نريد قوة القانون وليس قانون القوة

من الممكن أن تفعل ما تريده القوانين ولكن حينما تريد أن تظلم الناس فإنك تلجأ إلى فعل ما تريده ( بشكل صحيح) وكلمة بشكل صحيح بين قوسين معناها توهيم الآخرين بأن الذي تفعله يبدو لهم أنه بشكل صحيح في حين أنك كمن يقدم عملة نقدية مزيفة ليست صحيحة, أن تفعل الصحيح يختلف عن أن تفعل الشيء بشكل صحيح, قانون الغاب يحكمنا جميعنا, قاون الأقوى, القانون مع الأقوى مثل المصباح السحري الذي يخرج منه المارد, فصاحب المصباح هو الذي يتحكم بالمارد وهكذا هي القوانين يخرجها القاضي من درج مكتبه ويضعها أمامه لكي يتحكم هو بها وبنا, لا أحد يريح القوانين بل الكل يتعب معها ويتعبها.
نحن في المحكمة لا نقف أمام قانون يتحكم بالقضاة ولكننا نشعر بأن القضاة هم من يتحكم بالقوانين, القانون يصنعه الأقوياء من أجل أن تزداد قبضتهم على الضعفاء , دخلت المحكمة طوال حياتي مرة واحدة ومن أول جلسة خرجت من مكتب القاضي وأنا أتمنى لو أرفع على القاضي قضية..طوال حياتي وأنا لا أخشى القانون وإنما أرتعبُ خوفا من القاضي الذي باستطاعته حسب خبرته أن يلعب بنصوص ومواد القوانين, وأنا رجل أحب أن أعيش ضمن القانون بحسب حدوده ومقاساته المتعددة, كلنا نريد قوة القانون ولكن المشكلة أن هنالك أناسٌ ميالون بطريقة بشعة وينحازون بشكل مباشر إلى قانون القوة, قوة القانون لا تضر بمصالح الشعوب ولكن قانون القوة هو الذي يؤثر بشكل مباشر على حياتنا اليومية ويساهم بصناعة المآسي.
وأنا أيضا لا أخاف من الدين ومن نصوص التشريع الدينية ولكنني أرتعب خوفا من الذين يملكون نصوص التشريع الدينية ويتلاعبون بها.
قانون القوة يساهم بإنهيار المجتمعات والإفراد والدول , ويفسد على الناس حياتهم وينغص عليهم لحظات كان بالإمكان أن يستجموا فيها ويرتاحوا من عناء الحياة, رجال سيئون يتحكمون بالقوانين ورجال سيئون لا يملكون القانون بل يملكون قانون القوة.
من الجميل جدا أن نفعل الخير بدافع الرغبة ولكن ليس جميلا أن نحترم بعضنا خوفا من القانون, نحن نسعى لحياة أفضل, حياة ليس فيها أوامر تأمرنا بأن نحب بعضنا وبأن نتسامح مع بعضنا خوفا من القانون, قانون القوة يحطم العدالة والمساواة, قانون القوة يحطم الأقلام ويغلق الأفواه , تجاربنا توحي لنا بأن للقضاة سلطة على القانون وليس للقوانين سلطة على القضاة ورجالات الأمن المدني, الناس أو غالبيتهم مثلي أنا لا يخافوا من القانون وإنما من القضاة, القضاة غالبا كلما وجدوا قانونا جديدا يردع الظلم بين الناس فورا يستنبطون قوانين جديدة للتخلص من القوانين العادلة, الحكومات قد تتواجد بدون قوانين ولكن لا يمكن أن نجد القانون بدون دولة تحميه من رجال القانون أنفسهم, ويستطيع القاضي أن يحميك أو يحميني من الآخرين ولكنه لا يستطيع حمايتي منه هو شخصيا

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.