الإسلام الشامي المعتدل والوهابي السلفي والشيعي!؟

abdelrahmansharafالإسلام الشامي المعتدل والسلفي الوهابي والاخوان المسلمين والإسلام الشيعي كلاهما يعرقلان الهوية الذاتية للفرد بمنطق التفكير الحر الليبرالي والعقلانية ويعرقلان احداث أي تغيير في بنية مجتمعاتنا والتخلص من الاستبداد السياسي والديني لو اختلف التأويل والفقه المعتمد عند هذه الجماعات والحركات الدينية.
ليس بأحد يستطيع ان ينكر بأن الخطاب الديني هو المهيمن على ذهنية الافراد وبنية مجتمعاتنا الشرقية وبالأخص الإسلامية سواء كان من الناحية النفسية والفكرية في تشكيل الاذهان او من ناحية السياسية في المواقف عند كل حركة وخطاب ديني وجماعة بمؤيدها ومريديها وداعميها.
لقد بدأت ثورتنا السورية قبل أكثر من خمس سنوات بمطلب الحرية والكرامة والعدالة والتخلص من نظام الاستبداد واستبداله بنظام اخر بعد حكم نصف قرن من الهيمنة والسجون التي ارهص بها البلاد والفرد.
وبعد خمس سنوات من المرارة والالم والأسى والتدمير والقتل والتهجير واشد أنواع العذاب في مسار قضيتنا مازال الأسد قائم ويستخدم كل الإمكانيات الداخلية والخارجية للحفاظ على بقائه وكيانه الذي اسسه له الاب ومن بعده الابن الوريث الغير شرعي. بالرغم من قدرة الثورة السورية من زعزعة بعض دعائمه وكيانه بمقارنتها قبل الثورة وبعدها.
واحد الأسباب المهمة التي ساعدت الأسد على البقاء هو السلطة الدينية والجماعات الدينية ومواقفها سواء كانت هذه المواقف والجماعات مع الأسد او ضد الأسد.
فكلاهما ساهم في بقائه من ناحية النضال والاخطاء المرتكبة من قبل الجماعات المسلحة الدينية على الأرض او في شقها السياسي المدعومة من دول الخليج وغيرها التي حرفت مسار الثورة ورفعت شعارات دينية في النضال لمواجهة النظام ك جيش الإسلام والنصرة وغيرها من الكتائب الإسلامية القائمة او من الإسلام الشامي المعتدل الذي برز يقدم نفسه كإسلام معتدل في دمشق كاتباع الشيخ البوطي ومفتي نظام الأسد محمد حسون والإسلام الشيعي ايضاً الذي اصطف بالنضال المسلح لأجل الحفاظ على السلطة ومصالح ايران بمليشياته فقد أصبح طريق القدس من دمشق للمقاومة والممانعة المزيفة في ذهنية هذه الشعوب. وكل هذه الحركات يٌغذيها المقدس المبني على نصوص دينية ب تأويلات وفقه مختلف.
ان الثورة السورية رغم حرفها عن مسارها وأهدافها الحقيقية وتحويلها لحرب أهلية واتخاذ من سورية ساحة صراع دولي للمصالح يستخدم به الخارج بعض السوريون من قيادات وافراد وحركات كأجندات لهم.
الا انها مازالت ثورة قائمة تتجه لتحقيق أهدافها ولا يمكننا ان نحكم على الثورة ونتائجها بليةٍ وضحاها او بسنين معدودة فالثورة الفرنسية استغرقه ما يقارب ثلاثمائة سنة لتحقيق أهدافها. والثورة تبقى مستمرة من ناحية الفكرية والسياسية والدينية وكل ما يحرك المجتمع وتعيد نقد وترتيب نفسها في كل وقت وتتابع أجيالها.
وهٌنا في هذا الطرح لا يكمن هدفي وموقفي والذي يحركني سوى فضل الثورة السورية التي حدثت فلولا قيامها لما استطعنا معرفة مشاكل مجتمعاتنا بالشكل الحقيقي ولما استطعنا الكتابة بحرية واحداث تكتلات حزبية وفكرية خارج هيمنة النظام ومنهجيته المتبعة قبل قيام الثورة. ولو ذقنا المعاناة والويلات والالم وباتت يتيمة هذه الثورة فهذا لا يعني أن الثورة ليست مستمرة وليس لها ضريبة عند كل فرد.
