مي.. وملوك الجواري

شاركت السيدة تريزا مي رئيسة وزراء المملكة المتحدة، في قمة مجلس التعاون لدول الخليج، المنعقدة اليوم في المنامة، وتضمن برنامج السيدة مي المعلن، خطة (مجموعة عمل لمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية).
شعور بالالم، وخيبة أمل انتابتني وانا اتابع مجريات القمة، ومشاركة مي.
للحظة تخيلت نفسي فتاة سعودية، اشاهد (خادم الحرمين)وهو ينحني تواضعا، ويمد يده مصافحاً (مرأة) بينما هو ذاته، يمنعني من قيادة السيارة لتوصيل أطفالي للمدرسة، باعتباري (عورة)، ويفرض عليّ النقاب، ويمارس ضدي ابشع ألوان التمييز العنصري، ويتم تعريفي في المجتمع رسمياً باني (عورة ) بينما يقف بتواضع وانحناء لحاكمة بريطانيا العظمى وهي مرأة.
وتخيلت نفسي احد معتقلي الرأي في المنامة، وانا اشاهد رئيسة وزراء بريطانيا تقف لجانب ملك البحرين، المنتصر على شعبه، بدعم جيش ال سعود الوهابي، والذي لم يغسل ميدان اللؤلؤة للان من دماء شباب المنامة وبناتها المطالبين بالحرية.
وهكذا تخيلت نفسي احد ضحايا التحالف الاخواني الوهابي، الذي تديره قطر وتسبب بسفك دماء آلاف العراقيين، والسوريين، واليمنيين، والليبيين، والمصريين.
تخيلت نفسي ام لطفل يمني قضى نتيجة قصف الطائرات الاماراتية ضد المدنيين الأبرياء.
ثم تسائلت بحيرة، كيف يمكننا ان نقضي على الارهاب والحال هذه، او كيف يمكننا ان نقنع الشباب العربي والمسلم المتحمس ضد الغرب، ان الأنظمة الغربية إنسانية، وان المملكة المتحدة تقف لجانب الشعوب المقهورة، والمضطهدة، وتدعمهم من اجل الحرية، والسلام؟
يجب ان نتصارح مع ابناءنا، ويجب ان يفهم جميع الشباب والبنات الأوروبيين، والامريكان، ان تحالف (القوى العظمى) مع ملوك الخليج، هو السبب الرئيسي، والاهم، في القضاء على حركة التنوير العربية والإسلامية، وهو السبب في إنهاء جيل من المتنورين، واستبداله بالإسلام السياسي، والجماعات الجهادية.
وان التحالف الغربي مع الوهابية، وخصوصا بريطانيا، جعل العالم اقل أمناً، وأسهم في تقوية جماعات القاعدة، وبروز ظاهرة ابن لادن، وتسبب في احداث 11 سبتمبر 2001 ولن يتوقف حتى بعد القضاء على (الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش) ما دام تحالف المصالح المشبوهة هذه يتحكم في السياسات البريطانية والأمريكية والاوروبية.

دفع البريطانيون اموالا طائلة لمكافحة ارهاب القاعدة في العراق وافغانستان، وقدموا عددا من الضحايا، مدنيين وجنودا، والعقيدة السعودية، والمال الخليجي، هي المفقس الحقيقي لهذه الجماعات.
والاستثمارات، والتحالفات البريطانية، والأمريكية، والاوروبية معهم، اهم عوامل صمود وبقاء هذه الأنظمة المستبدة، التي تُمارس ابشع انواع الانتهاكات لحقوق الانسان.
انا المواطن العراقي، قدّم شعبي بجميع مكوناته عشرات الآلاف من الضحايا، بسبب تحالف بريطانيا مع دول الخليج، ودخول عدد كبير من الإرهابيين الخليجيين، الذين قتلوا اخي الصحفي الشاب سيف، الذي لم اعثر على جثته للان، ومثله آلاف الشباب العراقيين.
الذين قاموا باغتصاب آلاف من العراقيات الايزيديات، وقتلوا الأطفال، وهدموا الكنائس، والمساجد، وخربوا آثار بلادي الأقدم انسانيا، اتوا باموال الخليج، وفتاوى الوهابية السعودية وعقيدتهم، فماذا يفرق الوقوف لجانب الملك سلمان عن الوقوف مع ابي بكر البغدادي يا ترى، وكلاهما يُكفّر 90‎%‎ من سكان الارض، ويقطع رقاب المواطنين بالسيف، استنادا لأسس دينية، ويضطهد النساء وينتهك حرية الرأي والمعتقد.

شعرت بخيبة امل كَبِيرَة، وسأعذر كل شاب محدود الثقافة، في العالم العربي، والإسلامي، اذا اعتقد بنظرية المؤامرة التي يقودها الغرب، لتهديم الشرق، ودعم التطرّف والعنف فيه.
ان الشعب البريطاني يستحق حكومة اكثر شرفا، وانسجاما مع روح الثقافة البريطانيا من السيدة تريزا مي، وضحايانا يستحقون موقفا بريطانيا، اكثر صدقا في مكافحة الارهاب الوهابي الخليجي.

غيث التميمي
لندن 2016/12/6

About سرسبيندار السندي

مواطن يعيش على رحيق الحقيقة والحرية ؟
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.