كل عيد حب وأنت لست عدوا ولا معاديا!

أي دين يحاول أن يعرّفك على الله قبل أن ينير لك السبيل لمعرفة ذاتك ليس دينا! لا يمكن أن تتعرف على الله إلا من خلال البحث عن ذاتك… عندما تجدها وتتوحد فيها، عندها فقط سترى الله…
….
أنت لست من تظن أنك أنت، ملحدا كنت أم مؤمنا… لن تهتدي مالم تجد الخارطة التي تقودك من حيث أنت الآن إلى الآن… إنها رحلة الخطوة الواحدة، ولكنها أطول رحلة ستخطوها في حياتك.. إنها رحلة تجردك من عقلك وتدخلك نقيا إلى محراب قلبك حيث ستجد ذاتك، وستجد فيها الله… عقلك يحاول أن يقنعك بأنك اسمك وعائلتك وعاداتك وتقاليدك وانجازاتك وعلومك، والأسوأ قد يقنعك بأنك دينك! بينما أنت لست أيا مما سبق… أنت الله فيك والله هو أنت فيه….
….
لم يخرج نحات تمثالا من صخر إلا وترك بصمات أصابعه عليه، كذلك الله! لذلك ابحث عن بصماته التي تركها على جوهرك، وليس فوق “أناك” فالـ “أنا” هي الصدأ الذي رمته الحياة فوق الجوهر فحجبته، وصارت مهمتك المقدسة أن تزيل الصدأ عن جوهرك…
….
العقل يقف بكل تجلياته عائقا بينك وبين جوهرك… يشدك إلى الماضي ويخدرك بالتطلع إلى المستقبل، فيفوت
عليك التعرف على ذاتك التي لا توجد إلاّ في الآن… لذلك لن تجد تلك الذات مالم تتقن فنّ الاستغراق في اللحظة!
…..
عقلك هو صناعة محلية، ولن ترقى يوما إلى نقاوة الصناعة الكونية، والتي جسدت أجمل صنيعها في خلقك وفي جوهرك الذي هو ذاتك العليا…. تحرر من “أناك” الني أوهمك عقلك بأنك هي… تحرر منها كي تصل إلى ذاتك وتصل معها إلى كونيتك…

عندما تتوحد في تلك الذات ستكون قادرا على أن تتواصل مع ذوات الآخرين، وترى فيهم كونيتهم التي هي امتداد لكونيتك! في تلك اللحظة ستكون قادرا على ان تحب “عدوك” وتعيش عيد الحب في كل لحظة من حياتك!
….
لا يمكن أن تحب عدوك قبل أن تتعرف على جوهرك، ولا يمكن أن تتعرف على جوهرك إلا وتتحرر من كل عداوة… تذكر: الـ “أنا” هي القناع الذي يحجب الجوهر، وهي وحدها التي تنشب العداوات
كي تميّز نفسها! بينما لا تحتاج الذات العليا على أن تتميّز، لأنها تتميّز بكونيها وليس بفرديتها…

عزيزي القارئ: أضعك اليوم، وبمناسبة عيد الحب، أمام هذا التحدي… هل تستطيع أن تصنع من عدو لك حبيبا؟؟؟ أتحداك أن تتواصل الآن، الآن وليس في اللحظة التي تليها، أن تتواصل مع إنسان أساء اليك أو أسأت إليه لتفتح معه صفحة جديدة، وتقول له: أنا أنت وأنت أنا، وكلانا جزء من الكون ولا يكتمل الكون إلا بنا… أتحداك أن تفعل ذلك… وإن فعلت ستتلقى مكافأة كونية، لأن الكون يكافئ من يبقى جزءا فيه وليس جزءا متجزأا عنه… كل عداوة، مهما بررتها “أناك” تفصلك عن جوهرك…عن ذاتك العليا….عن كونك، وبالتالي تفصلك عن الله….
….
أنت، ومن خلال ذاتك العليا، الطريق والحق والحياة! فتعرف على تلك الذات…. وكل عيد حب وأنت لست عدوا ولا معاديا!
*******
بالمناسبة: لا تقل بعد الآن عن اصدقائك الفيسبوكيين أنهم افتراضيون… فليس افتراضيا سوى عدوك!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.