ان الثورات تأتي لأحداث وعي عند الطبقات الشعبية وافراد المجتمع في مشاركتها بأحداث التغيير الحقيقي في بنية المجتمع واستبدال النظام بنظام اخر يكفل حقوق الافراد والجماعات وحرياتهم الفردية والتخلص من أدوات النظام السابق. ويكون الدين هو علاقة الفرد مع نفسه وخالقه ويساهم في حياته تاطير مفهوم الحرية الفردية بناء على العلاقة الفردية مع الله والتخلص من الظلم وبناء دولة عادلة أيضا في مفهوم الدولة الحديثة والعلمانية في العالم.
الا ان هذه الحركات الإسلامية بمختلف مشاربها الفقهية مازالت بعيدة كل البعد عن مفهوم الثورات واحداث تغيير وإصلاح حقيقي وسلوكيات جيدة وانسانية تصب في مصالح ثورتنا السورية والتخلص من الاستبداد بل أصبحت حليفة له وحليفة لمصالح الدول الخارجية ايضاً بطرق ووسائل مختلفة. وهذا يؤثر كما ذكرت في مشاركة الطبقات الشعبية بوعيهم ومواقفهم واصطفافاتهم السياسية وزيادة وتيرة العنف في تصارعها وانقسامها.
ان هذه السلوكيات والمشكلة تكمن فكرية وايمانية عند هذه الجماعات والحركات مٌصطبغة بالسياسة والعمل السياسي لتحقيق أهدافها على الشعور الدين والمذهبي والفقهي عند كل جماعة في رفع الرايات والشعارات والبرامج السياسية.
وان المشكلة التي تشكل عبئ على واقعنا الشرقي عامة والعربي الإسلامي خاصة سواء في الراهن او منذ قرون طويلة. لا بد في إطار العمل الثوري والتغيير الحقيقي في التعامل معها من جذورها وليس التحايل على الواقع لكسب رضى المواطن والفرد ورضاء شعوره الأيديولوجي والخوف على الشعور الجمعي وهذا امر جيد ان نأخذه بعين الاعتبار ولكن لابد لأي تغيير حقيقي ان يطال البنية الذاتية للأفراد والجماعات المسحوقة في الماضي والحاضر والمسيطر عليها الخطاب الديني والخطاب السياسي الديني كما تتجه هذه الحركات في نشاطها وعملها وتحقيق أهدافها.
بنفس الوقت يوجد العديد من الأصدقاء يدركون هذا الشأن ويطرحون طروحاتهم لتجاوز هذه المشاكل وتسليط الضوء عليها. بطروحات مختلفة.
ولكن أي طرح يبقى ضمن النص الديني وتفسيره على شكل حيوي لن يستطيع معالجة المشكلة من جذورها واحداث تغيير حقيقي في وعي الطبقات الشعبية سواء كان بمفهوم الحرية الذاتية او العدالة وفصل الدين عن السياسة وتمهيد وبناء علمانية جيدة يكون الفرد هو أساسها وسيدها في مواقفه التي لا تتأثر بفقه وتأويل وتفسير لهذه الحركات ومؤسسيها وفي التخلص من الاستبداد واحداث تغيير حقيقي يبدئ من عند كل فرد بعيداً عن مواقف الجماعة وانتمائه لها التي بمعظم الأحيان تكون معطلة لحريته وحقوقه في ذهنيتها القديمة التقليدية والايديولوجيا التي تحتاج لإصلاح من جذورها وتبقى هوية الفرد هي ذاته الإنسانية المتحررة التي من غير الطبيعي والممكن ربطها بهوية الجماعة أو نصوص دينية وفقهية على تأويلات مختلفة في معظم الأحوال كما نجد في الواقع السوري والاسلامي.

About عبد الرحمن شرف

كاتب وناشط ديمقراطي سوري
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.