الوحشية في الشرق

الوحشية التي رافقت الحرب الاهلية في سورية لم تكن مفاجاة فهي امتداد لتاريخ طويل من الوحشية أسست لثقافة القتل وبررتها وفي احيان كثيرة أسبغت عليها إرادة الله. ما حدث كان تصاعدا غير مسبوق في الحجم والحقد بحيث لم يعد العقل ولا الله موجودا في طرفي الحرب التي فاقت بوحشيتها كل وحشية على امتداد العالم . في تاريخنا قتلنا ثلاثة من افضل الخلفاء الراشدين عمر وعلي وعثمان, في كربلاء قتلنا الحسين بن علي وسممنا الحسن واجتاح الحجاج بن يوسف الثقفي بغداد والعراق وأغرقه بالدم دون حساب ودرسنا عمله في مدارسنا على انه عمل وطني .! في الحكم العباسي اجتاح ابو مسلم الخرساني وأبو جعفر المنصور الشام وقتلوا كل الاموين ونبشوا قبور خلفاىهم ولم يوفروا نساء ولا أطفالا في ابشع مجزرة في التاريخ القديم . في الحكم العثماني صار للقتل بالخازوق قانون عثماني وصار حتى السلاطين يفتتحون حكمهم بقتل السلطان كل اخوته خوفا من ان ينازعوه في السلطة ووحده محمود الثاني لم يقتل اخاه عبد الحميد لانه لم يكن له وريث فحبسه في سجن في قصره مكبلا لمدة١٨ عاما.

في تاريخنا الحديث أنتج الصراع على السلطة وحشية أخذت قادة ومفكرين ورجال دولة. في دمشق اغتالوا عبد الرحمن الشهبندر الوطني الأكثر ثقافة وتنظيما للثورة على الفرنسين. وأستفتح عهد الاستقلال بشنق سليمان المرشد الذي قاد ثورة الفلاحين على الاقطاعيين القساة من ال شريتح وهارون وعلى مشايخ العلوين لانه ألغى توارث المشيخة وكفروه واتهموه بالعمالة لفرنسا مع انه نجح ناىبا على قوائم الكتلة الوطنية وكانت فرنسا قد اعتقلته وأخذته أسيرا الى الرقة مشيا على الأقدام. ولم يذعن لها فكانت وحشية تخلو من الأخلاق والعدل .

بعد انقلاب حسني الزعيم سلم المفكر الكبير انطون سعادة الى جلادي الطاىفية في لبنان فقتلوه في ساعات بعد سقوط حسني الزعيم قتلوه مع رئيس وزراىه محسن البرازي بعد ساعات, وفي بيروت قتل حرشو البرازي الحناوي قاىد الانقلاب على حسني الزعيم وفي الارجنتين قتل أديب الشيشكلي ثارا وفي الخمسنيات قتل عدنان المالكي اغتيالا ثم في الثمانينيّات تصاعد القتل فقتل الدكتور محمد الفاضل وضباطا كبارا وتلامذة ضباط في مدرسة المدفعية وافرادا من حزب البعث على دوافع طاىفية وقتل مواطنون في باصات وفي القطارات وفي حماة قتل النظام عشرين ألفا واعتقل مثلهم .

في الاْردن قتل الملك عبد الله وقتل رياض الصلح رىيس وزراء لبنان وفي عمان اغتالوا هزاع المجالي ووصفي التل ثم في أيلول الأسود قتل فيها خمسة الاف فلسطيني

وفي الحرب الاهلية في لبنان قتل بوحشية متبادلة ألوف لللبنانين من الطرفين واغتيل معروف سعد وورئيس الجمهورية بشير الجميل, ورئيس الجمهورية معوض ومفتي الديار اللبنانية والامام الصدر ورياض طه وكامل مروة وكمال جنبلاط ورفيق الحريري وجبران تويني وجورج حاوي وسمير قصير و بيير الجميل وغيرهم كثيرون غيبوا.

