تفريغ الحوض

قرأت مرّة قصة عن ونستون تشرشل الذي كان رئيس وزراء بريطانيا أيام الحرب العالمية الثانية. تقول القصة: مرة كان تشرشل مع زعماء “الحلفاء” يشربون القهوة في أحد مقاهي لندن، وكان بجانبهم حوض سمك كبير فيه سمكة صغيرة.
التفت أحد الزعماء، وقال: دعونا نحاول مسك هذه السمكة، وإذا استطعنا سنربح الحرب! وبدأ كل منهم يحاول جاهدا دون جدوى، فسرعة السمكة على الانزلاق حالت دون القدرة على مسكها. لما وصل الدور إلى تشرشل، تناول الملعقة الصغيرة التي كان يحرك بها القهوة وراح ينقل الماء ملعقة ملعقة خارج الحوض.
استغرب الباقون وتساءلوا: ماذا تفعل؟
فقال: هذه هي الطريقة الأسرع لمسك السمكة بعد تفريغ الحوض.
……………..
تذكرت هذه القصة عندما وصلتني رسالة على الخاص البارحة ردا على البوست السابق. الرسالة من صديق فيسبوكي يعتب علي لأنني أتناول مواضيع اسلامية لا علاقة (!!!!!) لها بما يجري في سوريا، وأتجاهل الواقع!!!
فقلت: يا صديقي هذه هي الطريقة الأسرع لمسك السمكة بعد تفريغ الحوض!!
……………
مايجري في سوريا تحديدا يطحنني كل يوم، رغم كل محاولاتي لأن أتجاهله، ورغم عشرات الساعات من ممارسة الـ
Meditation
اسبوعيا لأخفف من حدة آلامه! ولأنه يطحنني، قررت أن أفرّغ الحوض ملعقة ملعقة كي أصل إلى السمكة وابدأ بعلاجها..
وهل هناك شخص آخر على أمتداد تلك البقعة المعذبة من الأرض تثمر جهوده أكثر مما تثمر طريقتي؟؟؟
دلوني عليه لأبارك له جهوده…
….
كل الجهود خارج ساحة الحرب منصبّة على تراشق الشتائم… يا نصيرية يا كفار والله رح نبيدكم… ياارهابين يا وهابيين جايكون… بينما النار تحرق ما تبقى وتحوله إلى رماد…

ليس بيدي حيلة سوى هذه المعلقة الصغيرة التي تساعدني على تفريغ الحوض.. وسأستمر رغم عتاب الأحبة واتهامات المغرضين وشتائم الجاهلين… سأستمر لأنها الطريقة الأسرع والأثمر!
……..
الواقع هو ناتج حتمي لسلوكيات الناس الذين يعيشونه، وسلوكياتهم هي ناتج حتمي لأفكارهم! لذلك، لا تستطيع أن تغير الواقع قبل أن تغير تلك السلوكيات، ولا تستطيع أن تغير السلوكيات قبل أن تغير الأفكار!
…..
لقد ابتلينا بثقافة صحراوية قاحلة عاقر لم تجلب لنا يوما سوى الخراب والدمار… ثقافة رعوية تعلم انسانها أن يغزو طلبا للماء والكلأ، وعندما يحوّل اخضرار الأرض يباسا يرحل إلى مرعى آخر! لم يجيد انسانها يوما سوى حرق الأخضر، وترك الخراب وراءه!
……
تجسدت تلك الثقافة في تعاليمه وفي كتبه غير المقدسة وانخطرت على مدى أربعة عشر قرنا في المادة الموروثة ـ
DNA
ـ له! لذلك، مهمة إعادة تأهيله ليست سهلة، ولكنها ليست مستحيلة! ولذلك، استمر في تفريغ الحوض… وستشهد الأجيال القادمة أن طريقتي كانت الأسرع لمسك السمكة!!!!
…..
هل يعقل أن يجتر قارئ تلك الآية على مدى ألف وأربعمائة عام ويخرج إلى الحياة معافى عقليا وفكريا وروحانيا وعاطفيا؟؟؟؟
(وامراة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين)
ناهيك عن آيات القتل والإرهاب؟؟؟؟
…….
مجازر كفريا والفوعة أراها متجذرة في عمق اللاوعي عند قارئ القرآن… ذلك المخلوق الذي تم حقنه بالحقد والكراهية على مدى قرون من الزمن، وكل ارهابي اليوم هو مجموعة أجداده منذ أن صاح محمد “فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب” وحتى هذا اليوم!
…..
المسيح قام حقا قام… فهل يأتي يوم ونقول: سوريا قامت حقا قامت؟؟؟
…..
للجميع أمنياتي بعيد فصح مجيد، ريثما أنتهي من تفريغ الحوض….

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.