انهضي أيتها المرأة وزلزلي الأرض تحت أقدامهم.. وابدأي بحرق شيخ القرية حيا!

wafasultan2015راح فؤاد يقص عليّ حكاية والده المؤلمة، وربيعه الخامس والعشرين يعربد فوق كل تقاطيعه.. سرح في سلسلة الجبال التي تفصلنا عن مقاطعة سان دييغو، ذرف دمعة ـ شعرت بوهجها ـ ثم قال: مات أبي في العاشرة من عمره، ولكنهم لم يدفنوه إلا عندما بلغ عامه الخامسة والخمسين! صعقتني عبارته تلك…
تحققت عندها من أن بعض الناس يموتون قبل أن يُدفنوا بسنين…

كان والده الذكر الوحيد لوالديه.. أرسلته أمه يوما وفي العاشرة من عمره إلى شيخ القرية كي يتعرف على الله،
فعاد إليها يحمل نعش الله… اعتدى عليه الشيخ جنسيا! من يومها ـ وكعادة كل ضحايا الإغتصاب الذين لا يعاد تأهيلهم النفسي ـ فقد تواصله الروحاني والعقلي والعاطفي مع الحياة.
لفلفوا القضية ليس احتراما لطفولته، بل احتفاظا بسمعة “سماحة” الشيخ… عندما بلغ عامه الـ ١٨، ورغم هشاشته الفكرية والعاطفية زوجوه وأرسلوه مع زوجته إلى أمريكا حيث تعيش أخته… لتبدأ كارثة أخرى، كارثة الانجاب والتربية.. ويتابع فؤاد، أصغر أولاده الأربعة: أبي ضحيّة ونحن ضحايا الضحية!
…. (نزكي لكم قراؤة : داعية يعتدي على براءة طفل أربع مرات اثناء تحفيظه القرآن)
لا أعرف لماذا أسرتني قصة فؤاد ووالده أكثر من كل القصص التي سمعتها في حياتي… ربما عبارة فؤاد تلك طرقت على وتر حساس من أوتاري! من منا لا يعرف شخصا مات قبل أن يُدفن بسنين؟؟؟ تساءلت وأنا ألملم أوراقي لأستعد ليوم جديد..
….
البارحة كنت في اجتماع غير رسمي مع مجموعة من النساء.. جئن إلى بيتي لنتحاور في موضوع مؤتمر نسائي تحت عنوان “كيف نعلم النساء حول العالم أن يكنّ قادة” كاثي من اوكرانيا… مارتا من كوبا… ندى من فلسطين.. بهار من ايران… سهر من السعودية… شيرين من مصر… وأنا! لكل منا قصة ولكلّ منا وطن جريح… يختلف شكل الجرح وعمقه، لكن كل جروحاتنا تنزف!
….
اليوم وقبل أن أبدأ النهار توجهت إلى مقهاي المفضل لأستمتع بفنجان قهوتي الصباحي. ذلك الفنجان الذي تربطني نكهته بالكون، فأستعيد طاقتي المستنزفة من خلال هذا الترابط! في طريقي خارج المقهى تلقفتني مجموعة كبيرة من النساء، ظننتهن للوهلة الأولى مظاهرة لدعم هيلاري أو لإسقاط ترامب.. لكن اللافتات الكبيرة التي يحملهن والتي تقول:
Free Hugs
(عناق مجاني) لفتت نظري، ولم أشعر إلا بجسدي وقد ارتمى بين أيادهن… المرأة هي منبع لا ينضب للطاقة، لأنها هي الكون.. هذا ما شعرت به خلال تلك اللحظات التي عانقتني خلالها نساء لا أعرفهن… تركن مكاتبهن في البناية المجاورة للمقهى وهنا بلباسهن الوظيفي وقررن أن يرسمن ابتسامة على وجه كل عابر….
…..
أسرعت إلى سيارتي ورغبة حارقة تدفعني أن أضع النقاط على الحروف، وأنجز مهمة المؤتمر… علّ المرأة في شرقنا المعذب تقود يوما فتزلزل الأرض تحت أقدام رجال استنزفوا كل الفرص لإثبات أنهم لا يصلحون للقيادة..

انهضي أيتها المرأة وزلزلي الأرض تحت أقدامهم.. وابدأي بحرق شيخ القرية حيا!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to انهضي أيتها المرأة وزلزلي الأرض تحت أقدامهم.. وابدأي بحرق شيخ القرية حيا!

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: نعم لكل إمرأة في أوطاننا قصة مؤلمة ، والمؤلم أكثر أنهن من يحمل جرح وطن لازال ينزف بسبب عفونة أفكار الكثيرين من الذكور ومنهن ؟

    ٢: عندما يحرقن شيخ القرية سيتعض من في المدينة وسيقطعن شلال التخلف نحوهن ، فالعلة ليست فقط في الذكور بل في النساء اللواتي يسكتن عن حقوقهن وعن المحذور ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    منطق {عندنا تترشح مئة سيدة لبرلمان ما ولاتفوز عشرة منهن ، فالعلة ليست في الرجال بل في النساء اللواتي لم ينتخبوهن ، أليس نصف المجتمع منهن ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.