هل الاغتصاب الزوجى جريمة؟ (1)

khaledmontaserمدونة الدكتور خالد منتصر

استضافتنى مكتبة مصر الجديدة يوم الأربعاء الماضى ودار نقاش ثرى مع الحضور أثناء الندوة وبعدها، كان الجدل حول المفاهيم الاجتماعية أكثر حدة من الجدل حول المفاهيم السياسية، أكد لى هذا الجدل الساخن أن التغيير الاجتماعى الثقافى هو البوابة الملكية للعبور إلى الحضارة والتقدم وأنه بدون هذا التغيير لن يحدث أى تغيير سياسى، ولذلك دائماً أؤكد أن العلمانية التى تؤكد على حرية الفكر والاعتقاد واحترام الخصوصية مطلوبة قبل الديمقراطية التى تقدس صندوق الانتخابات وتداول السلطة. وببساطة شعب لا يعرف الحب لن يعرف الديمقراطية، استفز بعض الحضور من عبارة الاغتصاب الزوجى التى قلتها على المنصة، وعاتبونى عليها مستنكرين وجودها أصلاً، تساءلوا بغضب: هل العلاقة بين الزوجين فيها ما يسمى بالاغتصاب؟ كان ردى، والذى طالما قلته وكتبته: الاغتصاب كما نعرف جميعاً فعل جنسى تجبر عليه الضحية بواسطة رجل غريب عنها، أى بالضرورة ليس زوجها، ولكن هذا التعريف قد تغير الآن بعد رصد العلاقات الزوجية بصورة علمية، ومعرفة أن كثيراً من بديهيات العلاقة الجنسية قد صار الآن فى ذمة التاريخ، مثل رغبة الرجل وفحولته التى بالضرورة تتفوق على رغبة المرأة، والتى استغلها البعض فى الدفاع عن تعدد الزوجات، وأيضاً بديهية أن المرأة مجرد وعاء جنسى مستقبل فقط وجسد مستعد للجماع فى أى وقت وليس عليه أن يرفض أو أن يتململ، لأن الجنس فى اعتقاد القدماء لا يكلفها جهداً أو عناء، ولذلك كانوا يعتبرون الرفض إما دلالاً منها أو عنجهية وعجرفة لا بد أن تعاقب عليها بكسر أنفها المتعالى الممتنع بلا سبب، ولكن مع التقدم الحضارى والاجتماعى والعلمى عرفنا فيما بعد أن المرأة ليست مجرد دمية بلاستيك بها وعاء مثقوب لتفريغ كبت الرجل الجنسى اللاهث على الدوام الذى يضنيه فحيح الرغبة المتأججة، ولكنها إنسان مثلها مثل الرجل، الجنس عندها لا يتم بضغطة زر، ولكنه يتم بمجموعة معقدة من التفاعلات النفسية والشعورية والجسدية، ولكى تستمتع به لا بد أن تكون لديها رغبة وإلا لو انتفت الرغبة عندها ومارست مع الزوج رغماً عنها وهى توهمه بأنها مستمتعة فلا فرق بينها وبين العاهرة التى عليها أن تتغندر وتمثل الاستمتاع حتى يرضى عنها الزبون الذى هو الزوج، وبعد الانتهاء من هذه المسرحية الهزلية من الممكن أن تذهب سريعاً للحمام كى تتقيأ ما فى جوفها قرفاً من هذا اللقاء الخالى من المشاعر، وعرفنا بواسطة العلم أيضاً أن المرأة من الممكن أن تنتقل من نشوة إلى نشوة أخرى، أو بلغة علم السكسولوجى من أورجازم إلى أورجازم بدون مدة فاصلة، على عكس الرجل الذى لا بد أن يمر على نشوته وقت لا يستجيب فيه لأى إثارة حتى يدخل منطقة نشوة أخرى، وهذا الوقت تتفاوت مدته حسب السن، وبهذا تسقط أسطورة أن رغبة الرجل متأججة عن المرأة، وآخر ما توصل إليه هذا العلم هو أن المرأة تستجيب للمثيرات اللفظية من مغازلات وكلام معسول، أى إن الأذن لديها عضو جنسى أساسى والترتيب للقاء لا بد له من تمهيدات وملاطفات لا ينفع معها أن يكون الجماع فجائياً بطريقة روتينية فجة، أما الرجل فيثيره المشهد لا المسمع، ولذلك فالعين عنده مصدر الإثارة، ومن الممكن أن يمارس الجنس بلا مقدمات لفظية أو تمهيدات رومانسية، وهنا فرق هام يجعلنا نفهم الجنس عند المرأة وكم هو معقد ورافض للإجبار، وهو ما يقودنا إلى اعتبار أن الجنس الذى يمارسه الزوج بالإجبار مع زوجته الرافضة لممارسته معه يُعتبر اغتصاباً، ولا تنفيه أو تجمله أو تقلل من حدته ورقة كتب الكتاب والقايمة والشهود والمأذون، فهذه كلها ديكورات لا تخفى قبح هذا السلوك.

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.