الخمر في الاسلام

تَرْجِعُ النَّفْسُ إِذَا وَقّرْتَها وشفاءُ الهَمِّ في خمر وماء بشار بن برد

كان شرب الخمر شائعا عند العرب قبل الاسلام ، فقد كانوا ينبذون التمر او العنب و يخمروه ويشربوه ، وكانوا في المناسبات و الحفلات التي يقيموها يسكرون بالخمر حتى الثمالة .
وتحكي لنا قصص السيرة النبوية ، ان خديجة بنت خويلد هي من خطبت محمد للزواج منها ، لكونه كان شابا صغيرا بعمر خمس وعشرين سنة ، وهي ارملة بعمر اربعين سنة ، وكان محمد يعمل لصالح خديجة بأعمال التجارة بين الشام و مكة . وفي ليلة الاحتفال بزواجها من محمد ، عملت خديجة وليمة كبيرة حضرها اكابر قوم قريش وعلى راسهم ابو طالب عم محمد و ولي امره و القس النصراني ورقة بن نوفل ابن عم خديجة والقى فيه كلمة مشهورة وهوالذي بارك الزواج وعقده على الطريقة النصرانية بلا طلاق ولا تعدد زوجات .
قدمت خديجة للمدعوين الطعام والشراب في بيتها ، فشربوا الخمر حتى الثمالة احتفالا بالزواج الميمون. والبست خديجة ابيها حلة جديدة و سقته الكثير من الخمر حتى سكر وفقد وعيه ، بعدها قالت له ، زوجني محمدا ، فأعطى موافقته وهو سكران لا يدري ما يدور حوله . وعندما اصبح الصبح وافاق من سكرته في اليوم التالي وجد نفسه وهو يرتدي حلة جديدة ومحمد يبيت مع خديجة في غرفتها . فقال ماذا يحدث هنا . فأخبرته خديجة انك زوجتني محمد ليلة امس ، فثارت ثائرته وغضب لأنه لا يرضى محمدا زوجا لأبنته وقال : انا ازوج يتيم ابو طالب ؟
تذكر كتب السيرة ان تلك اليلة كانت فيها شرب الخمر حتى الثمالة . و العريس محمد بن عبد الله ، الذي سيصبح نبيا فيما بعد .
وبعد ان اصبح محمدا نبيا و انزل آيات قرآنه مفرقا على سنوات عديدة طيلة 23 سنة في مكة والمدينة . قرأ للمسلمين سورة النحل التي تخبر عن ثمرات النخيل و الاعناب و تمدح ما فيها من خيرات يمكن ان يتخذ منها سَكرا و رزقا حسنا للمسلمين ومن الطبيعي ان السَكَر َيعني المسكرات المتخمرة التي تتحول الى كحول وتذهب بالعقول .
وسورة النحل رقم تسلسل نزولها تاريخيا هو 70 اي بعد فترة طويلة من بدء الدعوة الاسلامية ، اي بعد نزول 69 سورة قرآنية .
وتنص الاية : (ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سَكرا ورزقا حسنا ان في ذلك لاية لقوم يعقلون ) سورة النحل – آية 67
الى هنا لم تكن الخمر محرمة و لم تكن رجسا من عمل الشيطان ، بل شرابا حلالا يشربها محمد وصحابته والمسلمون كعادتهم .

