وداعاً حمامة السلام

yasminsabri

الفقيدة ياسمين مع الفقيد والدها الفنان محمود صبري

رحيل المهندسة ياسمين محمود صبري 1953-2016
عن عمر ناهز الثالثة والستين، فارقت الحياة مساء يوم السبت المصادف التاسع عشر من تشرين الثاني عام 2016 السيدة ياسمين محمود صبري – ملسوم إثر مرض عضال. ولدت الفقيدة في بغداد عام 1953، من أب هو الفنان العراقي المعروف المرحوم محمود صبري ووالدتها السيدة بريسا صبري. أنهت دراستها الأولية في العراق، ثم التحقت بوالدها في منفاه في يراغ العاصمة الجيكية في سبعينيات القرن الماضي لتكمل دراستها في جامعة براغ في علم الحاسوب، وحصلت على درجة الماجستير. وبسبب الظروف الاستثنائية التي واجهت العراق في حكم البعث، اضطرت إلى اللجوء إلى بريطانيا للإقامة والعمل،وباشرت في العمل في إحدى الشركات العاملة في تكنولوجيا المعلومات في بريطانيا. أقترنت بزميلها في العمل السيد كريستوفر ميلسون وأنجبا إينهما البكر الوحيد جوليان (كنعان).
لقد نالت هذه المرأة النبيلة احترام وحب كل من عرفها لما تمتعت من سجايا وخصال انسانية. فقد جمعت كل الصفات الايجابية التي بلورتها الشخصية الإنسانية. فهي الدؤوبة في دراستها وتحقيق مشاريعها المهنية، وهي الجميلة والصافية والرائقة والمتواضعة في علاقاتها مع كل من عاشرها وصادقها، وهي الحريصة على ملأ الدفئ في علاقاتها مع والدها الفنان محمود صبري ووالدتها وأخيها محمد، وانتقل هذا الدفئ إلى عش الزوجية مع زوجها البار كريستوفر ميلسون. وتكاملت هذه الصفات عندما حملت الهموم العراقية حيث عاشت خلال كل حياتها أحلام التنوير والحداثة حلمت بها هي وجيلها، وفي الوقت نفسه شهدت النكبات التي عصفت بهذا البلد العزيز على أيدي قوى الظلام والردة.
أيتها الحبيبة ياسمين، لقد فقدناك مبكراً، ولكن ذكراك وبسماتك الجميلة التي لم تبرح وجهك النيّر ستبقى ماثلة على الدوام في ذاكرة عائلتك الكريمة ووجدانها. وستبقى روحك وشخصيتك مصدر إلهام لكل من عرفك ومد يد الصداقة والعشرة معك. نامي قريرة العين في مثواك الأخير، ولك منا كل الحب والمودة.
19/11/2016 أصدقاء ومعارف الفقيدة

الساعة الثانية والنصف بعد الظهر المصادف الثاني من كانون الأول (ديسمير) 2016
مقبرة بريويك، ميدنهيد – انجلتره
الكلمة ألقاها السيد جيمس فيكرز
“مساء الخير وأهلاً وسهلاً بكم. لقد اجتمعنا اليوم لكي نودع ونحتفي بحياة شخص، حياة ياسمين ميلسون. بالنيابة عن عائلة ياسمين، اتوجه بالشكر لحضوركم اليوم ولتعاطفكم ومشاعر السلوان ورسائل التعزية.
أسمي جيمس فيكرز، ولي الشرف والسعادة أن أحيي هذه المراسيم. يمكنكم الحديث فقط عن الحياة، ولكن بالنسبة لكم اليوم فإنكم جميعاً جزء من القصة الحقيقية لحياة ياسمين وعائلتها المحببة وأصدقائها الطيبين الذين يتعاونون لاستكمال حياتها. أود بهذه المناسبة أن أقدم أنيسة ، صديق طفولة ياسمين لرثائها”:
“عزيزتي ياسمين
نقف جميعاً اليوم لنودعك ياأعز صديقاتي ونقول وداعاً
لقد تعرفنا على بعض منذ نعومة أظفارنا في بغداد، كان ابوينا صديقان حميمان، ولهما سوية تاريخ حافل في ذلك الزمن الجميل عندما كانت الحياة أكثر لطفاً. ويسعدني ويشرفني إنني كنت واحدة من صديقاتك.
