طاعة الرسول من طاعة الله‎

mohamedbarziإن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى وأنزل عليه القرآن هدى ونور لمن اتبعه ، وقد حصر فيه الدلالة على مراده من ظاهر القرآن وباطنه وخاصه وعامه وكل ماقصد له القرآن الكريم ، ولذلك كان الرسول عليه السلام هو المعبّر الوحيد عن كتاب الله والدّال على معانيه ، وكان صحابة رسول الله عليه السلام الذين ارتضاهم الله عز وجل لرسوله واصطفاهم له ونقلوا عنه ذلك ، فكانوا هم أعلم الناس برسول الله عليه السلام وبما أراد الله عز وجل من كتابه الكريم من خلال مشاهدتهم وما قصد اليه الكتاب ، وكانوا هم المعبّرين عن ذلك بعد رسول الله عليه السلام قال جابر رضي الله عنه ( ورسول الله بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله ، وماعمل به من شيء عملنا به )
والآيات الدالّة على وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم كثيرة ، منها قول الله سبحانه وتعالى ( وأطيعوا الله والرسول لعلّكم ترحمون ) ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم ) ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ( ومن يطع الله والرسول يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ) ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين ) ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ) ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم )
فطاعة الرسول هي طاعة لله ، وهذا أمر منطقي لأنه رسوله ، فمن أطاع الرسول فطاعته لله ، لأن الرسول إنما يبلّغ عن الله الذي أرسله ، والرسول هو الذي يبلغ عن الله عز وجل شرعه الذي يريد أن يحكم به حركة حياة الانسان في الأرض .
فإذا كان الله عز وجل قد أرسل الرسل لهداية الناس ، وجعل خاتم الرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فمعنى ذلك أن رسالته عليه السلام ستكون رسالة لا إستدراك للسماء عليها ، فكيف يعقل أن تكون هذه الرسالة موضوعاً لاستدراك البشر عليها ؟ فما دام قد ختم الرسالات بالرسول محمد عليه السلام وأنزل عليه قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً ) فلم يعد للسماء بعد ذلك استدراك أو تعديل على هذه الرسالة حسب ماقاله الله عز وجل ، فكيف يأتي بعد ذلك انسان معاصر أو غير معاصر ؟ تنويري أو اصلاحي أو مجدد أو حداثي أو غير ذلك ليقول : اننا نريد أن نستدرك على القرآن بعض الأحكام ونقوم بتعديلها أو استبدالها أو يقول : هذا الحكم أو هذه الأحكام لاتتناسب مع العصر الحالي ؟
فالرسول يضاف مرة إلى الله عز وجل ويضاف مرة إلى المرسل اليهم ، لأنه واسطة التعلق بين المُرْسِل والمُرْسَل اليهم .
فإذا كانت الإضافة بمعنى ( مِن ) نقول رسول الله أي رسول من الله عز وجل ، وإذا أردنا الغاية من الرسالة نقول : رسول للناس أو رسول إلى الناس .
وأمر الرسالة ضرورية للبشر ، لأن تتبع الوجود بالفطرة والعقل السليم يهدي إلى أن هذا الكون لا يمكن أن يكون إلّا عن المُكَوِّن الذي له قدرة تناسب هذه القدرة البديعة الخلاقة ، ولكن هل يستطيع هذا العقل أن يعرف بنفسه مالذي تريده هذه القوة ؟ والتي لا يمكن للعقل حتى أن يعرف اسمها ؟ ولذلك كان من الضرورة أن يأتي الرسول ليعطي الناس جواب ماشغلهم :
مالقوة التي خلقت هذا الكون وجعلته بهذه الصفة والنظام الدقيق ؟
ومن هنا كان دور الرسول أن يقول للناس : أنا أدلكم على هذه القوة اسماً ومطلوباً ، وعليه كان واجباً على الخلق كلهم أن يرهنوا آذانهم له ، لأنه سيحل لهم ذلك اللغز الذي رأوه بأنفسهم وعايشوه وأوقعهم في حيرة من أمرهم .

About محمد برازي

الدكتور محمد برازي باحث في العلوم الاسلامية والقانونية من دمشق ، مجاز من كلية الشريعة بجامعة دمشق ، دكتوراة في عقد الصيانة وتكييفه الفقهي والقانوني ، مقيم في ستوكهولم .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

2 Responses to طاعة الرسول من طاعة الله‎

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والاحترام ؟

    ١: تقول { ومن هنا كان دور الرسول أن يقول للناس أنا أدلكم على هذه القوة إسماً ومطلوباً } طيب ماذا كان دور الأنبياء السابقين والرسل اللاحقين ، وهل بقى ألله مجهولاً لآلاف السنين حتى ياتي مُحَمَّد ليعرفوهم به ، أي منطق هذا ؟

    ٢: كيف تكون طاعة الرسول من طاعة ألله ، باي منطق لاهوتي تفسر هذا الكفر والشرك ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    بكل محبة أرجو أن لا تستفزك تساؤلاتي ..؟
    أ: الذي يؤمن أن مؤخرات حور العين ميل ( وهذا كلام شيوخ الفضائيات) يستحيل أن يكون سوي العقل والدين ،ووهو كمن يساوي بين مؤخرة النملة والفيل ،
    ب: كيف لإله يساوم عِبَادِه بين الجزية وخاتم دينه ؟
    ج: هل من أية في القران تقر بكروية الارض ، علما ان نبي اليهود هوشع قالها ب 620 عام قبل الميلاد ، علما أنه لم يصعد للسماوات كمحمد ، فمن نصدق يا دكتور ، سلام ؟