بعد النبوة ، كان للنبي جارية حبشية تنبذ له من التمرنبيذا و تتركه ليوم او اثنين او ثلاثة ليتعتق ويشربه نبيذا متخمرا ، وما زاد عن ثلاثة ايام و تغير طعمه يعطيه للخادم ليشربه .
كان الصحابة يشربون الخمر و يحضرون الصلاة وهم سكارى ، فكانوا لايعلمون ما يقولون اثناء الصلاة ، تقول كتب التراث الاسلامي ان الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف كان يقدم الخمر في جلسات السمر لاصدقاءه وسماره من الصحابة وكان علي بن ابي طالب معهم ، وعندما يحين موعد الصلاة ، يأمّ عبد الرحمن بن عوف اوعلي بن ابي طالب المسلمين و يقرؤون بعض من آيات القرآن ، فكان عبد الرحمن او علي يقرأ سورة الكافرون وهم سكارى والتي تنص :
(قل ايها الكافرون لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )
لكنهم كانوا يقرؤنها وهم سكارى هكذا : ( قل ايها الكافرون نعبد ما تعبدون .!!..) ، فاصبحوا هم والكافرون سواسية في العبادة الوثنية .
فاشتكى بعض المسلمين لمحمد هذا اللغط في القراءة ، فاستنزل لهم نبي الاسلام آية سريعة من جبريل لمعالجة الموقف وهي (يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) . النساء 43
وهذا ليس تحريما للخمر والسكر ، انما نصيحة للمؤمنين ان لا يصلوا وهم سكارى بل يمكن ان يسكروا في غير اوقات الصلاة وليس عليهم حرج ، اما وقت الصلاة فلا يجوز ان يصلي المؤمنون وهم سكارى حتى يعلموا ما يقولون !!!
لحد الان كان شرب الخمر و السكر حلالا طيبا ورزقا حسنا عند النبي والمسلمين والصحابة و ليس رجسا من عمل الشيطان . انما مسموح به اسلاميا خارج اوقات الصلاة ، لان الخمر فيها منافع للناس كما يقول اله الاسلام .
(يسالونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس ) سورة البقرة التسلسل التاريخي للنزول برقم 87 – اية 219 .
ولم تُحرَم ْ الخمرُ بهذه الاية ، انما هي كانت جوابا لسؤال من الناس عن الخمر . وفيها اخبار عن منافع للناس بالرغم ما بها من اثم كبير ، لأن بها رزقا حسنا .
( فكلوا مما رزقناكم حلالا طيبا) – المائدة 88 . فكانت صناعة الخمر و بيعها في زمن محمد تدر رزقا على اصحابها لكون المجتمع الاسلامي كله كان معتادا على شرب الخمر .
في ندوة تلفزيونية للشيخ السعودي محمد العريفي قال : ان المسلمين كانوا يهدون النبي جرارا من الخمر ، ولم يكن النبي يشربها ، انما كان يهديها او يبيعها فتدر عليه رزقا حسنا لأنها لم تكن محرمة في ذلك الوقت وليست رجسا من عمل الشيطان !!
بعد اكثر من عشرين سنة من بدء الدعوة الاسلامية وانتشارالاسلام بين الناس ، استنزل محمد سورة المائدة التي تسلسل نزولها تاريخيا برقم 112 وقبل موت محمد بعدة اشهر، اي قبل ان يختم محمد قرآنه بالسورة الاخيرة برقم 114 ، والتي ختم بها الاسلام دينا للناس . و اعلن فيها : (اليوم اكملت لكم دينكم ورضيت لكم الاسلام دينا ) جاء في نفس هذه السورة الاية القائلة :
(يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) المائدة 90.
كانت هذه الآية نصيحة للمؤمنين باجتناب الخمر وليس بتحريمها قطعيا.كما حرمت بشكل واضح الميتة والدم ولحم الخنزير بقوله (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به …الخ ) سورة المائدة 3
لاحظ محمد ان المسلمين يسكرون ويتشاجرون ويتقاتلون مع بعضهم البعض بعد ان يسكروا ويفقدوا وعيهم ، لهذا انزل لهم هذه الاية من سورة المائدة ايضا رقم 91
(انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون ) . وهذه ايضا نصيحة ونهي بصيغة السؤال وليس فيها تحريم صريح قاطع .
بعد اكثر من عشرين سنة على نشر الاسلام وقرب اختتام سور القرآن واقتراب موعد موت النبي وشرب الخمر لازال متداولا بين المسلمين والصحابة ، اصبحت الخمر بقدرة قادر رجسا من عمل الشيطان ويتدخل الشيطان بين المسلمين ليوقع العداوة والبغضاء بينهم ويبعدهم عن ذكر الله ، فاين كان الشيطان طيلة العشرين سنة المنصرمة من بدء الاسلام ؟ ولماذا لم يأت اله محمد بآيات مانعة لشرب الخمر وتحريمها منذ بداية الدعوة الاسلامية او السنين الاولى على الاقل ويخلص الناس من مشاكلها و رجسها ويبعد الشيطان عن شاربيها وعن ايقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين ؟
لم يحرم قرآن محمد الخمر بل نصح المسلمين باجتنابها فقط . ولم يشرع امرا ربانيا بتحريم الخمر نهائيا ، بل وصفها برجس من عمل الشيطان ونصح باجتنابها فقط .
واليوم يقتل المسلمون المتعصبون وميليشيات الاحزاب الاسلامية في العراق النفس التي حرم الله قتلها من الابرياء من اصحاب محلات بيع الخمور من غير المسلمين ويفجرون محلاتهم بادعائهم انها من المحرمات ، علما ان من يشتري ويشرب الخمر هم المسلمين انفسهم .
حدثني صديق صاحب محل لبيع المشروبات الكحولية في بغداد قائلا : هل تصدق اني ابيع للمسلمين في شهر رمضان وحده من العرق ما يعادل مبيعاتي لمدة ستة اشهر متتالية بالرغم انه شهر الصيام والصلاة ، والمحل يفتح مساء فقط و المشترون يقفون بالطابور لطلب الخمور قبل موعد الفطور !!.
تحياتي للشاربين ونصيحتي لهم باجتنابه لأنه رجس من عمل الشيطان لكنه غير محرم شرعا بالاسلام !!.

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.