العجلة الروبية

فيديو كليب أغنية (ليه بيداري كده : شاهده اسفلا) قبل عدة سنوات للمطربة المعروفة روبي كان ينال مئات الآلاف من النقرات في موقع يوتيوب بصورة يومية عند صدوره قبل عدة سنوآت. وقد باتت العجلة التي كانت تمتطيها الأُستاذة روبي ـ والتي ساعدت في إبراز ضخامة مؤخرتها ـ في عدّدٍ من مشاهد الفيديو كليب قد أضحّت آنذاك رمزاً من رموز الإثارة والإستثارة الجنسية بالعالم العربي وباتت أيقونة في عالم الإثارة لدرجة أنْ تواترت الأنباء ـ صحيحة السّند والمتن ـ عن عدّد من الزوجات اللآئي إتبعنّ طريقة (( العجلة الروبية )) لمعالجة الضعف و الخمول الجنسي وإثارة أزواجهنّ ، بعد أن ثبت بالدليل القاطع أنّها أشّد فعاليةً من حبوب الفياجرا المكلفة إقتصاديا لزيادة النشاط الجنسي لذكور العربان من المحيط إلى الخليج .

الأمر الذي جعلني أتوقع صدور قرارٍ من وزارة الصحة لإستيراد عدّد من (( العجلات الروبية )) من ( الصين ) وذلك لحل مشكلة العجز الجنسي ، نسبةً لخلو دواء (( العجلة الروبية )) من الآثار الجانبية الموجودة بمعظم أدوية رفع الفاعلية الجنسية لدى الذكور ، بالإضافة إلى أنّ الحل سيُسهم في تنزيل الأثر النبوي الكريم القائل ” توالدوا تكاثروا فإني مباهيٍ بكم الأُمّم يوم القيامة ” واقعاً معاشاً بين الناس .

الأكثر إضحاكاً من ذلك ، هو أنّ هذا الفيديو كليب تم تداوله ومناقشته وكان من بين القضايا المطروحة والتي أُفرِد لها حيزاً كبيراً من النقاش والحوار والتداول في كلٍ من برلمانات الأردن والكويت والعراق ومصر. والملاحظ أنّ هذه البرلمانات تتبع لدول تُعاني من نسب عملاقة وضخمة من العطالة والفقر والجهل والأُمية ، ، فبدلاً من مناقشة تلك القضايا يتم نقاش فيديو كليب أو الحديث عن المؤخرة التي تظهر به والتي تجعله غير مُطابقٍ للمواصفات والمقاييس الأخلاقية للمجتمع ، والتي بات واضحا أنّها ـ أيّ المعاييِّر والمواصفات الأخلاقية ـ تتناسب تناسباً عكسياً مع حجم مؤخرات المطربات ، بمعنى أنّه كلّما زادت مؤخرة المطربة في المادة المعروضة تلفزيونياً ، كلّما كان ذلك منافياً للأخلاق وخادشاً للحياء العام .

وفي تعليقٍ له على ظاهرة المطربة روبي وشريطها الواسع التداول آنذاك ( ليه بيداري كده ) علق النائب الإسلامي في البرلمان الكويتي آنذاك عواد بري العنزي ” بأنّ الظاهرة تشكل خطراً بالغاً على الشباب العربي ” مُضيفا : ” إن مؤخرة روبي هي التي دفعتها إلى المقدمة ” .

وعلى الصعيد الشخصي أتفق مع هذا النائب والذي لخّص به المشوار الفني للمطرية روبي على نحوٍ ممتاز يجِّل عن الوصف ، أي قوله ” إنّ مؤخرة روبي هي التي دفعتها إلى المقدمة ” ، فالسيقان والخصور الضامرة والصدور البضة والأجساد المثيرة هي مؤهلات الكثير من الفتيات اليوم في حال قرّرن الخوض في غِمار المعتركات الغنائية وإثبات وجودهن فيها ، ثم بعد ذلك يتوقف نجاح الفتاة على حسب مقدارما قدمته في سبيل إسالة لعاب المتفرج ، فإذا نجحت بمؤهلاتها تلك في جذبه لإقتناء البوماتها ودفعه نحو إمطار فيديو كليباتها على اليوتيوب بالنقر اليومي فهي من الناجحين والمتفوقين غنائيا ، وإلاّ فالسلام عليها وعلى مسيرتها الفنية .

