كل نفس و يربح لمن يريدون خلاص نفوسهم لا ينس أحداً.
– بدأ الأمر بعدد محدد من كل سبط ثم بإنهمار النعمة على الأمم جاءوا للمسيح من كل أمة و قبيلة و لسان و شعب فما عادت حتي الملائكة تحصي بالعدد بل يقودها الروح لتختم من يستحق الختم الأبدى.فصار يوحنا يستمتع برؤية المفديين من كل العالم.ها مسيحنا غالب في هؤلاء.كان يناديهم القطيع الصغير بمقاييس الأرض و الآن نشاهدهم بلا حصر في السماء من الكثرة.إطمئنوا مع أن الباب ضيق إلا أن الذي يخلصون أكثر من كل أرقام العالم . حتى أن الأمر تطلب إنتظاراً دام نصف ساعة بتوقيت السماء و هى قد تكون آلاف الأيام عندنا أو مئات الآلاف لا أدرى.لكنها كانت فرصة لمن يشاهد عبيد الله واضعين رؤوسهم و قلوبهم تحت أيدي الملائكة ليختمونهم فيلتهب قلب البعض بالتوبة.و يشتاق البعض لنفس النعمة. كل هؤلاء سيبيضون ثيابهم في دم الخروف.تبييض الثياب أى الأجساد بالإتحاد بدم المسيح فيغتسل القلب و تغمرنا المراحم الأبدية.ليس من طريق لحبيبي الأبيض راكب الفرس الأبيض إلا أن أقبل حبيبي الأحمر المخضب بالدماء علي الصليب. كثرة المختونين كان بشارة لغير المختونين لعلهم يسعون فيدركون ما مات المسيح ليحققه لهم فيكونون كأصحاب الساعة الحادية عشرة.
– مدهشة و محيرة و سمائية هذه العبارة (حدث سكوت في السماء نحو نصف ساعة)رؤ8.لم يكن منذ الأزل سكوت في السماء.فقبل الوجود كان الثالوث يتواصل بلغته اللاهوتية و هو دائما يتواصل دونما إنقطاع و يعلن لنا الكثير مما بين الأقانيم .أما نصف الساعة السكوت فهي إخفاء تام عن كل الوجود بما يرتبه الثالوث الأقدس معلنا إياه مع الأبواق السبعة. سكتت كل السمائيين و سكت يوحنا و هل يجرؤ علي الكلام وسط هذا السكوت.سكتت الأحداث.هذا السكوت فاصل سماوي بين أحداث الأختام السبعة و أحداث الأبواق السبعة.إذا لم يصدر أمر فلا حركة أو فعل في السماء.فالملائكة هم الفاعلون أمره عند سماع صوت كلمته و ها صوته قد سكن قليلاً و لم يأمرهم إلا بالسكوت.هذا السكون جاء ممن قال (لانه هكذا قال السيد الرب قدوس اسرائيل.بالرجوع والسكون تخلصون.بالهدوء والطمانينة تكون قوتكم.فلم تشاءوا)إش 30: 15.الذى سكن الريح الآن يسكن الملائكة فهم كالريح أيضاً في يده.مر4: 39.هذا سكون للخلاص لمن يريد أن يربح الفرصة الأخيرة .هو سكوت مريح لمن يشاء الخلاص و مخيف لمن يبدد فرصته الأخيرة.
– كان السكون فرصة جديدة للإستفادة من صبر الله و طول أناته حتي عند النهاية.فنصف ساعة سماوية كافية للغاية لتوبة الملايين و قدامنا اللص الذى تاب في ثوان أو دقائق.و قدامنا فى التاريخ شهداء و قديسين و قديسات كانت اللحظات تكفيهم ليستمتعوا بالخلاص.السماء سكتت نصف ساعة لأول و لآخر مرة في الوجود.هذا هو السكوت السماوي الفريد لكن ما دام سيجتذب نفوساً للغالب فلتسكت السماء.لم يعد هناك كلاماً للتبكيت أو للتعليم فهذا كله إكتمل على الأرض فصمتت السماء لأجل القريبين من الخلاص ليدركوا أن الباب موشك على الإغلاق فيسرعوا حتي ينالوا الجعالة قبل النهاية.
– قد يرانا الله مضبوطين في خطايانا و مع هذا تسكت السماء خصيصاً لي أو لك فتعال نتشجع و ننطرح قدام راكب الفرس الأبيض.كما إنطرح التلاميذ عند التجلي.فلنعلن له أننا غير مستحقين لكننا غير مستعدين للحياة بدونه في الأبدية. و نحسب سكوت الله ربحاً و طول أناته للخلاص.إذا سكتت السماء عن شر فلا تحسب أنها راضية.هي فقط صابرة لعلنا نستفيق.لقد صمت المسيح له المجد طويلاً عند الصليب لكي يخلصنا و ها هو يسكت السماء كلها لكي يخلصنا أيضاً فالسكوت أحد مراحم الأبدية.
– نصف ساعة من الصمت تساوى ما لا يحصي من فرص الخلاص.فلما كان الإيمان في بدايته قال بولس الرسول اليوم يوم مقبول .كان يوم ثم صار ساعة .هوذا الساعة ساعة خلاص و إذ صار االزمن موشك على نهايته صارت الساعة نصف ساعة, نصف ساعة من السكوت .بالكلام يخلص و بالسكوت يرجوالخلاص للكل . الخلاص يكفيه أقل من هذا الوقت لكن سخاء الرب الذى يريد أن الجميع يخلصون يجعله يؤجل الضربات كما أطال أناته قبل الطوفان.فتعالوا لندخل سفينة النجاة مسيحنا القدوس الذى يبحر بنا بسلام إلى المدينة السمائية هناك نرى راكب الفرس الأبيض مبتهجاً بأننا فيه وحده غلبنا و نلنا الأبدية في حضنه.
#Oliver_the_writer

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.