في السعودية اغتالوا الملك فيصل وقتل عشرات من الضباط السعوديين سرا بقطع الرقاب .

في اليمن تم اغتيال قيادات الجنوب اليساريين مرة لانهم شيوعيون ومرة لانهم ضد وحدة اليمن.

في السودان قتل النميري ١١ ألفا من أنصار المهدي في جزيرة ابا على النيل ثم قتل كل زعماء الحزب الشيوعي بعد ان سلمهم اليه القذافي ولكي يحسّن النميري صورته في الخارج وافق على ترحيل اليهود الى اسراىيل ولتحسين صورة وحشيته في الداخل أعلن تطبيق الشريعة الاسلامية فأسس بذلك قواعد الانفصال الذي تم بعد ذلك .

في الجزائر اقتتل أبناء الثورة على السلطة وقتل قادة كبار ومنهم ريس جمهورية ثم قاد الحكم حملة ضد المتدينين ازهقت عشرات الألوف.
القذافي قتل كل معارضيه ولاحقهم الى الخارج وخطف الامام الصدر وقتل رئيس الوزراء السابق في القاهرة .

وفي المغرب اغتال الحسن المهدي بن بركة وأغرق السجون بالمعتقلين الى ان نجله بمناسبة عيد ميلاده اطلق ٣٥ ألفا منهم والباقي الى مناسبات اخرى.!؟

في مصر شنق عبد الناصر قادة الاخوان وعبر. النظام المباحثي قتل الألوف وخنق الحريات ومذيعوه يصرخون اخي المواطن ارفع رأسك فإذا رفعها طارت .!

في الصومال يقتتلون من الشمال الى الجنوب وأحيانا لمجرد القتل والنهب والسرقة.

في العراق كانت قمة الوحشية تبادل حزبا البعث والشيوعي مذابحها وسحلوا في الشوارع قتلا متبادلا الألوف فقتل الملك فيصل الثاني والأمير عبد الاله وكل العاىلة المالكة ونوري السعيد ثم قتل عبد الكريم قاسم واغتيل عبد السلام عارف ثم اغتيل اياد سعيد ثابت وفؤاد الركابي وقتل الشواف والطبقجلي وسحلوا مع المىات في شوارع الموصل . ثم قتل تقريبا كل أعضاء القيادة القطرية على يد صدام حسين وسبق له ان استدعى للقصر أربعين معارضا سياسيا بحجة الحوار معهم وقتلهم كلهم داخله
ثم اجتاح صدام مناطق الاكراد بالكيماوي وقتل عشرات الألوف من الشيعة وشنق الامام الصدر. في الحرب مع ايران قتل مليون عراقي وفي حرب الكويت ثم مع احتلال العراق قتل مليون اخر ثم تم شنق صدام حسين ورفاقه

الفلسطينيون تكفلت اسراىيل بقتل الألوف وتكفلت الدول العربية بقتل عشرات الألوف منهم دفاعا عن المقاومة!؟

هذا هو تاريخ الوحشية في وطننا وكلها تدل على سيادة ثقافة العنف والثأر والقمع والقتل والحذف وانعدام الحوار والتعايش الوطني بين المكونات وتراجع فكرة العمل بالوسائل السياسية لصالح فكرة العمل بالعنف والقتل والتصفيات . هذه الوحشية لم تعد غريبة عنا لأننا اعتدنا على استمرارها في كل دولنا ومجتمعاتنا وطوائفنا.
لا بد من اعادة النظر في مفاهيمنا عن المواطنة والحريّة ابتداء من المدارس والتنديد بالوحشية وتاريخها ورجالها ولا بد من اعادة بناء الانسان العربي على غير قواعد الوحشية المستوطنة في الفكر والسلوك والتي رافقت تاريخنا. وهذا هو السوال
١٢-١-٢٠١٧

ومطيعون يصرخون في صوت العرب

About ادوار حشوة

مفكر ومحامي سوري
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.