حافظ الاسد يفكر فى حبس السادات بدمشق..

sadat-assadفى مثل هذا اليوم 17 نوفمبر 1977..
حافظ الاسد يفكر فى حبس السادات بدمشق..
بلغ الغضب مبلغه بالرئيس السورى حافظ الاسد من الرئيس المصرى انور السادات ..ففكر لحظة فى حبسه ومنعه من مغادرة العاصمة السورية “دمشق”..
حدث ذلك فى ليلة 16و17 نوفمبر 1977 فى مثل هذا اليوم..بحسب رواية الصحفى البريطانى “باتريك سيل”..فى كتابه “الاسد -الصراع على الشرق الاوسط”..الصادر عن “شركة المطبوعات للتوزيع والنشر بيروت “..فلماذا طرقت هذه الفكرة المثيرة باب “الاسد”..؟؟
كان تفكير السادات فى السفر لاسرائيل يأخذ خطواته العملية ..بعد ان المح اليه فى خطابه امام مجلس الشعب المصرى فى 9 نوفمبر 1977..وحاول كسب التاييد العربى لخطوته المثيرة ..فسافر الى سوريا للقاء رئيسها حافظ الاسد ..ويصف “سيل”..اللقاء ب “المبارزة الكبرى التى وقعت بدمشق”..ويقول “عندما جلس الرجلان طيلة سبع ساعات يناقش كل منهما الاخر ..ويناشده ويهاجمه بحدة ..لكن ذلك اصبح فى النهاية حوارا عقيما ..تركهما على اشد مايكون من الاختلاف ..مع اصرار كل منهما على الانفصال عن الاخر والذهاب فى طريقه المستقل..فقد جاء السادات فى محاولة اخيرة لاقناع الاسد بالموافقة على تعامله المباشر مع اسرائيل ..او ليكسب صمته على الاقل..
كانت تلك الليلة الطويلة المريرة ذروة اربعة اعوام من النفور المتزايد الذى كانت جذروه كامنة فى خيبات الامل مع حرب اكتوبر تشرين 1973..والذى ساده تسمما تحرك السادات باتجاه اقامة علاقة منفصلة مع اسرائيل..وقدر لذلك الاجتماع ان يكون اخر لقاء بينهما ….
اثناء النقاش حدث ان صاح السادات حسب قول “سيل”..”فلنذهب معا الى القدس او اذا لم تكن تستطيع المجىء فارجوك ان تلتزم الصمت ولا تجابهنى بالاستنكار او الادانة..فأذا فشلت فسوف اعترف باننى كنت مخطئا ..وساقول لشعبى ان يعطيك زمام القيادة”..كان السادات فى هذه الحالة طبقا لما يذكره “سيل “..”مستعجلادائما”..كان مستعجلا دائما لانهاء الحرب اكتوبر ومستعجلا لفض الاشتباك ..ومستعجلا للذهاب الى القدس وتدبير فرص تسوية شاملة ..وبدا انذاك انه مستعدا للقفز الى الاعتراف باسرائيل حتى قبل ان تبدأ المفاوضات والمساومات”..
اصاب الذهول الاسد مما كان يسمعه ..فاستعمل لغة مشحونة بالخطر اكثر من المعتاد فى تحذيره ل “السادات”..تحدث عن ان خطوته ستكون اخطر نكسة فى التاريخ العربى ..وسينجم عنها عدم توازن استراتيجى يجعل اسرائيل تضرب الاقطار العربية التى لادفاع لها واحدا بعد لاخر ..بادئة بلبنان والفلسطينيين ولن تاتى الرحلة بسلام ..بل انها على عكس ذلك سوف تنفيه وتبعده”..وقال “ان اى شىء عن السلام الشامل لايستحق الاخذ او القبول “.
يضيف “سيل”..بينما كان الاسد منهمكا فى عرض هذه النقاط فى نقاش ساخن مشحون بالعاطفة فانه لم يكن يعلم ان اتصالات السادات السرية قد تجاوزت به الى نقطة اللاعودة ..وهذا مما اضفى على تلك المناسبة ومضة لاذعة من سخريات القدر ومفارقاته “وكان وراء المجابهة بين الزعيمين الحقائق العنيدة الدالة على اختلاف الطريق القومى والمنحى والاتجاه ..كانا البلدان مصر وسوريا يسيران فى اتجاهين مختلفين متباينين ..كان الاسد معارضا تماما وبشكل كلى لاتصالات السادات باسرائيل من لحظة قيام مصر بوقف اطلاق النار من جانب واحد فى اكتوبر 1973..
كان تشاؤم “الاسد “المتهجم يتناقض مع شعور السادات بالثقة والتفاؤل ..وبحلول صباح يوم 17 نوفمبر 1977..وصل الخصام الغاضب بين الرئيسين حدا من المستحيل حتى عقد مؤتمر صحفى مشترك ..فواجه السادات الصحافة وحده واعترف بمعارضة الاسد ..لكنه اكد تصميمه على الذهاب للقدس ..وفى وقت متاخر من تلك الليلة نفسها اعلن ان الرحلة ستتم بعد يومين (19 نوفمبر)وطبقا ل “سيل “..”انتظر الاسد مغادرة السادات لدمشق قبل ان يتحدث بصراحة”..فقال “اننى حزين جدا لاننى لم استطع ان اقنع السادات بخطورة زيارته وبعواقبها البعيدة المدى على القضية العربية”وان السلام هدفنا فى سوريا تماما ..كما هو فى مصر والوطن العربى كله”..غير ان الاستراتيجية الناجحة لايمكن تحقيقها من خلال تكتيك خاطىء فاشل”..” واعلن يوم 19 نوفمبر يوما للحداد الوطنى العام فى سوريا..!!

About سامح جميل رزق الله

سامح جميل رزق الله ليسانس اداب 1968 دكتوراه فى تاريخ مصر المعاصر 1978 كان يعمل مراجعا للمادة التاريخية بالهيئة العامة للكتاب .. واحيل للتقاعد 2008..
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.