علاقة الحذاء بالسياسة ….والفن

shose1

قبل مدة ارسل لي لي احد اقاربي وكان قد هاجر الى الولايات المتحدة في الثمانينات ويعمل حاليا موظفا في احدى كازينوات القمار في ولاية نيفادا رسالة يصف فيها شجارا وقع بين اثنين من العراقيين داخل الكازينو …وكان يبدو عليهما حسب وصف قريبي انهما حديثا النعمة وربما من اقارب سياسيي هذا الزمان الاسود ….قال قريبي ان الاثنين كانا يلعبان على نفس المائدة …وان خلافا ثار بينهما بسبب طريقة لعب احدهما فابتدءا بالتلاسن باللهجة البغدادية التي لم يفهما باقي الجالسين الا قريبي الذي كان واقفا على مقربة بسبب طبيعة عمله فاصاخ السمع و فتح اذنيه للآخر وهو ينصت الى شجار لفظي ذكره بعركات بغداد…واذا باحدهما يصرخ بوجه الاخر : لك قندرة ! فهاج الثاني وامسك بتلاليب الشاتم ،وعندها ركض قريبي وافراد الامن وامسكوا بالاثنين لتفريقهما وسحبهما خارج الصالة…و تم اقتيادهما الى غرفة مسؤول الامن في الكازينو للتحقيق في من هو المتسبب …ومعهما قريبي كشاهد…ولان المتشاجرين لم يكونا يعرفان الانكليزية بشكل جيد او ربما لم يرغبا في نشر الغسيل القذر امام الغرباء فقد امتنعا عن شرح ما حدث والرد على الاسئلة… لذا سأل المسؤول الامني قريبي ان يشرح له بالتفصيل وان يترجم له حرفيا ماذا دار بين الاثنين من كلام قبل التماسك …وعندما ذكر قريبي ان السبب المباشر هو وصف احدهما للآخر انه “حذاء” ، بدا الاستغراب على وجه ذلك المسؤول الامني الامريكي وسأله : ولماذا يؤدي هذا الوصف الى شجار ؟ واضاف اذا وصفتك بأنك قميص او سترة فهل ستثور علي ؟ وحاول قريبي ان يفهمه ان وصف الحذاء مختلف لدى اخوة هدلة لكن بدون فائدة ، فهو لم يستوعب لماذا نعتبر ذلك شتيمة …وقد اعتبر قريبي ماحصل موقفا لايخلو من طرافة فقد كتبه بالتفصيل في ايميل لي قائلا اني ربما ساستفيد منه يوما في احدى مقالاتي
وها قد حصل
نعم… وصف المقابل (اجلكم الله) بالقندرة شتيمة تستدعي في تراثنا سحب السكاكين واشهار المسدسات واستنفار العشائر وارسال الوفود للفصل وها خوتي خا…. فما تربينا عليه هو السائد ونعتبره هو الصحيح حتى لو استسخفه الاخرون …فعندنا مبدأ ان ذكر الانسان مع الاحذية اهانة لاتغتفر … بينما كان رد فعل جورج بوش عندما ساله الصحفيين عن حذاء منتظر الزيدي الذي طار بالقرب من رأسه هو القول مازحا بأنه يعتقد انه مقاس 10 … وكان مبتسما عبالك شامر عليه ماي ورد !
هذا تفكيرنا وذاك تفكيرهم …لست اقول ان احدهما صح والاخر غلط…. فكل حسب ثقافته
ومن هذا المنطلق لاتزال ذاكرة معظم العراقيين تهيج غضبا عندما يتذكرون مقولة صدام الخالدة انه البس العراقيين احذية …شنو انت رئيس جمهورية لو وكيل باتا ؟ ربما كان صدام محقا في انه كان السبب في الباس اهل عشيرته واهل العوجة الاحذية وجعلهم شبه اوادم… فلماذا يعمم ذلك على العراقيين جميعهم…علما انه كان السبب بلا منافس ونتيجة لحماقاته المتتالية في افقار الناس ودفع الكثير من العراقيين الى خلع لبسانهم وكرامتهم كي يعيشوا ….بس طبعا لم يكن حضرته ليتباهى بذلك الانجاز الحقير ….ولاننسى طبعا انجازه الاعظم وهو انه تسبب بسبب سياساته الحذائية في اننا اصبحنا ننضرب بدون توقف او رحمة ويوميا بال…قنابل
حادثة سياسية اخرى مرتبطة بالحذاء حصلت عام 1960 في جلسة للجمعية العمومية للامم المتحدة وكان يحضرها الرئيس السوفييتي آنئذ نيكيتا خروشوف …حين بدأ المتحدث على المنبر وكان ممثل الفليبين بمهاجمة الكتلة الشرقية وعلى رأسها السوفييت ويتهمهم بانتهاك حقوق الانسان في دولهم فاراد خروشوف التعبير عن احتجاجه على الكلام فرفع حذاءه وقام بالضرب على اللوحة التي امام مقعده عدة مرات….. وقد انتهت تلك الجلسة بفوضى عارمة حتى ان رئيس الجلسة كسر مطرقته بغضب وهو يضربها معلنا رفع الجلسة …
اما علاقة الحذاء بالفن فشبه مقطوعة …ولا يتعدى ذكر حذاء الحبيبة في اغنيتين او 3 ….مثل ياشبشب الهنا ….ورنة قبقابي …و جتي الحلوة تك وتك
الحذاء ليس موضوعا يصلح للتبحر والاسترسال …و فيما عدا حذاء سندريللا الذي وقع الامير في حبها عندما تركت له فردة منه ادت الى التعرف عليها فيما بعد ثم الزواج وعاشوا عيشة سعيدة ، فان حديث القنادر ليس بالحديث الرومانسي … ولا زلت اذكر في السبعينات كانت هناك دعاية في التلفزيون لمحل يبيع الاحذية اسمه “عالم الاحذية” ، وكنت اضحك كلما تظهر تلك الدعاية وانا اتخيل عالما مكونا من القنادر والنعل ….وكأنهم يتحدثون عن عالم من الورود !
هذه المقدمة الطويلة وتذكري لرسالة قريبي اليوم سببه ما فعلته الفنانة شيرين وللمرة الثانية بخلع حذائها ورفعه امام الانظار……هذه المرة الى اذنها و في تصرف غير لائق بفنانة تغني اغاني رقيقة مثل اغنية مشاعر (نعم …مشاعر وليس قنادر)…. تصرف لا يمكن ان يستسيغه الانسان خاصة عندما يحصل في حفل منقول بشكل مباشر على الهواء وفي برنامج يتابعه الملايين….فلايوجد عذر اختلاف الثقافات هنا… المصريون كالعراقيين يعتبرون الحذاء شتيمة …ويقولون عن الشخص السيء انه (راجل جزمة)
انا بصراحة احب شيرين وكثير من اغانيها …واحب عفويتها وخفة دمها … واحب ما تظهره من محبة واعجاب بالقيصر كاظم الساهر ، ولا مجال عندي لمقارنتها مثلا بالحقنة الشرجية احلام …لكن الموقف الذي حصل البارحة في برنامج احلى صوت والذي لم افهم دواعيه اصلا كان قمة في السخافة والسماجة، و رغم محاولات الموجودين اعتباره مزاحا والتغطية عليه وتجاوزه فأن اللقطة القبيحة ستبقى في الاذهان لفترة طويلة …وهي اصلا بلا مبرر وبلا معنى ….. لقد كان مافعلته شيرين اساءة لكل المشاهدين … واتمنى ان تعتذر بكل وضوح …وان تعلن اعتزالها رفع الحذاء كما اعلنت اعتزالها للبوس …. كي نبقى نشاهد البرنامج الذي ينسينا بعضا من همومنا لساعتين او 3 في الاسبوع ، فنحن بحاجة الى ما يجعلنا نغير مزاجنا لبعض الوقت خاصة واننا نعيش اليوم في عالم الاحذية البشرية من دواعش… وسياسيين …..واحزاب دينية

