حملة تضامن مع معتقل الرأي اليساري الأردني ناهض حتر

jihadalawnaكان ذلك في شتاء عام 2005, حين دخلتُ على البنك الأهلي الأردني فرع الشميساني-عمان- سألت عن مكتب المفكر والكاتب (ناهض حتر) فدلوني عليه وحين دخلت استقبلتني سكرتيرته الخاصة سألتني من أنت؟ مين حضرتك؟ قلت: جهاد علاونه,كاتب وشاعر أردني, قالت: هل تعرف الأستاذ ناهض حتر؟ قلت: طبعا, قالت: هو يعرفك؟ قلت: لا أدري, قالت: هل بينكما موعدا؟ قلت: لا أنا أجيت عشوائي ومعي هذا الكِتاب, وكان كتابي الأول الذي اصدرته بدعم من وزارة الثقافة الأردنية بعنوان( أثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل(/2005-2006/سنة الطبع والنشر) وأريد أن اهديه نسخة منه, قالت: هو عادة لا يستقبل إلا من كان معه موعدا,ولكن على كل حال انتظر في قاعة الاستقبال لعلَ وعسى, كان يعمل (ناهض حتر) عراب الحركة الوطنية في الأردن في البنك مديرا للدائرة الإعلامية, انتظرتُ طويلا حتى جاء بعد ساعة وربع الساعة, فجاءني المراسل وقال: الأستاذ ناهض بانتظاركم تفضل, دخلتُ على مكتبه فقام بوجه بشوش جدا واستقبلني استقبالا حارا جدا, وكنا في منتصف شهر رمضان, فاعتذر عن تقديم واجب الضيافة احتراما منه لحرمة شهر رمضان, ولنضع هذه الكلمة بين قوسين ( احترام حرمة شهر رمضان) انبسطت منه جدا رغم أنني أياميها (في تلك الأيام) كنت ماركسيا ملحدا لا أومن بأي دين وأومن فقط بالديالكتيك, فقلت له: أريد قهوه سكر زيادة, كنت أياميها لم أتعلم بعد شرب القهوة بدون سكر, فقال لي: أنا فخور جدا بكتابك وجئتُ إلى مكتبي قبل نصف ساعة وأعطتني السكرتيرة كتابكم ولي ما يقرب من الساعة وأنا مندهش جدا بأن هنالك أردنيا مثقفا كل هذه الثقافة, واشترى مني يومها نسخة واحدة بأضعاف أضعاف ثمنها من جيبه الخاص, ثم قال لي: وهنا المهم والأهم؟ لماذا جئت لي؟ أمن أجل اهدائي كتابك فقط لا غير؟ قلت: لا, ولكن بصراحه من المعروف بالشمال وبالجنوب وبالوسط الأردني وفي كافة ميادين الثقافة أن المفكر ناهض حتر يحب الأردن والأردنيين وجلالة الملك المعظم, وأنكم تجبرون البنك الأهلي الأردني على دعم المثقف والكاتب الأردني من شتى الأصول والمنابت ومهما كانت ديانته أو عقيدته أو اتجاهه الفكري, فابتسم وقال طيب أنت بتحكي قُدام مُجتمعك نفس الحكي اللي في الكِتاب؟ فقلت: أه, فقال بصيغة تعجب.. كيف!! قلت: بحكوا مجنون ومعي شهادة رسمية من المستشفى الحكومي إني مختل عقليا, فابتسم وقال: طيب…(وضحك) إنت معك شهادة إنك مختل بس أنا ما معليش كيف بدي أحمي حالي؟ قلتله: إذا بدك نصيحتي؟ قال: أه, قلتله: هو اصلا في كاتب أو مبدع مش مختل عقليا؟ إحنا لو كنا أصحاء عقليا ما كان كتبنا وحملنا هموم الآخرين, المجتمع لا يُدمر بواسطة الأشرار بل بواسطة الأخيار الذين يرون الشر ولا يقفون في وجهه…وبصراحه الشغله بدها شوية هبل واجنان…فإبتسم وقال: على العكس إنت سيد العاقلين, فقلت: بل أنا أعقل واحد بالمجانين..فعاد وقال:إبشر خيرا يا ابن علوان, ولكن لي سؤال: من هو الذي قيّم كتابكم عند وزارة الثقافة فقلت له: البرفسور ( عمر مجد الدين خمش) أستاذ علم الاجتماع والمتخصص بالعائلة النواتية والممتدة, فقال: واو هذا عظيم وهل تعلم أنه أستاذي؟ قلت: لا, ولكن هلأ عرفت, فقال: إبشر خيرا يا إبن علوان, وبعد مضي أسبوع اتصلت بي إدارة البنك واشتروا مني 50 نسخة من كتابي بالسعر الذي حددته أنا, وكانت هذه أول وآخر مرة في حياتي أبيع فيها لمؤسسة أردنية بالسعر الذي أحدده أنا.
وتكررت الزيارات بيننا وعرفت الرجل في حركة أو منتدى اليسار الاجتماعي الأردني, وتهادينا فأعطاني كتابه الجميل( الملك حسين بقلم يساري أردني) قرأته واستمتعت وعرفت أن هذا الرجل وطنيا لأبعد الحدود.
