الخلط بين العلمانية والإسلام‎

في مقال للدكتور عمار عرب في مجلة صوت العلمانية بعنوان – الإسلام والعلمانية –
والذي يختتمه بقوله ( السؤال برسم العقلاء فقط وللكلام بقية ) ؟…..
هناك أغلاط وأخطاء جسيمة في المقال من حيث الخلط بين عدّة مفاهيم وتوظيف ألفاظ لخدمة معان لادلالة لها إذ يقول بداية ( يقول أحد الوعاظ المشهورين على إحدى القنوات الفضائية إن العلمانيين ملاحدة وهم يتناقضون مع الإسلام )
ولم يذكر اسم هذا الواعظ المشهور ولم يبيّن ماهي مؤهلاته العلمية بعيداً عن الأزياء أو الزي الذي يتلطّى به حيناً في بعض المناسبات أو في كل حين عندما يتخذ منه لباس مهنة أو عمل وهناك الكثير من هؤلاء الوعّاظ الذين تتضارب أقوالهم ويتخبطون فيما هم فيه وخاصّة عندما يكون هذا الواعظ موظفاً يعيش في دوّامة لا يعرف الخروج منها …
ثم يتساءل بقوله ( فهل كلامه صحيح ؟ ولماذا قال ماقال ؟ ولماذا يقول قوله الكثيرون ؟ ) ؟….
وينزلق بعد ذلك وربما كان ذلك بدون قصد منه ليقول ( ويكفي أن تقول عن شخص انه علماني كي ينظر الناس له على أنه مرتد عن الإسلام أو كاره للإسلام ) ؟…
وهنا لم يستطع كاتب المقال أن يميّز بين المرتد عن الإسلام وبين الكاره للإسلام وبين الرافض لأحكام الإسلام ؟ ثم يدعي بقوله ( وأنا أدعي أن معظم الوعّاظ والشيوخ …….)
ولكنه لا يأتي بدليل يدعم أو يثبت أو يصدق ذلك الإدعاء ؟ ليبقى محض إدعاء لادليل عليه ولا حجة ولا إثبات ولا برهان … وهذه كبيرة بحق باحث يدافع عن العلمانية بدون دليل ؟
والأغرب عندما يحاول أن يعرّف العلمانية التي تفرّغ للدفاع عنها بقوله
( العلمانية هي فصل الحكومة والسلطة السياسية عن المرجعيات الدينية )
وللأسف فمرجعيات الباحث لم توضح له علاقتهم بالعلمانية ؟ لأن العلمانية لا علاقة لها بالمرجعيات التي يعتمدها .. ولا تتعرّض للمرجعيات بقدر ما تتعرض للدين نفسه ..
وكيف ينساق بعد ذلك في كل مايذكره في دفاعه عن العلمانية في تعريفها الخاطئ ؟
ودليل ذلك بأن كل ماذكره بعد ذلك لا علاقة له لا بعلمانية ولا بدين ؟ لأن العلمانية هي
( فصل الدين عن الدولة وأن السيادة للشعب ) والدين هنا لا يعني المرجعيات الدينية ؟
بقدر مايعني الدين نفسه .. كما أن الدين لا يعني الوعّاظ ؟ بل ولا علاقة للدين بهم ؟…
وكذلك فالدولة هنا ليست هي الحكومة والسلطة السياسية ؟!… وكان الأفضل أن يراجع القانون المدني ويتعرّف على الدولة والأسس التي تقوم عليها ومقوماتها ووظائفها ؟…
وبعد تعريفه الخاطئ للعلمانية يقوم بتجهيل ذلك الواعظ البسيط المغلوب على أمره والذي يتاجر بالدين من أجل قوت يومه مع ما ينظر اليه بطرف خفي من تسلّق وشهرة زائفة ؟
فالإنسان الذي يتحلى بالقيم الإلهية ويوظف تلك القيم للبحث عن لقمة عيشه وشهرته ..
إن تلك الشهرة الزائفة التي يبحث عنها تغور فيها أعز قيم الإنسان التي أكرمه الله بها
دعك من ذلك الواعظ … بل يتهم الكثير من الناس معه إمّا بالجهل ؟؟ وإمّا بالتدليس ؟؟؟
وذلك في قوله ( إن واعظنا الكريم ومن يعتقد اعتقاده وهم كثر إمّا أنه جاهل …..
إلى أن يقول : وإمّا أن يقولها مدلساً عن قصد ) ؟….
ثم يخوض في توضيح ماقاله بكلام دون روابط ودون دلالة وبدون معنى مفهوم ؟..
إنما يكرر جملاً جاهزة ومسبقة الصنع ومنقوعة في إنشاء باهت وممل .. واستهلكت من كثرة استعمالها واجترارها في توصيف واقع اعتاده الناس وألفوه لدرجة التعايش معه
ولكن أن يصل به المقام إلى وصف الله سبحانه وتعالى بألفاظ لا تليق بالذات الإلهية ولا بأي شكل من الأشكال ولا بأي حال من الأحوال ويأنف منها الإنسان البسيط فذلك خطأ لا يغتفر ولا يبرر ؟….فما هي علاقة العلمانية بذلك الوصف ؟؟!!….
والمستغرب كيف أن الباحث يتوغّل في توصيف خصوصيات الحياة الدعوية والوعظية لذلك الواعظ المشهور ويتحدث عن مؤسساته الفقهية ولا ينسى أن يعرّج على جزئية يحاول العلمانيون اختصار الإسلام فيها وشغلت بالهم واستنفدت جهودهم وأهدرت وقتهم وهم يبحثون ويحققون فيها وهي الأقوال والتمتمات التي تصاحب المسلم عند دخوله الحمام ؟؟
رغم أنه لم ولن يستطيع أن يذكر اسم ذلك الواعظ رغم أنه مشهور ؟؟؟
وهنا …. هنا يسقط الباحث سقطته التي كشفت إمّا عن جهله وإمّا عن تدليسه وذلك الذي اتهم به قبل أسطر ذلك الواعظ ومعه الكثير من الناس في قوله ( ولــــــــــو قال لنا الأخ الواعظ بأن الناس يجب أن يسألوه عن كل كبيرة وصغيرة لأنه عالم هنا نقول له توقف يكفي تدليساً فأنت كاهن ولست عالم …) ؟…..
