تناقضات يسوع الناصري في الأناجيل / حوارات في اللاهوت المسيحي 15

في البحث التاريخي حول شخصية يسوع الناصري ,تواجه الباحث معضلة كبيرة, الا وهي, التفاوت الكبير للصورة المرسومة
لهذه الشخصية, حسب مصدر الخبر او الخلفية العقدية التي يستند إليها الكاتب المدون للخبر التاريخي, فالمصادر اليهودية التاريخية صورت لنا يسوع الناصري, كشخص محتال ودجال اجاد السحر والشعوذة (الذي تعلمه في مصر) واستطاع ان يخدع البسطاء, ويوهمهم بانه المسيح الموعود,
رغم عدم انطباق علامات وشروط المسيحانية عليه, والتي من أهمها طهارة المولد, ونقاوة النسب الممتد الى الملك داوود, ولذلك نجد المصادر التاريخية والنصوص الدينية اليهودية مثل (التلمود) و (توليدت يشو) تركز على موضوع الطعن في سمعة والدة يسوع وشرفها, وتنسب مولودها إلى
علاقة غير شرعية مع جندي روماني يدعى (بانثيرا).
ونجد كذلك المصادر اليهودية تذكر ان يسوع الناصري حظي بمحاكمة عادلة وطويلة الأمد, وقد تم احتجازه لمدة أربعين يوما,
كان يخرج فيها المنادون إلى الأسواق بشكل يومي, يدعون كل من لديه شهادة في صالح المتهم ان يتقدم بشهادته للمحكمة قبل تنفيذ الحكم, ولم يتقدم أي شخص ليشهد لصالحه, لذلك تم تنفيذ حكم الموت عليه بعد اربعين يوما, حسب ما يذكر التلمود البابلي (السنهدرين 43).

في المقابل نجد خبر الولادة العذرية للمولود السماوي في بعض الأناجيل, مع إضفاء هالة القداسة على شخصية يسوع والتي
أخذت بالاتساع والتضخم حتى بلغت مع مرور الزمن درجة التأليه, والذي اتخذ طابع المعتقد الرسمي بعد مجمع (نيقية) عام 325 والذي تم فيه الاقتراع ,بإشراف الامبراطور (الوثني) قسطنطين الأول على موضوع ربوبية يسوع وكانت النتيجة هي تصويت الأغلبية لصالح تأليه يسوع!, ومنذ
ذلك الوقت ونتيجة لتداعيات مجمع نيقية وصدور (قانون الايمان المسيحي), وتحالف السلطة مع الكهنوت المسيحي المتبني لعقيدة تأليه المسيح , فرضت الكنيسة المتحالفة
والمتخادمة مع السلطة عقيدتها بقوة ومباركة الحكم الروماني, وتم تدريجيا قمع واستئصال كل المسيحيين الذين لا يشاركون
الكنيسة المدعومة من السلطة رؤيتها الإيمانية, بعد رميهم بتهمة (الهرطقة) والتي كانت تستوجب عقوبات وحشية مثل الموت حرقا.

ولو أهملنا الرواية اليهودية -المعادية – ببعدها العقدي للمسيحية, و اقتصرنا التركيز على المصادر المسيحية, فإننا
نلاحظ كذلك اختلاف وتناقض في صورة يسوع الناصري المرسومة في الأناجيل الكثيرة والمختلفة واحيانا المتناقضة والتي بلغ عددها حوالي السبعين انجيلا !!
ففي إنجيل (توما) نجد يسوع ,حكيما غنوصيا عميقا, يتكلم بعبارات عرفانية وفلسفية تشبه الألغاز, وفي إنجيل (مريم المجدلية)
نجده عاشق ولهان ومتيم بحب (مريم المجدلية) التي اتخذ منها زوجة سرية !
بينما يظهره إنجيل(مرقس السري) على علاقة مشبوهة مع الصبي الوسيم (لعازر) ..الذي كان يسوع يحبه!!
اما انجيل( يهوذا) ,فيعطينا تصور مختلف عن يسوع صاحب التعاليم والمهمات السرية, التي اصطفى لها التلميذ الوحيد القادر
على فهم أسرارها وتحمل أعباء المهمة السماوية, إنه ( يهوذا الاسخريوطي) أخلص تلاميذه !

