الأطفال الذين ينعمون بعلاقات دافئة مع الأجداد يخرجون إلى الحياة أقوى

استمتعت مؤخرا بالإطلاع على نتائج دراسة قامت بها مجموعة من علماء النفس في جامعة بوسطن، تناولت تأثير علاقة الأجداد بالأحفاد على حياتهم وشخصياتهم ومستقبلهم.
ملخص النتيجة التي خرجوا بها “أن الأطفال الذين ينعمون بعلاقات جيدة ودافئة مع الأجداد يخرجون إلى الحياة أقوى واصلب وأكثر توازنا من الناحية النفسية والعاطفية”! ليس هذا وحسب، بل تلك العلاقة الدافئة تقلل من حالات الإكتئاب عند الأجداد، وتمنحهم إحساسا بقيمتهم واستمرار الحاجة لخبرتهم!
…..
احتفل آدم مع أصدقائه بعيد ميلاده السادس في محل عام للأطفال.. لكن الجدة لا تعترف بهذا النوع من الاحتفالات! مالم يكن الاحتفال في بيتي، ومالم أر بصمات أصابعهم على كل قطعة أثاث فيه، وأحذيتهم وجواربهم ولعبهم متناثرة في كل زاوية منه،
باختصار: لا أعتبره احتفالا!
……
ذهب آدم برفقة جده منذ آيام إلى معرض للسيارات القديمة التي صُنعت في الخمسينيات من القرن المنصرم، فصاح أمام إحدى السيارات: يا الهي كم عمر هذه السيارة؟ رد جده: لقد صُنعت قبل أن تولد! اندهش آدم: قبل أن اولد؟ قبل ست سنوات؟ يا الهييييي كم هي معمرة!
…..
الزمن في عقول الصغار يختلف عنه في عقول الكبار… الثواني تعتبر سنينا والدقائق دهرا… وهي كذلك! هي كذلك، لأن الأثر الذي تتركه في ذهن الطفل، وعلى جدران ذاكرته وفي سمات شخصيته أكبر بكثير من المدى الزمني لها! عندي هوس بشراء الأحذية، ولا أدري لماذا أنظر إلى حذاء الشخص عندما أقابله لأول مرّة، ربما بسبب ذلك الحدث الذي عشته في الصف الأول الابتدائي… دخلته يوما ألبس حذاءا جديدا أثار اهتمام معلمتي السيدة جورجيت بيطار لروحها السلام. فطلبت مني أن أصعد وأقف على أعلى المقعد، ثم سألت التلاميذ أن يصفقوا مباركين لي حذائي الجديد! ومنذ يومها وأنا أهتم بأحذيتي، والحذاء يعكس لي ذوق صاحبه، وربما بعضا من شخصيته!
….
كلما استاء آدم من والديه، يركض ويختبئ خلف أحد أبواب البيت ويبدأ بالصياح: تاتا، وينك؟؟ تعي شوفيني عم ابكي! وما أن تصلني رسالة من أمه حتى أتصل على الفور، وأتظاهر بأنني أعرف ما يجري! نحاول معا أن نحل المشكلة، وفي معظم الحالات يجب أن أقف مع قرار الوالدين، ولكن بطريقة تشعره أنني أقف معه!
….
لآدم عندي محبة خاصة، إنه صورة طبق الأصل عن والده! حياتي معه تعيدني عقودا إلى الوراء وتجسد أمامي كل يوم جميل عشته مع مازن! أرى فيه الولد الذي صنعته…
أذكر يوما كنت أشتغل مع طبيب أمريكي بعمر جدي، وكان بيننا حديث شيق، فقال: اليوم الذي تعيشينه مع طفلك سيؤثر سلبا أو ايجابا على عدة أجيال قادمة من أحفادك!
لم تذهب ذكرياتي مع مازن سدى، فهي تتكرر يوميا مع آدم.. وستتكرر لأجيال قادمة…
…..
يزهر البيت بوجود آدم… ولقد أزهر فعلا يوم عيد ميلاده!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.