وهذه هي المقدمة:
لا أعتقد بأن الكاتب الجليل ناهض حتر, يسيء إلى الأديان والمعتقدات, الرجل درس علم اجتماع في الجامعة الأردنية وتخرج فيها بدرجة ماجستير في الفكر السلفي, يعني الرجل تخصصه السلفية المتعصبة والمتطرفة والمعتدلة وهو يفهم الفكر الديني جيدا وانتقاده ليس للذات الإلهية كما أعتقد ولكن الرجل أراد وضع تصوراته عن المسيئين للفهم الديني وخصوصا الدواعش, لماذا لا تخرج المظاهرات في عمان والعواصم العربية ضد تصرفات داعش التي تعادي المسلمين والمسيحيين واليهود وكل أشكال الحياة, كتابات ومنشورات ناهض حتر هي مثل عدة ورود في مزهرية واحدة والكاتب أصلا نقطة حبره مثل نقطة الماء أينما سقطت تجلب النفع والفائدة, ولا ننسى أن انتماء وولاء ناهض حتى وكذلك ولاء وانتماء عشائر (النبور) ومنهم آل حتر, كلهم منتمون إلى هذا الوطن الأردني الغالي والعزيز على قلوبنا, ولا يمكن أن يقبل آل حتر أي إساءة للدين, نحن في الأردن مسيحيون وأردنيون كلنا منتمون إلى هذا الوطن ومخلصون له والأردن دولة مدنية وصحيح أنها تدين بدين الإسلام ولكنها ترفض التطرف والتطاول, فإذا كان ناهض حتر قد تطاول على داعش فداعش تتطاول على كل العالم من أوروبا وحتى شرق المتوسطي وجنوب وغرب أفريقيا, أزعجني اليوم خبر اعتقال ناهض حتر بإيعاز من رئيس الحكومة الأردنية دولة (المفتي) فإن أساء ناهض حتر فأروني أنبياء الأردن من هم؟ لا يوجد بيننا نبي واحد كلنا خطاه وكلنا نخطئ ونصيب وهدفنا هو حماية الدولة الأردنية من التطرف ومن المتطرفين, يجب الإسراع على الفور بالإفراج عن المناضل عراب الحركة الوطنية الأردنية باسرع وقت وإن أخطأ يجب علينا مسامحته لنثبت أن الدين الإسلامي دين التسامح والمحبة, أما إذا حاكمنا ناهض حتر بتهمة ازدراء الأديان والتطاول على الذات الإلهية فأين هم ملائكة الأردن؟ الشيوخ وكافة رجال الدين ليسوا أنبياء وليسوا ملائكة, وليكن شعارنا, النقاء من أجل النقاء والصفاء من اجل الصفاء والفن للفن والإبداع من أجل الإبداع, ورحم الله جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال الذي قال: فلنبني هذا البلد ولنخدم هذه الأمة.
الأردنيون الوطنيون دائما ملاحقون ومتابعون من قِبل أناس لا يعرفوا ما هي الوطنية ولا الدين, هم يسمعون ولا يقرؤون.
من هم ملائكة الأردن الذين يريدون محاكمة ناهض حتر؟ ومن هم أنبياء الأردن؟ ومن هو القاصد الرسولي الذي يريد التبليغ عن ناهض حتر, هذا رجل حتى لو جئنا للصحيح مفكر وكاتب ومبدع وشخصية اعتبارية, لا يجوز المساس بها أو تلويث سمعتها, وكل الأردنيين شرفاء وأبناء عشائر وحمايل وكلنا نحمل بعضنا إذا تعبنا ولا يوجد فرق بين أردني شمالي أو جنوبي أو فلسطيني او شامي أو شيشاني أو شركسي إلا من أراد أن يصطاد بالماء العكر, وصحيح أنني اختلفت معه كثيرا أيام منتدى اليسار الاجتماعي ولكن يبقى ناهض حتر أبن الأردن الوفي والمخلص هو وعشيرته وأقرباءه للوطن وللمواطن الأردني, ناهض مع اختلافي معه أدافع عنه لأنني أدافع عن حرية الرأي والدين والعقيدة والمعتقد, أدافع عن ناهض حتر لأنني أدافع عن هويتي الأردنية, وعلى حسب معرفتي به فهو لا يسيء للأديان وفي شهر رمضان حين طلبت منه أن يحضر لي قهوة رفض احتراما منه لحرمة رمضان رغم أنه مسيحي وماركسي يساري, والبنك الذي كان يعمل به 90% من موظفيه مسيحيون, إننا كشرفاء نطالب رئاسة الحكومة الأردنية بتسريح ناهض حتر, فلا يجوز في بلد ( أبو حسين) أطال الله بعمر جلالته أن يُظلم فيه الكُتّابُ والمبدعون.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to حملة تضامن مع معتقل الرأي اليساري الأردني ناهض حتر