ولكن ما أثار تخوفي هو أن يكون ذلك الجزء المتعلق بالشباب العربي في كلام النائب الإسلامي الذي قال فيه بأنّ ” ظاهرة روبي تشكل خطراً بالغاً على الشباب العربي ” صحيحاً ، لأنّه لو كان شبابنا العربي في خطر بسبّب مؤخرة الأُستاذة روبي فعلى أوطان العربان السلام .

فإنّ شباباً يُخشى عليه من مؤخرة روبي هل تنتظرون منه بالفعل تحرير فلسطين . وبناء الوحدة العربية ورفع ألوية الجهاد ورايات النضال ضد الإمبريالية ومخطّطاتها للهيمنة على مقدرات البلاد العربية والإسلامية إلى آخره من الشعارات العنترية التي تغض مضاجع زعمائنا وقاداتناوآلهآتنا الأجلاء ؟

في حال صّح تحليل النائب فإنّ مؤخرة روبي في هذه الحالة تُعادل موضوعياً ـ من حيث ما تركته من أثر على خارطة التطور بالعالم العربي ـ مقدمة إبن خلدون ، والتي يفخر بها العرب بإعتبارها قد وضعت اللبنة الأولى فيما عُرِف فيما بعد بعلم الإجتماع ، ولكن الأثر هذه المرة سيكون عكسياً لأنّ مؤخرة روبي على النقيض من مقدمة إبن خلدون ستكون قد وضعت اللبنات الاولى لإنقراض العرب وزوالهم من على خارطة الوجود المعرفي للبشرية .فإذا كان إبن خلدون بمقدمته تلك قد بنى جزءً من ميراث العرب المعرفي ، فإنّ روبي بمؤخرتها قد نقضت بنيان أُمة العرب وزلزلت أركانها وقوّضت بنيانها.

من المؤسف حقاً أنْ يكون التنافس على التربع على عرش الغناء العربي اليوم محصوراً في جانب منه بين مطربات تُمثِل بشاعة الصوت وضخامة المؤخرات عاملاً مشتركاً بينهُنّ ، مما يجعلني أتشائم فيما يختص بمؤهلات الفنانات المطربات اليوم ، فظاهرة ( صراع المؤخرات ) ظاهرة مُقلِقة فنياً أو بالأدق غنائيا وتستحق المعالجة بالفعل ، ولكن ليس على طاولات ومناضدد البرلمانات ، فتلك لها أولوليات أهم ، وإنّما على صفحات كتب النقد الفني والمجلات الثقافية والمنتديات الفنية.

ملحوظة ليس لدي أي إعتراض على إستخدام الجسد في الفن ولا على توظيف وإستغلال كافة إمكانياته فنيا ، ولا أنكر الدورالعظيم للمؤخرة في أدوار الإغراء السينمائي على سبيل المثال ، إعتراضي مصبوب فقط عندما يُتخذ الجسد أو المؤخرة كغطاء لإخفاء رداءة الصوت لمن يطرحن أنفسهن كمغنيات ـ نموذجا هيفاء وهبي ذات الصوت الرديئ والأنوثة الطاغية ـ بينما لو إتجهن للرقص مثلا لكان ذلك توظيفا لقدراتهن ومواهبهن ومؤهلاتهن في مجال ينسجم وتلك المؤهلات .مواضيع ذات صلة لنفس الكاتب: دبلوماسية الغزل العفيف

ruby

About محمد ميرغني

محمد ميرغني ، كاتب ليبرالي من السودان ،يعمل كمهندس معماري
This entry was posted in الأدب والفن, يوتيوب. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.