ثم يستدل على قوله وإدعائه بعرض كلمة عالم على اللغة الإنكليزية واللغة الألمانية ثم يشمل كل لغات العالم لبيان معنى كلمة عالم ؟….
حيث كان من المفروض عليه أن يعرض كلمة – لــــــــــو – التي اتهم بناءً عليها ذلك الواعظ البريء ونسب إليه كلاماً زوراً وبهتاناً ولم ولن يقله الواعظ .. ثم يحاكم الواعظ على كلام لم يقله ؟ فما هو معنى ودلالة كلمة – لـــــــو – في اللغة العربية وفي اللغة الإنكليزية وفي اللغة الألمانية بل وفي كل لغات العالم .. فهل يجوز لباحث عن الحق والحقيقة أن يبني كل محاكماته وتصوراته على اتهامه لواعظ بناءً على ( لو قال لنا الأخ الواعظ ) ؟… فماذا لو لم يقل لك ذلك الأخ الواعظ ؟؟؟؟
فهل هذه هي العلمانية التي تتبناها وتدافع عنها لتقنع بها الناس ؟
وأنا أستغرب هنا كيف أن هذا المقال الذي يقارن بين العلمانية والإسلام بني على ( لو )
ثم فجأة ينعطف في المقال عن العلمانية ويخرج عن موضوع الواعظ إلى محاربة السنة النبوية الشريفة ويقحم في مو ضوع العلمانية ماليس منها ؟ فبعد أن فصل العلمانية عن القرآن يعود هنا إلى الإستشهاد بالقرآن والإلتزام بأحكامه خلافاً لما تعتقده العلمانية ؟
فيقول ( والمنع هنا في إتّباع غير القرآن واضح ) ثم يعرّج على موضوع هو خارج السياق تماماً بقوله ( وجعله ديناً معقداً بمحرّمات ألفية بدل ال 16 محرماً الموجودة في كتاب الله )
وهذه ال 16 محرماً هي ال 14 محرماً عند أحمد ماهر منصور رئيس طائفة القرآنيون
ومعنى قرآنيون يعني لا يعترفون بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وينكرون كل ماجاء به في السنة الشريفة ؟.. ومع ذلك فما هي علاقة الألفية وال 16 بموضوع الواعظ المشهور
وما علاقة ذلك بالعلمانية والإسلام ؟.
وفي النهاية نجد أن الدكتور عمار عرب يتقمّص وباللاشعور شخصية ذلك الواعظ الساحرة ويتقنها عندما ينصّب من نفسه واعظاً وينظّر للناس البسطاء والعوام الذين اتهمهم قبل قليل بالجهل والتدليس وفعل كما يفعل الوعاظ الذين صب عليهم جام غضبه إذ يقول
( وانظروا كيف أصبحت مجتمعاتنا وما أصابها من أمراض فلا زلنا نتقاتل مع بعضنا …)
أليس هذا الكلام الذي مللنا من سماعه وتكراره .. والذي صنعت مسبحات على مقاسه … هو مايجّتره الوعاظ والمشايخ الذين انتقدهم في بداية مقاله ؟…
وأخيراً أستعير من الباحث عمار سؤاله ( السؤال برسم العقلاء فقط )
لأجيّره لنفسي وأعيد صياغته ولكن لن أوجهه للعقلاء بل سأتوجه به للأخ الكريم عمار عرب
وأقول له وأنت الباحث المسلم العلماني والمدافع عن العلمانية في وجه الإسلام وبنفس الوقت الذي تقرّ فيه وتعترف بقولك ( والمنع هنا في إتّباع غير القرآن واضح ) فلماذا لا تطبق ذلك القول على نفسك وأنت أولى بذلك من غيرك وتتّبع القرآن الكريم بما يأمرك ويلزمك والمؤمنون به وأنت واحد منهم .. ألم يأمرك القرآن الكريم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم فيما يقوله الله تعالى ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )
وختاماً … دعك من الوعاظ والمشايخ والموظفين والمتسلقين دعك من كل ذلك …
ماهو جوابك لله تعالى لما أمرك به في القرآن الذي لا تتبع غيره عن عدم التزامك به بقوله
( ماكان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم
ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبيناً )
هل العلمانية التي تدافع عنها هي التزام بما أمرك الله تعالى به ؟..
أم أنها فصل بين ماقضى به الله ورسوله وبين ماتختاره أنت … بعلمانيتك ؟..

About محمد برازي

الدكتور محمد برازي باحث في العلوم الاسلامية والقانونية من دمشق ، مجاز من كلية الشريعة بجامعة دمشق ، دكتوراة في عقد الصيانة وتكييفه الفقهي والقانوني ، مقيم في ستوكهولم .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

One Response to الخلط بين العلمانية والإسلام‎

  1. karam says:

    هل فعلا يا دكثور براز تقطن الكرة الارضية وهل انت فعلا قرأت القرآن والسنة النبوية جيدا حتى تقول بأن لا يكفر العلماني ولا كاره الاسلام ولا يتم قتله أنت مخك أكل عليه الدهر وشرب يا دكثور الصيانة النبوية

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.