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: يبدو أن البعض بحكم الضرورة يريد المزايدة على قيم داعش ، والمفتي الذي حكم عليه يكفي إسمه ليعطيك مايظمر ؟

    ٢: الحقيقة أن غالبية الأردنيين الاصلاء ناس طيبين وهذا كلام من عاشرهم ل7 سنوات ، ولكن فيهم من يحب الاصطياد في الماء العكر وهذا ديدن غالبية مجتمعاتنا الشرقية المنافقة التي يهمها الظاهر وليس الجوهر وتلك هى الكارثة المتراكمة ؟
    ٣: تجارب في الاْردن ، كنّا عائدين من مأدبا بعد منتصف الليل من عرس لشخص مشهور فيها ، وكان أن أوقفتنا دورية شرطة ولما شم رايحة الكحول وعرف اننا عراقيين أخذ الشرطي يسيء الكلام ، وهنا صرخ اخي به وقال أعرف مع من تتكلم ، ورفضت إعطائه الأوراق الشخصية وقلت لو انك راجل تسمح لي بهاتفك ، وهنا تقدم نقيب كان يفتش سيارة وراءنا بسبب الصياح وقال للشرطي مالمشلكة ، وهنا تذكرت معي صورة فأريتها له وهنا إخرس الشرطي وإعتذر وأمر النقيب شرطته بمرافقتنا حتّى شقتنا راجياً أن يكون الامر منتهي ؟

    شاب عراقي أساء اليه أحد المارين بكلام قاسي جداً سمعته ونحن جالسين في الساحة الهاشمية ، فما كان من ذالك الشاب العراقي إلا أن نزع سترته الجلدية ورماها جانباً وقال للشخص الذي اساء اليه هل تريدوننا أن نعود للعراق ونأتيكم بدباباتا ، وهنا كانت الشرطة قد اقتربت وبعد أن تفهم الموقف من احد الشهود فما كان من أحد الشرطة إلا أن صفع ذالك المسيء بقوة على وجهه وطلب منه الاعتذار للعراقي وقال أنتم أخوننا وتاج راسنا وسامحنا ، والان أتساءل هل لازل الأردنيين بنفس الطيبة والخلق العظيم أم أن روح داعش النجسة قد تغلغلت في نفوس كثيرين ؟

    ٤: وأخيراً …؟
    من يخشون وخز القلم إنما يخشون وخز الجرح والالم ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.