الفرق بين الصحافة الموضوعية والرأي الشخصي هو كالفرق بين الانجيل ومجلات السكس

 يحكى أن طائرات ايرانية نقلت موادا غذائية لقطر… ابشروا….شبعت قطر طالما ايران ستزودها بالطعام! وشبعت “خير” أمة اُخرجت للناس بهدلة ومهازل!!!


لا أعرف ـ ولا أظن أحدا يعرف ـ ماذا يجري في قطر، ولا أريد أن اعرف. أولا لأنني لا أتمنى الشر لنملة، فما بالك وقطر تعج ببشر فيهم الصالح والطالح، ولقد زرت قطر مرتين واستمتعت خلالهما، ولي بها أحبة! لا أريد لقطر أي شر، لأننا غرقنا في بحار من الشرور، وشبعا قهرا وموتا ودماءا! لكن الكل يعرف، وإن كان لايعترف، الدور الذي لعبته قطر فيما جرى ويجري في المنطقة، وتحديدا في تدمير سوريا! وأنا اؤمن بأن للدول “كارما” كما للأشخاص، وبأن قانون الكارما الكوني يتجسّد في المثل الشعبي الذي طالما سمعناه “بشر القاتل بالقتل وديار الظالمين ـ ولو بعد حين ـ خراب!
….
عندما تسقط دول كسوريا، يبقى هناك بعض الأمل من أنها ستنهض، فلسوريا تاريخ ضارب في العمق وثقافة ومقومات دولة! أما عندما تسقط كيانات هشة، أقيمت فقط لتلعب دورا ما، سيكون سقوطها مريعا ودون أمل في أن ترجع!
…….
أعتقد أن الدور القطري بدأ مع ولادة قناة الجزيرة، وستنتهي تلك القناة طالما انتهى هذا الدور… والذي عزز اعتقادي هذا وجعلني أكثر تمسكا به مقابلة قرأتها اليوم مع
Richard Stengel،
رئيس تحرير سابق لمجلة الـ
Time
الأمريكية صحفي وكاتب ومحلل سياسي، وكان يشتغل في حكومة أوباما. كان موضوع المقابلة “قضية قطر”.
يجب أن تقرأ ما بين سطور المقابلة لأنه الأوضح والأصدق! لم أحصل على الكثير من المعلومات من خلال المقابلة، فأجوبته كانت مبهمة للغاية. أعتقد أن أصح ماجاء في تلك المقابلة عبارته الاولى “قضية معقدة”! وكذلك جوابه على سؤال عن دور قناة الجزيرة: نعم لها دور كبير! لم يعجبني شرحه لهذا الدور إذ قال بما معناه: (استفردت قناة الجزيرة بالتعبير عن صوت المضطهدين والمظلومين من السنة، مما أثار غيرة السعودية والدول التي تقف معها)! هل يعقل أن موقف السعودية والدول المؤازرة لها مبنيّ فقط على مجرد غيرة؟؟؟؟ اليوم أوقفت شركة
Cosco
للشحن، وهي شركة صينية، ومن أكبر شركات الشحن في العالم، أوقفت رحلاتها إلى قطر، ويريدني السيد ستنجيل، أن أصدقه من أن سبب “المشكلة القطرية” هو مجرد غيرة السعودية من قطر، وليس قرارا دوليّا في سياق محاربة الإرهاب الإسلامي!!
……
لست هنا لأشرح دور قناة الجزيرة، لكنني ومن وحي تجربتي الشخصية، لا بد أن أعرج على برنامج “الإتجاه المعاكس” لفيصل القاسم. ليس لدي شك أن السيد القاسم قد لعب الدور الأكثر سميّة في تأجيج سعير الحقد الطائفي في سوريا، وهو دور لا يلعبه صحفي شريف وملتزم بأخلاقيات المهنة، مهما كان مضطرا! هذا اذا استثنيا أحمد منصور، باعتباره مسلم أزهري واخونجي ونستطيع أن نتفهم موقفه ومنبع حقده. قد يحتج علي أحد بقوله: ولكن كل صحفي في أي بلد في العالم يجب أن يلتزم بخط سير الجهة التي يشتغل لها! هذا صحيح، لكن القاسم التزم بهذا الخط بطريقة قبيحة جدا، مبالغ فيها جدا، ومفضوحة جدا جدا… حاول من خلالها أن يثبت أنه ملكيّ أكثر من الملك! خلال ثلاث مقابلات أجراها معي، كان يصلي على محمد في كل مرّة يصلي عليه الضيف المعاكس، وكان ينهرني في الدقائق القليلة التي أعطاني اياها… هذا هو مفهوم “الحياد” الصحفي في أخلاقيات القاسم. لا أتصور أن المسؤولين عن قناة الجزيرة رسموا له هذا الدور بحذافيره، لكنها المبالغة في الطاعة والولاء! كذلك كان دوره في الحرب السورية، دورا رذيلا وخبيثا ومبالغا فيه، لم يضمد من خلاله جرحا، بل بالعكس فتح آلاف الجروح!!!
…….
المبدأ الثابت في السياسية هو: ما يرفعك اليوم قد يهبط بك غدا! واليوم، لن أستغرب إذا سمعت أن القاسم يدافع عن ايران، أو أنه التحق بحزب الله، من يدري؟؟؟ في الكوارث، على الإنسان الذي يكون تحت بقعة الضوء، بمعنى أن يكون في الساحة البصرية لعيون كل المجتمع، عليه أن يلتزم بالمواقف التي تنبع من القيم الأخلاقية، وعليه أن يكون قادرا على رؤية الصورة كاملة، لأن تلك المواقف هي وحدها التي تحميه من السقوط. ولذلك، سقط القاسم!
أحد أكبر الصحفيين في تاريخ أمريكا
Walter Cronkite،
قال يوما: “الفرق بين الصحافة الموضوعية والرأي الشخصي هو كالفرق بين الانجيل ومجلات السكس”
وسواء آمنت بالانجيل أم لم تؤمن، عندما تستمع إلى الشريط المرفق لهذا البوست تدرك “من منطلق أخلاقي ووجداني” أن القاسم ومن خلاله دوره في الجزيرة لم يكن إلا عاهرا مقابل أجر متفق عليه!
…….
كل شيء قد يُباع ويشترى إلا الكلمة، فيجب أن تبقى نقيّة وطاهرة، لأنها في النهاية تعكس حقيقتنا! وعندما يساوم عليها صاحبها يصبح مجرد نخّاس، ويفقد مصداقيته وثقة الناس به، خصوصا عندما يملك صاحبها منبرا يصغي اليه الملايين، وخصوصا عندما يتطلب الواقع تضميدا للجروح وليس المزيد من النزيف!
…..
من كل قلبي كسورية مجروحة حتى العمق، أحاول أن أتجاوز غضبي وكل آلامي، وأتمنى لقطر كل الخير، فلقد شبعنا ـ حتى التخمة ـ ألما ودماءا، والشتماتة ليست من شيم العقلاء!!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.