إن كل ما نعبر عنه ليس كافياً بحقك. كنت سعيدة جداً بصداقتك، فقد كنت كريمة على مختلف الصعد، وكنت دوماً على أهبة الاستعداد لمد يد المساعدة لي ومشاركتي في السراء والضراء. سيتغير مجرى الحياة بعد رحيلك. إن رحيلك يشكل خسارة لكل من عرفك، وسوف لا ننساك، وستكونين على الدوام ماثلة في قلوبنا.
لقد خلدت إلى الراحة الآن، علماً أنك كنت في غاية الشجاعة والصبر ورباطة الجأش في صراعك مع هذا المرض. وآن الأوان كي تخلدي إلى الراحة، فلم يعد هناك حاجة لخوض الصراع، ولترقدي بسلام في مثواك الأخير”.
أنيسة التكمجي
ثم أخذ الكلمة السيد جيمز فيكرز ليستكمل خطابه قائلاً:
“ولدت ياسمين وترعرعت في بغداد، ولكنها التحقت بوالدها في مطلع السبعينيات في جمهورية الجيك. ولم يقف أي مانع أمام تحقيق أحلامها ومشاعرها، فدرست ياسمين لتحصل على درجة الماجستير في مادة التحكم الآلي التقني دون أن تنسى انها تدرس المادة بلغة جديدة… وفي أجواء ثقافية جديدة.
ثم شدت الرحال إلى انجلتره في بداية الثمانينيات للبحث عن آفاق جديدة، وحصلت على عمل في شركة الحوسبة الانجليزية
(ICL)
وهذا ما حدث.
1
وهنا التقت ياسمين لأول مع من سيصبح الحب المطلق وشريك حياتها وزوجها المقبل كريستوفر، وذلك في عام 1982. وقد تم تعيين كريستوفر كي يوضح لياسمين خبايا العمل ضمن فريق تطوير البرمجة…. وتبين من دون أي شك أنه أفضل تعيين قد حصل عليه، رغم أنه كان بطيئاً قدراً ما في هضم الحالة. ولكن ثقة ياسمين كانت وراء اتخاذ القرار المناسب، أي أن تقترن بالرجل المناسب لها.
تم عقد قران كريستوفر بياسمين في مكتب تسجيل عقد الزواج في مدينة ميدنهيد في 29 من تشرين الثاني/ نوفمبر في حفلة استقبال بهيجة ضمت العائلة والأصدقاء في فندق ريفيرا…وكان يوماً رائعاً. وفي الرابع من كانون الثاني عام 1999 أحتفلت ياسمين وكريستوفر بيوم رائع آخر وقد اكتمل زواجهما عندما بوركا بولادة ابنهما العزيز جوليان الذي يرسل هذه الرسالة لوالدته: إن لمن الصعب أن أنتقي الكلمات كي أعبر عن معنى ومدى فقدانك. ولكن الحزن على فقدانك هو شاحب عند المقارنة مع السعادة التي قمت بتوفيرها خلال كل تلك السنوات.
