كفانا نركض خلف الفستان الأحمر

زهير دعيم
أصاب بالدّهشة حين أدخل أحيانًا الى بعض المواقع الألكترونيّة المحليّة ، فأروح أتذكّر كلمات المرحومة جدّتي :
” إحنا بإيش وهِنِّ بإيش “.
فالسّخافات والترّهات ” تسدّ النفس” وتمنع الشّهيّة ، فمجتمعنا العربي المحليّ ، الذي يغرق بالعنف وحوادث الطّرق والاعتداءات على المُعلّمين ، يفوز بقسط صغير من الاهتمام والرِّعاية والتحليل والمقالات ، كذلك العالم العربي من حولنا الذي يغرق بشلّالات الدّماء والتفجير والجوع والعملة الهابطة نحو الحضيض والغلاء المُستشري وصرخات الفقراء، تضيع وتخبو أمام :
• نِسرين طافش تتألّق بالأحمر بعيد ميلادها
• نانسي عجرم تتألّق بيوم الحبّ بفستان أسود برّاق
• هيفاء وهبي تُلفت الأنظار بتنورةٍ ليْلكيّة
• و….
وكلّ يوم ” فستان شكل” لفنّانة ” غير شِكل ” يكوْكب هنا وهناك ، وكأنّ الناس ” فاضية مُتفضيّة” لتعرف انّ المطربة فلانة لبست الأحمر أم النيليّ بعد ان خلعت الِبطِّيخي.
والأدهى والأمرّ علامات السؤال التي أخذت تملأ العناوين :
هيفاء تغضب في تغريدتها الجديدة …لماذا ؟!
النجمة أمل بشوشة تتألّق بإطلالة من وحي التسعينيات …. متى ولماذا ؟ .
غريب … مَن يجد الوقت ليدخل ويقرأ مثل هذه التّفاهات.
لم أسمع مرّة أنّ فيروز تألقت بفستان ما ، رغم أنّها تألّقت كثيرًا ، ولكن بعد أن انتشى سامعوها ومشاهدوها من روعة صوتها وادائها وحضورها ، وكذا الامر مع ام كلثوم وماجدة.
فهل اضحى الفستان الاحمر المشقوق يا ترى هو هو بيت القصيد أم أنّ الفنّ أبعد وأرقى وأروع ؟!!
لسنا ضدّ الفنّ بل بالعكس فالفنّ الجميل الهادف ، الرّاقي يستحقّ منّا أن نُصفّق له وننشر عنه ونواكبه ، وكذا الأناقة الجميلة الموزونة، ولكن أن نترك المهمّ والأهمّ والمعنى والفحوى والواقع المرير ، ونروح نركض خلف ذيل فستان هيفا المشقوق ، فأمر يدعو الى الشّفَقة .
غريب هذا الزّمن الذي أصبح الأصيل فيه منبوذًا ، مهجورًا ، مرذولًا ، وأضحى الشّكل والمظهر والتنورة الليْلكيّة القصيرة عنوان الفنّ.
جوعنا في هذه الأيام يجب ان ينصبّ ليس على هذه الخزعبلات ، بل الى ما يُلوّن حياتنا بالطمأنينة والفنّ الرّاقي والسعادة والمحبّة والعلم وكسرة الخبز.

جوعنا أن نقول للعنف والقتل : ” أتركنا ، حٍلّ عنّا …شبعنا دمًا ويُتمًا وجوعًا !!!
جوعنا اليوم هو الى الأفضل لنلحق الركب العالمي الذي خلّفنا وراءه بعيدًا بعيدًا.

About زهير دعيم

زهير دعيم زهير عزيز دعيم كاتب وشاعر ، ولد في عبلّين في 1954|224. انهى دراسته الثانويّة في المدرسة البلديّة "أ" في حيفا. يحمل اللقب الاول في التربية واللاهوت ، وحاصل على شهادة الماجستير الفخرية في الأدب العربي من الجامعة التطبيقيّة في ميونيخ الالمانيّة. عمل في سلك التدريس لأكثر من ثلاثة عقود ونصف . حاز على الجائزة الاولى للمسرحيات من المجلس الشعبيّ للآداب والفنون عن مسرحيته " الحطّاب الباسل " سنة 1987 . نشر وينشر القصص والمقالات الاجتماعية والرّوحيّة وقصص الأطفال في الكثير من الصحف المحليّة والعالمية والمواقع الالكترونية.عمل محرّرًا في الكثير من الصحف المحلّية.فازت معظم قصصه للاطفال بالمراكز الاولى في مسيرة الكتاب. صدر له : 1. نغم المحبّة – مجموعة خواطر وقصص – 1978 حيفا 2. كأس وقنديل – مجموعة قصصيّة –1989 حيفا 3. الجسر – مجموعة قصصيّة حيفا 1990 4. هدير الشلال الآتي – شعر 1992 5. الوجه الآخَر للقمر مجموعة قصصيّة 1994 6. موكب الزمن - شعر 2001 7. الحبّ أقوى – قصّة للأطفال 2002 ( مُترجمة للانجليزيّة ) 8. الحطاب الباسل- 2002 9. أمل على الطّريق -شعر الناصرة 2002 10. كيف نجا صوصو – قصة للأطفال (مُترجمة للانجليزيّة ) 11. العطاء أغبط من الأخذ –قصة للأطفال 2005 12. عيد الأمّ –للأطفال 2005 13. الخيار الأفضل – للشبيبة -2006 14. الظلم لن يدوم – للشبيبة 2006 15. الجار ولو جار – للأطفال 16. بابا نويل ومحمود الصّغير – للأطفال 2008 17. الرّاعي الصّالح –للأطفال 2008 18. يوم جديد – للأطفال 2008 19. الفستان الليلكيّ – للأطفال 2009 20. غفران وعاصي – للاطفال 2009 21. غندورة الطيّبة – للأطفال 2010
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.