ورغم الأهمية التاريخية لهذه الأناجيل, والتي يرجع تاريخ كتابة البعض منها إلى بدايات القرن الثاني الميلادي, إلا
أن طبيعة الحوار اللاهوتي, تفرض علينا اهمالها, والاقتصار في تتيع ملامح شخصية يسوع على الأناجيل الأربعة (القانونية), التي تعترف الكنيسة بها , مع الأخذ في الاعتبار, ان احد اسباب اختيار الكنيسة لها هو انها الأناجيل الوحيدة التي تقدم (بعد الاضافات والتغييرات) نظرة
تحتوي على القدر الممكن من الاتساق فيما بينها في التصور اللاهوتي الذي ينسجم مع طبيعة الإيمان الذي طورته الكنيسة خلال ثلاث قرون …ثم تبنته رسميا!

ومن خلال تتبع نصوص الأناجيل القانونية الأربعة تبرز لنا ,أيضا, نفس الظاهرة المثيرة للدهشة والحيرة !!
وهي حالة التناقض في شخصية يسوع الناصري, التي تبرزها هذه الأناجيل المعدة لكي تكون توثيق لسيرته الشخصية,
وهذا التناقض الصادم لا يقتصر على موقف أو اثنين , بل هو مجموعة تناقضات كثيرة في الاقوال والافعال والمنهج والسلوك,
بحيث لا يمكن اختصارها في مقال واحد يراعى فيه الاختصار والتبسيط, لذلك سأضطر في هذا المقال والمقال الذي يليه الى ايجاز نماذج معدودة فقط من هذه التناقضات!

وقبل الخوض
في سرد
نماذج من الأمثلة والشواهد على التناقضات القولية والسلوكية في شخصية يسوع الناصري, التي تبرزها لنا نصوص الأناجيل القانونية الأربعة, نحتاج أولا, لفهم سبب هذا التناقض والاختلاف الواضح لكل من يقرأ ويتمعن في تلك النصوص.

الاناجيل الاربعة والمنسوبة الى ( مرقس, متى, لوقا ويوحنا) وكما هو معروف لكل الباحثين المتخصصين في النقد النصي
لم يثبت تاريخيا, صحة نسبة كتابتها الى (مرقس ,متى ولوقا ويوحنا) وكان الغرض من نسبتها لهؤلاء الأشخاص هي لإضفاء نوع من المصداقية عليها ,من خلال تحصينها بالوثوقية والتواصل الزمني مع أقرب فترة ممكنة لزمان حياة يسوع الناصري!.
الأمر المهم الآخر, ان نصوص كل إنجيل من هذه الأناجيل, لم يكتبها شخص واحد, وانما تمت كتابتها بواسطة أشخاص متعددين
وخلال فترات زمنية متلاحقة, لذلك كان كل شخص من خلال تدويناته ,يعكس ثقافته وتصوره الإيماني ومشاعره, وكذلك الصورة الذهنية المتولدة لديه حول شخصية يسوع الناصري!
ومع توقع وجود ما يقارب (الأربعين) كاتب لنصوص العهد الجديد ,خلال فترة زمنية قاربت على القرن من الزمن, ومع الاضافات
والتغييرات, التي تمت لاحقا, لضرورات التماشي مع تطورات الإيمان وتدرجاته! كان من الطبيعي ان ينعكس هذا التنوع البشري والتباين الإدراكي والمتغيرات الزمنية,على الشكل العام للنصوص الانجيلية ,فكانت النتيجة, ان نشأت لنا صورا متناقضة لشخصية يسوع الناصري والتي ظهرت
من خلال تلك النصوص, وكأنها تشتمل اختلافا كبيرا في القول والفعل, فصرنا نجد نص منسوب ليسوع في مناسبة, ثم نجد قولا او فعلا ليسوع في مناسبة أخرى يناقض أو ينقض النص الأول!!

ومن الشواهد الكثيرة على هذه التناقضات والاختلافات ,ما يلاحظه القارئ للأناجيل, من مقولات ينسبها كتبة الأناجيل
ليسوع مثل

قوله: (لَمْ
أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ» متى 15/24

والكلام المنسوب إلى يسوع هنا واضح ومباشر ولا يحتمل أي تأويل او استنتاج متكلف!
فالرجل حدد بشكل واضح, الهدف والغاية من إرساله, وكلامه عام ومطلق, لم يحدده بزمن او مرحلة ظرفية ,فهو مكلف بالرسالة (حصرا) الى الضالين من بني
إسرائيل
ويؤيد هذا النص ,قول آخر منسوب ليسوع ,حين أعطى تعليماته لتلاميذه وهو يرسلهم للكرازة والتبشير بدعوته

(هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ
لاَ تَدْخُلُوا.
بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ ) متى 10/ 5-6

وتعليمات يسوع هنا ايضا مباشرة وسهلة على الفهم وغير مقيدة بمرحلة أو ظرف , لكن المثير للعجب والاستغراب, أننا نجد في إنجيل (متى) 28/19 تعليم آخر,
نسبه الكاتب الى يسوع, رغم انه مناقض تماما للتعليم الاول !

