أفقر عشرة رجال لعام 2016م

في كل نهاية عام نقرأ تقارير غير سرية عن أغنى عشرة رجال في العالم, ففي بداية كل سنة ونهاية كل سنة يخرج تقريرا إحصائيا عن أغنى عشرة رجال في العالم, والسؤال المهم: لماذا تهتم الناس بأخبار الأغنياء والمشاهير ولا تهتم بأخبار الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض؟ لماذا لا نقرأ تقريرا إحصائيا مثلا عن أول عشرة فقراء في العالم؟ أو مثلا عن أفقر عشرة رجال في الأردن, أو في مصر, يعني مثلا نطلع على تقرير يخبرنا أن هؤلاء الرجال هم أفقر عشرة رجال في العالم أو في السودان أو الصومال؟ كل الأخبار تتناولها الناس وتناقلها مثلا عن أخبار المشاهير والشهيرات, ولا تتسلط الكاميرات على الفقراء والمتعسين, أنا مثلا لو تم تعداد أفقر عشرة رجال في العالم أكيد أنني لست واحدا منهم, لأنني غني بالمسيح وغني بالله,الأشبال والأسود طوال العام جاعت أما أنا فلا يعوزني شيء لأنني دائما أطلب من الله الرضا والتوفيق وخبزنا كفافنا أعطنا, وطالما في بيتي كيلو بندورة ونصف دلو لبن وربع دجاجة وديناران أعتبر نفسي ثريا وغدا سوف يرسل لي الله مثلهن , أما الفقراء الحقيقيون هم أولئك الذين يملك أقل واحد منهم ثروات تعادل دخل دولة أو عشر دول في العالم ولا يقدمون المساعدات للفقراء والمتعسين, أكيد الأشبال والأسود جاعت ومن المؤكد أن طالبي الله لا يعوزهم شيء.
الناس والأضواء تتسلط على الأغنياء ولا تتسلط على الفقراء, لو بحثنا عن الفقراء في كل مكان وقدمنا لهم العون والمساعدة ماذا سنخسر من تلك الملايين أو المليارات إلا بعض الفتات؟ يستطيع مثلا أغنياء قريتنا في الأردن أن يطعم واحدا منهم كل فقراء القرية طوال السنة, فما بالك لو تعاون معه كل الأغنياء؟ أصلا وفصلا إثقال الناس بالديون يشل عجلة الإنتاج, فمثلا أصحاب المحلات التجارية أغلبهم عاطلون عن العمل لأن رقعة الفقر تزداد والناس غير قادرة على دخول الاسواق للتسوق, وأنا واحد من أولئك الذين إذا خرجوا إلى السوق بمعية أزواجهم لا يقدرون على الشراء ويكتفون بعمل لايكات على البضائع المعروضة في الأسواق دون القدرة النهائية على عمل (لوود-أو- داون لود) دائما أنا وزوجتي ما نكتفي بعمل لايك أي إعجاب ولا حتى نستطيع عمل مشاركة لتلك المنتجات التي تغرق الأسواق دون أن تتحرك وهو ما يسمى بالاقتصاد الحديث بالتضخم وما كان يطلق عليه قديما تقييد حركة السوق ورأس المال بسبب عبء الديون.
أنا عندي نظرية اقتصادية مهمة أسمها ( نظرية المسطرين) والمسطرين هو الأداة التي يستعملها عمال البناء لبناء الطوب وعمال القصارة لقصارة جدران وأسقف المنازل ويستعملها عمال البلاط لتبليط الأرضيات وكل مهني لديه مسطرين, وإذا أردت أن أتعرف على حركة الاقتصاد في الأردن أو القرية دائما ما أسأل أصحاب محلات بيع مواد البناء هذا السؤال( كم مسطرين بعت هذا الشهر أو هذا العام؟) من خلال الإجابة أعرف حركة السوق, فأولا إذا تحرك مسطرين عامل البناء فستتحرك القلابات التي تنقل الطوب والرمال وبالتالي تتحرك عجلات المركبات وتستهلك قطع غيار وتستبدلها بقطع غيار جديدة وتتحرك الكسارات التي تكسر وتطحن الصخور لتحولها إلى رمال ناعمة وخشنة وفولية بحجم حبة الفول وعدسية بحجم حبة العدس وتتحرك مصانع الإسمنت وتتحرك شركات صناعة الأدوات المهنية لأنه إذا تحرك مسطرين عامل البناء يتحرك خلفه مباشرة محلات بيع أخشاب البناء وأخشاب صناعة الأبواب والأثاث, كل شيء يتحرك بمجرد أن يتحرك مسطرين عامل البناء, ولكن المسطرين لا يتحرك عندنا لأن الناس فقراء ولا يملكون الأموال لبناء البيوت وبالتالي عجلة الدوران واقفة بلا دوران والعمال نائمون في منازلهم ولا يخرجون للعمل.
نحن نملك في قريتنا تعدادا لأول أو لأهم عشرة فقراء في القرية بل أول 100 مائة فقير في القرية على مستوى حدودنا الجغرافية, والعالم كله لديه إحصائية عن أهم أو أول عشر فقراء في العالم لعام 2016م ولدينا إحصائية عن أفقر عشر دول في العالم على مستوى الكرة الأرضية, ولكن الدول الغنية تعيش على رقاب ودماء هؤلاء الفقراء, أينما وجدت فقيرا في الحي الذي تسكن به عليك أن تعلم أن هنالك رجلا ثريا يسرق هذا الفقير ومعه عشرات الفقراء الذين يسرقهم من أفراد عائلته, أينما وجدنا دولة غنية نجد معها دولة أخرى فقيرة او عشرات الدول الفقيرة التي تسرق خيراتها, يوجد أغنياء وأثرياء لصوص يسرقون البسطاء من الناس.
دعونا نقرأ تقارير عن أفقر عشر رجال في الأردن لنقدم لهم المساعدة؟ دعونا نقرأ تقريرا عن أفقر عشر رجال في مدينتنا لنقدم لهم هذا العام مزيدا من المساعدات الإنسانية العينية منها والنقدية, دعونا نخبر الأغنياء عن فقرائنا, دعونا نخبر الدول الغنية عن الدول الفقيرة.
هل تعلموا أنني اليوم خرجت إلى السوق ووجدت سعر الدجاج ب160 قرشا أردنيا؟ كنت أنوي شراء دجاجة لإبني وبناتي الثلاث ولأمي ولزوجتي ولي لكي نستدفْ على رائحة طهوها, ولكنني عملت لايك على الدجاج وعدت إلى المنزل دون أن استطيع عمل شير أو داون لوود.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.