  2. محمد برازي says:

    السيد س. سندي
    الكلام هنا على عموم الرسل ؟ وإن كانت البداية خاصة بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ولذلك كان القول ( وأمر الرسالة ضرورية للبشر ) فكل الرسل كانت مهمتهم واحدة وهي دعوة الناس للإيمان بالله وحده ، وذلك قوله تعالى ( وما أرسلنا من وسول إلا ليطاع بإذن الله ) ثم تتساءل مستغرباً ومستهجناً كيف ان طاعة الرسول هي من طاعة الله ؟ ألم تقرأ الآيات التي أمر الله عز وجل فيها المؤمنين بطاعة الرسول عليه السلام ؟ ألم يذكر القرآن الكريم عن سيدنا عيسى عليه السلام قوله لقومه في الآية الكريمة ( ومصدقاً لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله – وأطيعون – ) اليست طاعة عيسى عليه السلام من طاعة الله ؟ وهل هذه الطاعة هي كفر وشرك ؟ وهذه الطاعة هي التي كان يؤمر بها كل اتباع الرسل ؟ فأين الغرابة من ذلك ؟…
    وانا اجيبك سيد سندي بكل محبة ايضاً وبعد ذلك لك القرار باختيار ماتشاء فهذا شأنك ، واحب ان الفت نظرك الى شيء : لو تتريث في حديثك عن الحور العين ؟ وتحيط علماً به وبكل ماتحب ان تعلق عليه ، فشيوخ الفضائيات هؤلاء لا يعوّل عليهم بشيء ؟ فأصحاب الكهف الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم هم من المسيحيين الفارين بدينهم من شيوخ الفضائيات في أيامهم أيضاً ؟ وكذلك أصحاب الأخدود ؟ ففي تاريخ الدين المسيحي وبعدما حاول بعض المتسلقين استغلاله والاسترزاق منه وجعله مهنة لهم يبتزون الناس بها اعتزل المخلصون من علمائهم المجتمع وخلا كل واحد منهم بمكان ، وكانوا يجتمعون كل فترة واخرى يتداولون امور دينهم فيما بينهم ، ومع مرور الزمن اقترح البعض منهم ان يجتمعوا كلهم في مكان واحد بعيداً عن اعين المتسلقين ويكون تداول النقاش بينهم مفتوحاً ، فلاقت الفكرة قبولاً ومن هنا نشأت فكرة الدير ، ثم توسع الدير وتقدم الزمن وضعف الايمان في قلوب المتأخرين وتغلبت عليهم الشهوات فطورا الدير تطوراً يساير مصالحهم وأدخلوا فيه ماليس منه وهكذا …. فهل نلوم الدين المسيحي الذي جاء به سيدنا عيسى عليه السلام أم نلوم ضعاف النفوس من الذين حوّروا الدين لمصالحهم وشهواتهم كما يفعل شيوخ الفضائات اليوم؟ فالحور العين يا عزيزي لسن إناث ؟ فهن مخلوقات لايوصفون بذكورة ولا بأنوثة كالملائكة المكرمون وخصهن الله عز وجل لمجالسة اهل الجنة من الرجال والنساء وليس الرجال فقط ؟ في قوله تعالى ( وزوجناهم بحور عين ) وزوجناهم هنا تأتي ليس بمعنى الزواج الشرعي المعروف ، بل بمعنى : زوّجته أي أضفت اليه فرداً مثله ليكوّن معه زوجاً ، وليس بالضرورة أن يكون انثى ، فيكون المعنى : هو انتقال من مسألة الزوجية المعروفة عند البشر إلى الأنس بالجمال الذي هو قمة اللذات ، لأنه في الآخرة سيخلق الناس خلقاً جديداً غير هذا الخلق الذي نعيشه في الدنيا ؟ بدليل : ان اهل الجنة يأكلون ولا يتغوّطون ؟ والمتعة بالحور العين تكون متعة النظر ومتعة الكلام ومتعة الأنس بقيم غير التي نعرفها اليوم ؟ وهذا هو المعنى الذي يدل عليه ويتفق مع حال آدم وحواء عليهما السلام عندما كانا زوجين في الجنة ولكنهما لم يتناسلا إلا عندما خرجا منها ، ففي الجنة كما قال الله تعالى ( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ) ولذلك ياعزيزي ارجو منك لو تكرمت ان تهدئ من اعصابك عند الردود وان تلم بأي موضوع تناقشه وتحيط به ، وأما اقحامك لموضوع الجزية فليس هذا مكانه ؟ وأما سؤالك عن آية في القرآن تشير الى كروية الأرض ؟ نعم يقول الله تعالى ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) والراجل هنا غير الراكب ، والفج هو المكان على الأرض ، وسأترك لك المجال لتتأكد بنفسك عن الفرق بين الفج البعيد والفج العميق ؟ فهناك عمق وهناك بعد ؟ وهذا يحتاج الى امتلاك لزمام اللغة والاحاطة بمدلولاتها وخصائصها .. واخيراً أتمنى لك التوفيق .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.