(
فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس)

فهل أراد السادة كتبة انجيل متى القول ان يسوع نسي اعلانه الاول ام انه لحس كلامه او انه كان يتبع تكتيكات مرحلية في رسالته

ومن النماذج الأخرى على التناقض في الأقوال التي ينسبها السادة كتبة الاناجيل الى يسوع الناصري قوله الشهير:

(إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا) يوحنا 5/31
لكننا نفاجئ في نفس إنجيل (يوحنا) بقول آخر منسوب ليسوع ,معاكس لهذا الكلام! وذلك حين اعترض عليه الفريسيون وذكروه بانه لا يحق له ان يشهد لنفسه,
لان شهادته ليست حقا كما قرر هو ذلك من قبل!!

( فَقَالَ لَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتُكَ لَيْسَتْ حَقًّا)
(أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌ) !!

وننتقل إلى تناقض آخر في الكلام المنسوب ليسوع في الأناجيل, وهو تناقض خطير ولافت, يتعلق بقضية محورية في الثيالوجيا المسيحية, لأنه يخص التلاميذ
و مصيرهم ومستقبل مسيرتهم الايمانية
ففي إنجيل (متى) الإصحاح 19 نجد يسوع يبشر جميع تلاميذه الاثني عشر بالنجاة والفوز الأخروي, و أنهم (جميعا) سيجلسون إلى جنبه على كرسي المجد في
الملكوت وستكون لهم سلطة الدينونة
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ
عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ متى 19 /28

وتنبؤ يسوع المستقبلي هنا واضح ووعده عام وغير مقيد او مخصص وموجه لجميع التلاميذ الاثني عشر بلا استثناء
لكننا سنقرأ في نفس الإنجيل, تنبأ آخر ليسوع ,معاكس لهذا الكلام وينقض مصداقيته! حيث سنجد يسوع يتنبأ لتلاميذه بأن واحدا منهم سيخونه ويسلمه الى
الاعداء

وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ قَالَ: (الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي) متى 26/21

ولم يخبرنا كاتب الإنجيل هل سيبقى كرسي التلميذ الخائن فارغا في عالم الملكوت؟ ام ان عدد الكراسي سيختزل الى أحد عشر؟! ولم تذكر لنا الأناجيل أي
شئ عن ترشيح شخص آخر للجلوس على الكرسي الفارغ!!

ومن التناقضات الغير مفهومة في شخصية يسوع الناصري, التي ترسمها لنا الأناجيل التناقض الواضح بين تعليمات يسوع وبين سلوكه, فرغم تشدده وتحريمه للغضب
بلا سبب, والإساءة للآخرين من خلال التلفظ بكلام جارح او شتائم قادحة

(وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ…. وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ،
يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ). متى 5/ 22

لكننا نرى يسوع نفسه, يثور غاضبا ويوجه شتائم مقذعة بحق الفريسيين حيث وصفهم في انجيل متى الاصحاح 23 بأوصاف مشينة, مثل الرياء والسرقة والدعارة,
وكال لهم شتائم متنوعة مثل , العميان والجهال و اولاد الافاعي.. الخ
كذلك رأينا يسوع يشتم تلاميذه حين خاطب اثنين منهم بقوله :

(أيها الغبيان والبطيئا القلوب) لوقا 25/24

وفي إحدى المناسبات ,قام شخص من الفريسيين باستضافة يسوع الناصري وتلاميذه في بيته, وقام بواجب ضيافتهم واحضر لهم الطعام ليأكلوا, بعدها نجد يسوع
يثور غاضبا, ويكيل لمضيفه ,ولجميع الفريسين سيلا من التوبيخ والتقريع, ثم شتمهم ووصفهم ب(الأغبياء) والخبثاء لمجرد أن مضيفه الفريسي تعجب( فقط) من عدم غسل يسوع يديه قبل الأكل!!

(وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ سَأَلَهُ فَرِّيسِيٌّ أَنْ يَتَغَدَّى عِنْدَهُ، فَدَخَلَ وَاتَّكَأَ.وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ
تَعَجَّبَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ أَوَّلاً قَبْلَ الْغَدَاءِ.
فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «أَنْتُمُ الآنَ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالْقَصْعَةِ، وَأَمَّا بَاطِنُكُمْ فَمَمْلُوءٌ
اخْتِطَافًا وَخُبْثًا.
يَا أَغْبِيَاءُ، أَلَيْسَ الَّذِي صَنَعَ الْخَارِجَ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضًا؟
بَلْ أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً، فَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَقِيًّا لَكُمْ.
وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالسَّذَابَ وَكُلَّ بَقْل، وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ
وَمَحَبَّةِ اللهِ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ الْمَجْلِسَ الأَوَّلَ فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ مِثْلُ الْقُبُورِ الْمُخْتَفِيَةِ، وَالَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَيْهَا
لاَ يَعْلَمُونَ!).

وقد أثار تصرف يسوع الغريب وشتائمه الغير مبررة, لمضيفه وللحاضرين, استغراب الناموسيين,واراد احدهم لفت انتباهه, فما كان من يسوع إلا أن قام بالتأكيد
على توبيخاته, وكال للناموسيين, ايضا, مزيدا من الدعوات بالويل!!.

(فَأجَابَ وَاحِدٌ مِنَ النَّامُوسِيِّينَ وَقالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، حِينَ تَقُولُ هذَا تَشْتُمُنَا نَحْنُ أَيْضًا!».
فَقَالَ: «وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالاً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ
تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ.
وَيْلٌ لَكُمْ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ، وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ ) لوقا (54:11-37)

وشبيه لهذا الموقف وقع في مناسبة أخرى, حيث ينسب كاتب إنجيل (مرقس) ايضا الى يسوع كلام مقذع و إساءة لفظية ويصوره منزعجا من تساءل الناس في أورشليم
عن سبب عدم غسل تلاميذه لايديهم المتسخة(المدنسة) قبل الاكل!
فكان جواب يسوع غاضبا مع شتيمة من خلال وصفه لهم بالرياء وعدم الإيمان و( الفهم!) مع كلام آخر هو عبارة عن مغالطات منطقية لا مناسبة لها!! كما
ورد في إنجيل مرقس اصحاح 7(1-13)

ولا اعلم هل يليق بالرب خالق الأكوان, ان يصدر تعليمات للناس, ومن ثم يقوم هو بمخالفة تعليماته الإلهية,عندما يقرر تقمص دور واحدا منهم؟! أم ان
الرب استنفذ كل وسائله الإرشادية ,وافتقر إلى الأساليب الخطابية, فلم يعد لديه إلا العنف اللفظي المشين لكي يشرح تعاليمه للناس؟!

بالإضافة إلى هذه النماذج من التناقضات القولية المنسوبة ليسوع, سنستعرض, في المقال القادم, نماذج من التباين السلوكي والأخلاقي, والتناقض في الأفعال
التي نسبها كتبة الأناجيل القانونية الى شخصية يسوع الناصري ,حيث سيتضح لنا, ان هذه الشخصية المحورية قد تم التلاعب في رسم صورتها ,من خلال الإضافات والحذف وإعادة التركيب ,خلال فترات مرحلية متتابعة, من أجل الخروج بصورة تخدم النمط الإيماني الجديد,الذي اخترعه بعض
الآباء المؤسسين للكنيسة.

وللحديث صلة…

About جعفر الجكيم

جعفر الجكيم 45 عام طبيب عراقي مقيم في الولايات المتحدة نيويورك- ضاحية مانهاتن ناشط في مجال المجتمع المدني وحقوق الانسان باحث في مجال مقارنة الاديان ممثل لمنظمات مجتمع مدني عراقية في الامم المتحدة بنيويورك منذ 2007 ولا زال رئيس تحرير جريدة المهاجر - ولاية اريزونا- مدينة فينكس للفترة 2005 من 2011الى لي مشاركات عديدة في برامج حوارية حول مقارنة الاديان في قناة الكرمة ارجو التفضل بقبول جزيل شكري ووافر احترامي د.جعفر الحكيم
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.