حوار الأديان وحوار الأقليات في منطقتنا الشرقية؟

abdelrahmansharafنشهد منذ زمن طويل في تاريخ الديانات الابراهيمية ومجتمعاتنا الشرقية بتنوعها لهذا اليوم حوارات تقارب على الصعيد العقائدي والصعيد الاجتماعي بين الأديان والأقليات والاكثريات.
باستخدام الوسائل المختلفة. الندوات المؤتمرات البرامج الفضائية والإعلامية والنشاطات الخيرية للأديان.
ومن هذه الأطراف تتواجد بالشخصيات المختلفة الدينية واللاهوتية والفكرية والثقافية والسياسية والعلمانية. التي ينتمي إليها هؤلاء الأطراف من الأديان المٌختلفة.
لتهدف هذه الحوارات والمساعي لتحسين الواقع الذي يجمعهم والتحسين من سبله في الاندماج والتعايش المشترك بين هذه الجماعات.
رغم هذه الجهود المبذولة مازلنا نراوغ في هذا الشأن دون جدوى وكل النتائج هي مٌخيبة للأمال ومبعث للأحباط والفشل.
ولا أعتقد أنه يوجد تغيير حقيقي في هذا الشأن حتى يومنا هذا لان واقعنا الشرقي تسوده الصبغة الدينية والانتماءات الدينية الطائفية المبنية على العقائد بما تحمله من سلبيات واخطاء وشوائب.
أن الأديان الابراهيمية لا يمكنها أن تتحاور رغم أنها تنبع من إله واحد. وان الحوار الذي يهدف الى تقرب النظريات اللاهوتية ومرجعية اللاهوت التي يحملها هؤلاء كإيمان لديهم ولدى الجماعات التي يمثلونها لم يعد صالح لواقع اليوم.
حتى أن جماعات من نفس الدين هم مٌتصارعين ويوجد بينهم انقسامات مختلفة تؤثر على الوضع الاجتماعي والسياسي وبناء الدولة وعلى حقوق ومصير الأفراد كما يحدث وكما هو الوضع الحالي في لبنان والعراق.
وأدى هذا الانقسام الى تقسيم واقع البلاد إلى أقلية واكثرية وتقاسم ينبع من طائفية في السلطة والحقوق تتمثل بأحزاب سياسية. وهذا يعدم مفهوم الديمقراطية في اقامتها في البلاد ومن تحقيق عدالة ومساواة في الواقع او الدستور والعرف الاجتماعي. ويبعد عن مفهوم واقعية بناء الدولة الحديثة.
وان الذين يذهبون لتلك المؤتمرات ويشاركون بها من نخب فكرية وثقافية ولاهوتية وعلمانية هم مشاركين بهذه الفوضى وهذا التخبط الذي لا يجدي نفعا ًويقدم لنا حلول حقيقية وناجعة فكيف هٌنا بحال العامة إذاً التي تصغي وترشدها تلك النحب فالتخبط والفوضى بهذا الصدد ستزداد في مسيرة وواقع هذه المجتمعات والشعوب لا يوحي ابداً لغد أفضل.
يوجد حقيقة علينا الاعتراف بها وهي تفرض نفسها علينا على مصير الافراد والشعوب. هي اننا نعيش في عصر العولمة وعصر المجتمعات الحديثة وروحها ومابعد الحداثية التي يكون لكل حضارة لها روح بها وتقترب من فهم ذاتها بشعوبها للتغيير والتواكب مع مسيرة العالم الحديث.
أي أن هوية الفرد سواء كان ضمن الجماعة الدينية او خارج الجماعة هي هوية ذاتية مستقله تكفلها دولة القانون بالعقد الاجتماعي الحديث وليس تكفلها دولة الطائف أو التصنيفات الطائفية في الدولة المبنية على رؤيا وفكر لاهوتي وعقائدي يقوض الفرد وهويته الذاتية وحريته بواقع الأديان والطوائف بطروحاتها الحالية والنقاش والحوار كما هي بوضعيتها المتصلبة والمنغلقة. كما نلاحظ هذا في إيران والسعودية. وطروحات بعض الأحزاب السياسية الممثلة للجماعة الدينية في بعض الدول.
يجب أن يسود في ممثلي هذه الديانات والمهتمين بهذا الشأن في الحوار والتقارب رغبة وعمل حقيقي وجاد في إيجاد فكر واحد يجمع هذه الديانات بهوية لاهوتية يؤسس عليها الفرد لانتماء كوني وجودي وليس لانتماء لدين وطائفة وتقاليد ميتافيزيقية وتزرع بذهنه عقيدة الولاء والبراء وحزب الشيطان وحزب الله. وتخرجه من عقلية سني وشيعي وحنبلي وشافعي وأرثوذكسي وانجيلي. وعربي ويهودي. وكردي وعربي. اشوري وعربي. سني علوي. ……الخ من تصنيفات نجدها تعتمد على الدين او القومية المصطبغة بالدين والعقائد الدينية والتقاليد الموروثة بنظريات لاهوتية وفقهية.
علينا الاعتراف بأن الحوار في هذا الشأن من التقارب في الرؤى التقليدية والجامدة لم يعد يجدي نفعاً لتحقيق واقع أفضل. وكل مرة نجد أن هذه الجهود واللقاءات زائفة بالنتائج التي نحصل عليها على ارض الواقع والسجالات الدينية والاعلام وارتفاع أصوات الاصوليات الدينية ونشاطها على الأرض.
أن هذه اللقاءات ماهي إلا عبارة عن ابتسامات ومجاملات ولو كان يسودها النوايا الطيبة. فالنوايا الطيبة دون تحقيق تغيير يزيد من شأن هذه المنطقة لا قيمة لها ونحن نتكلم عن هدف التغيير وتحقيقه لبناء انسان حٌر وواقع جميل متنوع.
يجب أن يكون لدينا هوية روحية جامعة تقترب من روح العصر تسود منطقتنا وبنفس الوقت متنوعة بناء على الذات الفردية وخصوصيتها يسودها قيم سامية وتجمع الافراد والجماعات في إعلاء شأن الواقع والعدالة والمساواة والخروج من ضوابط الدين والمعتقد التي تكون بأغلب الأحيان يسودها الشوائب والأخطاء المتراكمة عبر التاريخ.
علينا أن نُعيد النظر في هذه التجارب والحوارات المخيبة للأمال. التي نتصورها ونحلم بها بفرد حٌر ومنطقة خالية من الصراعات المذهبية والطائفية والقومية والتصنيفات العنصرية.
فالدين هو معاملة والانسان يجد ذاته وهويته بقيمه الروحية التي تعبر عن الجمال والتنوع وليس للتعصب بحدود الدين وثقافته وضوابطه الصارمة. لنخرج من فكرة الأقلية والأكثرية وندخل لمفهوم الانسان لأخيه الانسان بقيمه السامية والأخلاقية والروحية بانتماء وجودي فاعل سواء كان في ذهنية الفرد أو ثقافة الجماعة واسسها وتقاليدها وموروثها.

About عبد الرحمن شرف

كاتب وناشط ديمقراطي سوري
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.