About يونس حنون

كاتب عراقي ليبرالي مواليد عام 1958 وطبيب اختصاصي في الامراض الباطنية كان ممنوعا من السفر وتحت المراقبة في عهد حزب البعث بسبب الشك بولائه للنظام بدأ الكتابة بعد سقوط نظام البعث ووصول الاحزاب الدينية الى السلطة هاجم في كتاباته الحكومات الفاسدة التي تعاقبت على السلطةخاصةاعضاءالاحزاب الدينية للطائفتين وفضح ارتباطاتها المشبوهة و اجرامها الذي يناقض ماتدعيه من تدين ،مما وضعه في دائرة الاستهداف وتهديد حياته بالقتل خاصة من عصابات جيش المهدي فاضطر الى مغادرة العراق الى عمان عام 2007 حيث يقيم منذ ذلك الحين يقوم بارسال مقالاته عبر صديق يعيش في الولايات المتحدة الامريكية كاجراء وقائي لتجنب كشف موقعه بدأ في كتابة مقالاته في موقع كتابات العراقي عام 2004 تحول الى الكتابة الى موقع الحوار المتمدن لكونه اوسع انتشارا ويتميز بالتواصل بين الكاتب والقراء مقالاته تستنسخ وتنشر في عشرات المواقع العربيةذات التوجه العلماني والليبرالي للكاتب ايضا مدونة خاصة تم افتتاحها يوم 5 مايس 2010 http://www.yunishanon.com
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.