لو تجلى الله وصار انسانا

الجزء الاول
الله قادر على كل شئ ولايعجزه شئ. وهذا ما تقره كل الديانات ويؤمن به كل المؤمنين ومن كل الاديان .
تعلِمنا الكتب السماوية ان الله تجلى لموسى على جبل حوريب بسيناء ، و ظهر للنبي موسى بهئية نار مشتعلة بعليقة في شجرة تشتعل و لاتحترق . فكان تجليا عظيما .
فالله سبحانه تجلى لموسى بالحجر فوق الجبل ، وتجلى بالشجر ليكلم موسى ، فهل يعجزه و هو القادر على كل شئ ان يتجلى على هيئة بشر ليوصل رسالته الينا مباشرة وهو القادر على كل شئ ؟
كتب البشير يوحنا: في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله . كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان ) انجيل يوحنا 1:1
عقيدة المسيحية تقر ان المسيح كلمة الله وروحه القدوس ، تجسد بملئ الزمان و نزل من السماء و صار انسانا و عاش بيننا ثلاثة وثلاثين سنة كابن الله بالروح وأبن الانسان بالجسد والروح ايضا .
فما هي صفات الله المتجسد على الارض ان تجلى وصار انسانا ؟
هذا ما سنبحثه في هذا المقال .
لو شاءت ارادة الله ان يتجلى و يصير انسانا لايصال رسالته السماوية الى بني البشر مباشرة و يعلمهم ما يريد بصوته البشري وينقل لهم رسالته بصورة مباشرة فكيف ستكون صفات هذا الاله الانسان ، من المؤكد ستكون الكمال بعينه . باعماله وبأقواله وتعاليمه وسيرة حياته على الارض وسيمثل الله في قدسيته ومثاليته.
اننا نتوقع ان تتصف حياته وسيرته بالصفات التالية :
1- انه يدخل الى عالم البشر بطريقة غير عادية .
2- يكون انسانا بلا خطيئة ، قديسا ، نزيها كامل الاوصاف .
3- يجري معجزات خارقة حتى يعرفه البشر انه مرسل من الله .
4- يكون مختلفا عن غيره بالسلوك ، يحمل السلام والمحبة لكل البشر ، لا يعادي احدأ ، لا يصدر عنه شر او اذية لغيره ولا يدعو للعنف .
5- يقول كلاما لا يمكن لغيره من البشر ان يقوله .
6- ان يكون له تاثير شامل على كثير من الناس .
7- يشبع الجوع الروحي للناس بسمو تعاليمه .
8- يكون له سلطان على المرض و الموت الذي لا سلطان لبشر عليهما قط ، وله صفات الله في اعماله و قدرته الخارقة على الارض وبين الناس .
سنتكلم بالتفصيل عن هذه الاوصاف بنقاط .
اولا – لو صار الله انسانا – سيدخل الى عالم البشرية بطريقة غير عادية .
حسب العقيدة المسيحية ، المسيح كلمة الله الذي تجسد وبشر به الملاك جبرائيل الفتاة العذراء مريم بنت يواقيم ، حُبلَ به باتحاد روح الله القدوس ، وولد بمعجزة خارقة غير عادية لفتاة عذراء من غير زرع رجل ، لم تحدث بين جميع البشر بناء على بشارة من السماء حيث قال الملاك جبرائيل لمريم :
” اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.” انجيل لوقا 35:1
انه طفل من غير اب ولا زرع بشر ، انه القدوس ، ابن الله بالروح . ويدعى ابن الله مجازا . وليس بولادة جنسية جسدانية كما يسئ فهمها لدى البعض . وليس زواج الله من صاحبة كما يشاع زورا . تحققت بولادته المعجزية نبؤءة الانبياء السابقين حيث تنبأ النبي اشعيا قائلا : ” هالعذراء ستحبل و تلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل اي( الله معنا ) . وهكذا كان ، حيث ولد كلمة الله يسوع المسيح وعاش روح الله متجسدا معنا .