كانت ياسمين على الدوام تحقق انجازات رفيعة، سواء في محيط العائلة أو في حياتها المهنية. فقد أسست شركتها الخاصة في عام 2011 لتقديم الخدمات الاستشارية والإدارة الانتاجية، علاوة على كونها تجيد بطلاقة اللغة الانجليزية والعربية والجيكية. وفي محيط العمل، كانت ياسمين فريدة في الإدارة وكسب الأصدقاء، وليس الأعداء. كانت تتمتع بالمعرفة والمهارة والثقة والشخصية التي جعلتها ببساطة مصدر اشعاع. وأصبح زملاؤها وزبائنها أصدقاءاً لها تماماً كأصدقاء طفولتها، فالولاء كان في أوجه. وقد تم ترشيح ياسمين ” لجائزة الملكة في الصناعة” من قبل فريق العمل في شركة
ICL
، هذه الجائزة التي كانت تعني الكثير بالنسبة لياسمين، إذ كانت تدرك أن رأي الفريق كان بمثابة شرف رفيع لها كالفوز بهذه الجائزة.
تمتعت ياسمين بموقف انساني تجاه العمل والحياة، فالطابع المحبب الذي نما منذ نعومة أظفارها بقي ملازماً لها طوال سنوات حياتها. وقد أخبرتني صديقة الطفولة سوزان …: كانت الشابة ياسمين محبوبة ونشطة وواثقة. كانت “محبوبة” بكل ما تعنيه هذه الكلمة. كان جمالها كطفلة يشع بابتسامتها الساحرة التي لا تخبو. وتميزت ياسمين بإيجابية لا يمكن أن تتلاشى في كل مظاهر الحياة، فالجانب الناصع كان الجانب الوحيد. كانت متواضعة ولها قدرة طبيعية على التحدث إلى الناس، والأكثر من ذلك الاستماع إليهم. وتستطرد سوزان قائلة: لم تكن ياسمين صديقة فحسب، بل كانت أكثر من أخت يمكن الحديث معها بثقة واطمئنان. وتتذكر سوزان بابتسامة ذلك ” الترحيب الكبير” الذي تستقبلنا به على الدوام.
2
إذا ما تلقى زوجها من ياسمين نداءاً تلفونياً، فإنهما يتبادلان الحديث لمدة 15 دقيقة على الأقل قبل أن تلقي سوزان نظرة عليها، ولا استطيع التأكد بما فيه الكفاية مدى الحب الذي تكنه أبنة سوزان وابنها لياسمين. وعبرت سوزان من صميم قلبها بأن ياسمين كانت ببساطة سيدة جميلة، واحدة من مليون سيدة، يمكن التعويل عليها كصديقة حقيقية طوال حياتك. وكانت ياسمين واحدة من تينك الصديقات الحقيقيات.
وتورد نداء هذه الكلمات النابعة من القلب:
( كنت وياسمين جارين في عام 1954 حيث انتصب داران في شارعنا. كنا نذهب سوية إلى نفس حضانة الأطفال في عام 1957، واستمتعنا سوية بطفولة رائعة حيث كنا نلعب في الجنينة ونركب الدراجات في الشارع ونتمشى صوب بائع المواد الغذائية ومحلات بيع الحلويات ونتبادل القشب عن الجيران الجديد. كانت محبوبة من قبل والدي واقربائنا، وكنت على معرفة بوالديها. في خلال فترة المراهقة، درسنا سوية وهنا أتذكر حادث مميز. ففي أحد أيام الصيف قررنا أن نمارس مهنة الخياطة. فقمنا بخياطة بدلتين متشابهتي الطراز والألوان وارتديناها كتؤامين، وكنا نلقي النظر صوب جميع الناس وعلى وجهم الحيرة والدهشة ونحن نسير إلى جانبهم. درست كلتانا الكومبيوتر، ومارسنا نفس المهنة عندما بلغنا سن الرشد. لم تتوقف مداولاتنا أبداً طوال تلك الأيام. وشاء القدر أن نصل إلى انجلتره في العام نفسه ..عام 1980. وهنا في انجلتره وعندما كنا نلتقي نستعيد الماضي السعيد خلال تبادل الحديث، وأتذكر دائماً يوم زفافها. كانت تتوهج بالفرح والسعادة تماماً عندما جاء دوري بالزواج. ستبقى ابتسامتها العريضة في قلبي وسنفتقدها إلى حد كبير….. نداء.
