” من يوميات شعب محاصر “

يارب ترجع البسمة لاطفال سوريا

سارة..
سارة
سارة
بنت نحيلة عمرها 11 سنة.. كانت تمر كل يوم على بيت بطرف الحارة فيه جنينة كبيرة استغلها صاحبها لزراعة بعض الخضروات في زمن الحصار الطويل.. كانت تحمل بإيدها كيس نايلون عتيق وتقول لصاحب البيت ” عمو.. معي ملوخية خضرا بالكيس.. بتاخدن وبتعطيني بدالن حبتين بندورة وخيارة ؟؟ “..

الرجل كان يفتح الكيس ويضحك ” والله مشتهي الملوخية وإلي زمان ماأكلتها.. موافق.. فوتي عمي واقطفي البندورة والخيار “.. وكان يراقب البنت وهي تقطف بفرح وتكتفي فقط بما طلبته.. حبتين بندورة وحبة خيار..

يوم تاني.. إجت سارة حاملة الكيس وقالت لصاحب البيت ” معي سبانخ بالكيس.. بتاخدن وبتعطيني بدالن حبتين بندورة وخيارة ؟؟ “.. يضحك الرجل وهو يفتح الكيس ويجيبها.. ” موافق.. أنا بموت بالسبانخ “..

يوم بعد يوم كان الرجل ينتظر سارة ليتم عملية المبادلة الرابحة ” سلق, خبيزة, ورق عنب وغيرها من أنواع الخضروات مقابل حبتين بندورة وخيارة “..

انقطعت سارة عن الزيارة لأكثر من أسبوع فبدأ الرجل يسأل أهل الحارة عن البنت ويعطيهم أوصافها ليستدل على بيتها ويتطمن عليها.. بعد جهد استدل إلى البيت وخبروه الجيران إنو هاد البيت ساكنته امرأة مريضة زوجها معتقل من سنتين وعندها بنت عمرها 11 سنة وصبي عمره 7 سنين.. دخل البيت مع إحدى الجارات ليسأل عن سارة فأخبرته الأم ” بيوم طلعت الظهر من البيت متل عادتها وبعد شوي خبروني الجيران إنو سارة ماتت بقذيفة الهاون اللي نزلت بالحارة من خمس أيام.. أخدوها الشباب ودفنوها من دون ماشوفها “..

بعد نوبة بكاء هستيرية تماسك الرجل نفسه وسأل الأم ” أختي.. بنتك كانت ترجع عالبيت كل يوم ومعها حبتين بندورة وخيارة ؟؟ ” أجابت الأم وهي تنوح ” إي والله ياأخي.. ماصفيان عنا بالبيت غير الملح وكانت البنت تطلع كل يوم لتلعب بالحارة وترجع بعد شوي جايبة معها الأكل وهي فرحانة ونقعد ناكل أنا وهي وأخوها “..

رجع الرجل لبيته ودموعه تنهمر على لحيته وكان يتذكر كيس النايلون اللي تجيبه البنت وكيف كان يضحك لما يفتح الكيس ويلاقي فيه حشائش وأوراق شجر يابسة غير صالحة للأكل ليبادلها مع سارة بحبتين بندورة وحبة خيار..

” من يوميات شعب محاصر “

من صفحة Mohannad Kardan

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.