وكما قال الرسول يوحنا : (في البدء كان الكلمة ، وكان الكلمة عند الله وكان الكلمة الله . به كان كل شئ و بغيره لم يكن شيئ مما كان .) انجيل يوحنا 1:1
والكلمة صار جسدا وحل بيننا . اي ان يسوع كلمة الله الازلي كان موجودا عند الله الآب منذ الازل قبل تجسده في احشاء العذراء مريم بهيئة كلمة او عقل الله الناطق او نطق الله العاقل .
القرآن يؤيد هذا حيث يدعو المسيح عيسى بن مريم ، ولم ينسبه الى اب بشري .
ثانيا – لو صار الله انسانا – سيكون بلا خطيئة .
لكي يكون يسوع المسيح هو المخلص و الفادي للبشرية ، ويموت عن خطايانا ، يجب ان يكون هذا الفادي بلا خطيئة اصلية متوارثة من آدم ، ويسوع المسيح لم يأت من نسل آدم من جهة الآب . لأنه ابن الله بالروح ، وابن مريم بالجسد فهو بلا خطيئة متوارثة من آدم .
الله منح النبي ابراهيم كبشا ليذبحه فداء عن التضحية بأبنه اسحق ، وكان هذا الذبح العظيم رمزا لفداء و تضحية السيد المسيح لنسل البشرية . وليس الكبش كان عظيما انما هو الرمز للمضحي الحقيقي العظيم القادم في ملئ الزمان.
القرآن يؤيد الولادة العذراوية للسيد المسيح ، بقول مريم للملاك المبشر :
( انى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم اك بغيا ؟ قال الملاك كذلك قال ربك ، هو علي هين و لنجعله آية للناس و رحمة منا ) . سورة مريم 20
– المسيح ولد وعاش بلا خطيئة ، وسأل يسوع الناسَ يوما متحديا من منكم يبكتي على خطيئة ؟ لم يجروء اي واحد من اعداءه اليهود المتربصين به ان يرد عليه ، او يمسك عليه خطيئة واحدة . ولو كان خاطئا كبقية البشر لما سأل الناس هذا السؤال وتحداهم .
– يسوع المسيح الانسان البار قريب من الله دائما ، وقال : “اني في كل حين افعل ما يرضيه ” انجيل يوحنا 29:8
وهذا ما ينزه المسيح عن كل خطيئة وحياته كلها بلا شائبة . لأنه الله المتجسد الذي لا يخطئ .
المسيح الانسان علمنا ان نغفر نسامح للاخرين ونقول عندما نصلي الى الله ألآب: “اغفر لنا خطايانا كما نغفر نحن لمن اخطا الينا “.
المسيح لم يطلب من احد ان يغفر له لأنه كامل وبلا خطيئة. وكما قال النبي اشعيا:
” وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِه غِشٌّ.” اشعيا 9:53
شهد الكتاب المقدس عن اخطاء ارتكبها موسى النبي بقتله رجلا مصريا ، وكذلك النبي /الملك داؤود وغيرهم ، الا انه لم يسجل على المسيح من تلاميذه انه ارتكب خطيئة واحدة في حياته . يقول بطرس في رسالته الثانية عدد 22: ” الذي لم يفعل خطيئة ولا يوجد في فمه مكر” .
يشهد الرسول يوحنا في 5:3 ” وتعلمون ان ذاك اظهر (المسيح) لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطيئة ” .
حتى يهوذا الخائن تلميذ المسيح شهد ببراءة سيده اذ قال : ” قد اخطأتُ اذا سلمتُ دما بريئا ” . متى 3:37
اللص المصلوب عن يمين المسيح شهد لكمال يسوع ، بيلاطس الحاكم الروماني شهد له بالبراءه .و اليهود لم يجدوا فيه علة يمسكونه بها فقالوا انه يجدف معادلا نفسه بالله . وكانت هي الحقيقية التي لم يفهموها .
القرآن وصف المسيح بالغلام الزكي ، ” انما انا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا” مريم 19 . و الزكي هو الطاهر الذي لا عيب فيه .
كان المسيح هو الكمال المطلق الذي يرفع شخصيته الى ما فوق البشر . و كل هذه الادلة تثبت الوهيته وانه الله الظاهر بالجسد ، وهذه صفات لم تتحقق في اي انسان عبر التاريخ .

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.