فمتى يفيق حراس الوطن الحقيقيون ليحرقوا جراده؟؟؟؟

عادت بي الذاكرة صباح اليوم قرابة ثلاثين عاما إلى الوراء… كنت طبيبة في المشفى الوطني في مدنية اللاذقية، وكانت داخل المشفى حضانة لأطفال الطبيبات والممرضات. أحد الأيام اجتمعنا بمدير المشفى لطرح بعض المشكلات التي تواجه الحضانة.
مدير المشفى كان بالأصل ـ رجلا أميّا ويشتغل في المشفى نفسه كعامل مقسم ـ ولكن قريبه المسؤول االكبير نقله في ليلة واحدة من عامل مقسم إلى مدير مشفى!
خلال الاجتماع طرحتُ مشكلة الاسهالات الانتانية التي يصاب بها الاطفال دوما بسبب سوء تعقيم زجاجات الحليب، واقترحت أن يشتري المشفى معقما كهربائيا، كان يومها متوفرا بالاسواق ويتسع لعشرة زجاجات! لم أكد أنهي عباراتي حتى نفصت شروش رقبته وبحلق فيّ، ثم عصفني بخطبة عصماء، شبيهة إلى حد ما بخطبة الحجاج!
ـ يا دكتورة، سوريا تواجه اكبر حملة مقاطعة اقتصادية في التاريخ، بسبب صمودها وتصديها للعدو الصهيوني، وبسبب مواقف القائد الوطنية وسياسته الحكيمة!!!
وتابع يقول: فعلا أنكم جيل مدلل، كانت امهاتنا تسقينا من مياه المزاريب، واليوم تريدون معقمات كهربائية؟؟!
أخفضت رأسي بين يدي وخرست وأنا أرتجف خوفا، بينما لسان حالي يقول: يا أولاد الأفاعي، كانت امهاتكم تركب الحمير، واليوم تركبون رقابنا وسيارات المارسيدس! هذا النمط من الجراثيم، لم يعشعش في زجاجات الحليب لأطفالنا وحسب، وإنما عشعش في البنية التحتية والفوقية والوسطية للوطن حتى قضى عليه وعلينا!
…….
بوستي السابق كان عن الله… صببت ما اشعر به على صفحتي، وكان شفافا وروحانيا… لم أتطرق من خلاله إلى أي موقف سياسي، ومع هذا أبى أحد جرذان السلطة إلا أن يدفش ذيله في ثقب أصغر من هذا الذيل بكثير!
طبعا أقول: أحد جرذان السلطة، وليس أحد افرادها، لأن أفرادها مشغولون عن الفيس بوك بالسرقات والنهب ونهش ما تبقى من جيفة الوطن، بينما شلة من الجرذان التي تعيش على ما يُرمى لها من فتات، تقوم بمهمة “البصبصة” وكتابة التقارير المخابراتية، والزود عن حياض “المزرعة الجرثومية”!! نعم، تزود عن حياض تلك المزرعة بما تملكه من بذاءة اللسان وقلة الأدب، ليس إلا!!!
……
المهم، لم تكن المرة الأولى التي يتسلل فيها هذا الجرذ إلى صفحتي، فهو كل شهر أو شهرين يفعلها ليثبت لأسياده أنه مخلص حتى نقي عظمه… تحاشيته أكثر من مرة عملا بالنصيحة المعروفة “داروا سفهائكم”! لكنني في البوست السابق خبطته بفردة حذائي على جبهته تاركة عليها علامة كبيرة تزيد من سعره في سوق النخاسة!!! خبطته لأنه ضرط وفرّ هاربا تاركا وراءه رائحته الكريهة، آملا أن يفوز ببعض فتات الموائد التي تُلقى له. خبطته ثم تناسيته…..
…….
حتى تاريخ هذا الصباح، إذ تفاجئت برسالة أتتني من صديق فيسبوكي عزيز علي، يقول فيها: عزيزتي الدكتورة وفاء:
(عبود شماس Abod Shammas
رجل أعرفه تماما فهو ابن بلدتي، من أخبث وأرذل عباد الله يبيع أمه بعشر ليرات سوري فما بالك بوطنه منتفع ومتملق ويعيش على النفاق واللف والدوران لا تنزلي الى مستواه حتى لا ترفعيه الى مستواك)
…….
شكرت صديقي على نصيحته، علما أنني لم أكن بحاجة إليها لأنني أعرف تماما حقيقة هؤلاء الطفيليين المنتفعين، ولدينا في المهجر من أمثالهم الكثيرون…. عندما أمرّ على صفحاتهم أكاد أتقيأ من حجم نفاقهم ودجلهم، وخصوصا أنني أعرفهم وأعرف الكثير من تفاصيل حياتهم! مع هذا تبادلت وصديقي هذا عدة رسائل لاحقة، قال لي في إحداها: كان عبود شماس يتحدث مرة مع شخص آخر، فقال له: معزوم اليوم على عشاء مع فلان الفلاني،
فسأله الشخص: من هو هذا الفلان الفلاني؟؟
فقهقها عبود قائلا: ولاك اسكت انه شبيح كبير!!!!
وعبود الشماس في تعليقه على بوستي السابق يهاجمني لأنني نعت البعض بالشبيحة!!! فتصوروا ـ يارعاكم الله ـ من يدافع عن الوطن؟؟؟؟ زنادقة….منافقون…دجالون….ولصوص!!! بينما خيرة شبابنا وأكثرهم فقرا يموتون بأبخس الأثمان…. يعطيهم عبود الشماس وأمثاله شيكا بمبلغ “شهيد”!!!
….
يتابع صديقي الفيسبوكي شارحا رذائل هذا الجرذ: اتصل شخص بعبود شماس
(Abod Shammas)
وطلب منه ان يشارك في جمعية خيرية تعتني بأطفال ضحايا الحرب. بعد الاتصال قطع عبود الشماس تواصله مع هذا الشخص وتجاهل كل محاولاته للتواصل معه! هذا هو عبود شماس، صورة طبق الأصل عن مدير المشفى الوطني منذ ثلاثين عاما، وعن آلاف الجراثيم المماثلة التي تنتعش على حساب فقراء الوطن وعذابات الأمهات..
يحاول عبود ـ وله من اسمه نصيب ـ أن ينهش فردة حذائي ليثبت دفاعه المستميت عن سلطة ـ صار خزقها أكبر من خرقها ـ أملا ببعض الفتات! يدافع عن سلطة تلقي لعساكر جيشها ـ الذين زجتها في حرب لا ناقة لهم بها ولا بعير ـ بطاطا مزرقة كشفاه الميت أملا في أن تحافظ على رمقهم ماداموا يدافعون عنها، بينما ترمي ملايين الليرات السورية لترميم كرخانة الجامع الأموي!
انهم كالجراد يتوالدون كل يوم، ولا يجيدون إلا نهش الأخضر وحرق اليابس!!! ويجيدون شيئا آخر… يجيدونه بمهارة…
إنه النفاق!
فمتى يفيق حراس الوطن الحقيقيون ليحرقوا جراده؟؟؟؟

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.