حوار سوري في المغترب

دعيت في بلاد الغربة إلى وليمة إفطار رمضانية حضرها عدة أشخاص سوريون ذوو اتجاهات سياسية مختلفة وينتمون إلى ديانات ومذاهب مختلفة. وبعد تناول الطعام دار حوار شبه شفاف حول الأوضاع في سورية، أحببت أن أطلع أصدقائي عليه:
بادر الدكتور عمر بالقول: نحمد الله على ما نحن فيه من أمان…وألله يكون بعون أهلنا إللي بقيو في سورية…وألله يسهل أمور من هم في المخيمات.
قال سالم الحلبي: لأ خيو لأ.. أنا صامد في الوطن وزيارتي هي لأولادي في المغترب هي من أجل إجراء عملية جراحية حساسة وسأعود بعدها إلى حلب.
رد الدكتور عمر بنبرة عالية نسبياً: دكتور سالم … ما بتظن كلمة صامد تقيلة شوي؟ انت هيك بطريقة غير مباشرة عبتسمي أمثالي بالمنهزمين لإننا فررنا بروحنا من الوطن تجنباً للعنف والنفاق وقلة الأمان والغلاء…وثق تماماً أننا سنعود بعد أن تستقر أمور الوطن…ألم يقل رب العالمين “لاتلقوا بأنفسكم إلى التهلكة”…ألم يهاجر سيدنا محمد عندما اشتد عليه الخطر في مكة المكرمة؟ يعني لازم أجلس تحت القصف أنتظر القنبلة التي ستقتلني…أو أنتظر هاتفاً يطالبني بفدية مقابل الإفراج عن إبني؟
سالم: حقك دكتور حقك…كل واحد إلو ظرفو الخاص… بس خيو أنا مستعد أستحمل الخطر مقابل جلسات شرب القهوة كل صباح تحت الياسمينة في جنينة بيتي…خيو بيتك وطنك.
دكتور عمر: طالما عبتحكي هيك ليش ما بتحكي كامل الحكاية…ليش ما بتقول إنت من أربعين سنة مستأجر بيتك من جماعة وهلق انت مستعصي فيه وعمتستغل قانون جائر سمح لك بأن تصبح وكأنك المالك مقابل ما تعطيه لمالكه الأصلي من أجر رمزي…ليش ما بتقول إنت بقيان في سورية حارساً لذلك المنزل من مالكه الأصلي الذي قد يعمد بمساعدة بعض الشبيحة، إلى استرداد بيته.
تدخل صاحب الدعوة لتهدئة الحوار: إي دكتور … إشبك فلتت فرد فلتة عل زلمة؟ مو انت من دعاة حرية الرأي!
الدكتور عمر: نعم أنا من دعاة حرية الرأي…بس رجاءً ما حدا يبيض علي.
ذكرني ذلك الحوار بالطرفة التراثية التالية:
تجمّع عدة أشخاص على ضفة أحد الأنهار يراقبون طفلاً عالقاً في دوامة مائية قريبة من تلك الضفة التي تعلو سطح النهر بحوالي سبعة أمتار. كان ذلك الطفل يحاول الخروج من النهر ولكن دون جدوى وبدت على المشهد علائم غرق ذلك الطفل حيث صار يطفو فوق سطح الماء لحوالي نصف دقيقة ثم يغطس لمدة دقيقة أودقيقتين. صار المتجمعون ينظرون إلى بعضهم البعض نظرات شحذ همة من يستطيع المساعدة.
وفجأة قفز شخص في النهر قرب الطفل فتعلق به الطفل. استطاع ذلك الشخص وبصعوبة، السباحة بعيداً عن الدوامة نحو مكان من الضفة قليل الإرتفاع يسهل عنده الخروج من النهر. وبذا أنقذ حياة الطفل.
جرى الأشخاص المتجمعون نحو مكان خروج ذلك الشخص والطفل وأصبحوا يكيلون مدائح الشجاعة والشهامة على ذلك الشخص. وقبل ان يتاح له فرصة صياغة ردود زائفة صاح غاضباً:
لابد أن يأتي يوم أعرف فيه ذلك الإنسان الحقير الذي دفعني نحو النهر (إلا ما يجي يوم أعرف فيه مين هل ابن الكلب إللي دفشني).

About أحمد أديب شعار

الدكتور المهندس أحمد أديب شعار .. عاشق تراث حلب...له اهتمامات أدبية... سولزبري
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.