كما أود أن أشارككم بالكلمات التي عبر عنها كريستوفر قائلاً…. لقد وجدت حبيبتي، وأكثر من ذلك عثرت على زميلة متكاملة، الابتسامة دائماً على محياها والحنين دائماً، وكانت ترعى على الدوام مشاعر الآخرين… ولكنها في منتهى الشجاعة في مواجهة الشدائد وقوية ومصممة ومفعمة بالأمل. كان اليوم الذي قبلت اقتراحي بالزواج هو أسعد أيام حياتي. أنت غالية جداً بالنسبة لي، ولابننا جوليان وعائلتنا، وبالطبع لاصدقاؤك الكثيرون ، والبعض منها تعرف عليك منذ أوان مرحاة الحضانة. انت شهادة في الحب الذي أعطيته لكل من حولك. كانت آخر كلماتك لي هي أنني عشت أوقاتاً رائعة. إن الحاضرون معنا اليوم كان لهم ضلع في تبلور خصالك.
لقد رحلتِ عنّا في عزِّ شبابك، واعتقد أن من يقف في الأعالي لديه مخطط أكبر لك يتجاوز حاجاتنا هنا في الأسفل. وعندما نلقي كلمة الوداع في هذا العالم فإن وداع عظيم.
أنه الحزن، ولكن في الوقت نفسه مشفوع بالفرحة الغامرة بمباركة وجودكم، حيث تجلبون معكم الكثير من الضياء والحب والطاقة لحياتنا. إن وجود مثل هذه الاشعاع على الأرض هو حالة نادرة في الواقع. فرغم رحيل هذا الضياء، إلاّ أنه سيبقى حتى الأزل شعلة في قلوبنا ….وهكذا، وإذ أودع حبي، فسألتقي بك من جديد في الحياة التالية. أحلام حلوة أيتها الحبيبة، أنت تستحقين الأسمى حيثما تذهبين. ستبقي إلى الأبد في ثنايا قلبي….. زوجك المحب أبداً كريستوفر.
3
سوف لا أسهب في الحديث عن مرض ياسمين، ولكنني سوف أعرب عن تبجيلي لعزمها الراسخ وقوتها وشجاعتها خلال تلك الفترة. فلم تنهار شخصيتها. فما الذي دفعها للابتسامة والضحك والحب كما كان في السابق. إن شجاعة ياسمين وإرادتها في البحث عن طريق جديد لهو مثال نحتذي به جميعاً.
من المحزن أن ترحل ياسمين في التاسع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عن عمر يناهز الثالثة والستين ربيعاً. سنفتقدها بمرارة وسنتذكرها باعتزاز، ليس من قبل زوجها الحبيب وابنها البار وأمها وأخيها…، بل من قبل كل من يعتز بصداقتها . لقد أغنت ياسمين كل حياتكم، تذكروها دائماً وتذكروها جيداً.
ومع اقتراب نهاية المراسيم، أسمحوا لي أن أذكركم بأن العائلة ستكون مسرورة أذا استطعتم مشاركتنا بع المراسيم في فندق هوليدي إن حيث سيتسنى لكم الكشاركة بأفكاركم وذكرياتكم حول هذه المرأة المثالية بحق.
ترتيل
أيها الأقرباء والأصدقاء، حان الوقت كي نؤدي الوداع الأخير، وأن نشكر بحق للحياة التي أحييناها، والصداقة المشتركة والحب الذي لا يخبو، ولنستعيض مباشرة عن كل دمعة ذرفت في الحزن تستعاظ بالذكرى الدافئة والابتسامة. أحفظوا ياسمين في وجدانكم وستكون على الدوام معكم، أحفظوها في ثنايا قلوبكم وستبقى تحبكم إلى الأبد. ياسمين ….أرقدي بسلام ، وأعلمي بأنك لا تتركين أي شيء ورائك سوى الذكريات الطيبة والحب في قلوب الكثيرين”.

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.