القرآن يناطح التاريخ 4

ancientquraan(ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا. إنّا مكّنا له في الأرض وآتيناه من كل شئ سببا. فاتّبع سببا. حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذّب وإما أن تتخذ فيهم حُسنا. قال إما من ظلم فسوف نعذبه ثم يُرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكرا. وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يُسرا. ثم اتبع سببا.حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا. كذلك وقد أحطنا بما لديه خُبرا. ثم اتبع سببا. حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً. قالوا يا ذا القرنين إنّ ياجوج وماجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سدا. قال ما مكني فيه ربي خيرٌ فأعينوني بقوةٍ أجعل بينكم وبينهم ردما. ءاتوني زُبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال ءاتوني افرغ عليه قِطرا. فما اسطاعوا أن يظهروه وما اسطاعوا له نقباً. قال هذا رحمة ُ من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاً وكان وعد ربي حقاً) (الكهف 81 – 98).
ذو القرنين في التراث الإسلامي يُقصد به الاسكندر الأكبر، ويتفق كل مفسري القرآن على ذلك. ولأن عرب ما قبل الإسلام كانوا قد سمعوا عن ذلك الملك العظيم الذي غزا واستعمر الامبراطورية الفارسية قبل الميلاد، سألوا محمداً عنه وعن قصته. أجابهم مؤلف القرآن على لسان رب السماء أن ذا القرنين كان نبياً أو رجلاً صالحاً أتاه الله من كل شئ سبباً. والمعروف أن مؤلف القرآن كان يجهل التاريخ ويجهل أسماء الأشخاص الذين يتحدث عنهم فيرمز أليهم بحرف الإضافة “ذو” أو ذا” وتعني صاحب الشئ.، فنجده يقول “فرعون ذو الأوتاد” لأنه كان يجهل اسم فرعون مصر في زمن موسى، وكذلك يقول “ذو الكفل” عن أحد الأنبياء الذي يجهل المفسرون هويته ولا يتفقون حتى في تفسير كلمة “الكفل” التي نُسب لها ذلك النبي، و”ذا النون” عن نبي آخر.
يزعم مؤلف القرآن أن ذا القرنين قد سار حتى وصل مغرب الشمس ووجدها تغرب في عينٍ من الطين الحار، ووجد عندها قوماً خيّره الله أن يعذبهم أو يحسن إليهم. وأصبح ذو القرنين إلهاً يحكم على بعض هؤلاء القوم بأنهم ظلموا فيعذبهم، ويغفر عن الباقين. ثم سار حتى وصل مشرق الشمس ووجدها تشرق على قومٍ لم يجعل الله لهم ستراً من الشمس، كأنما قد جعل لبقية الناس ستراً من الشمس في الربع الخالي أو في صحارى العالم الأخرى. ثم سار ذو القرنين حتى بلغ ما بين السدين. القرآن هنا يُعرّف السدين بأداة التعريف “ال” مع أن المخاطبين وقتها كانوا لا يعرفون شيئاً عن هذين السدين، وحتى نحن لا نعرف عن هذين السدين شيئاً. وتعريف الشئ المتحدث عنه بالألف واللام دون أن يكون السامعون يعلمون عنه شيئاً يصادم قواعد البلاغة. والغريب في الأمر هنا هو أن القرآن يقول إنه وجد عندهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً، ومع ذلك استطاعوا أن يبرموا اتفاقاً مع ذي القرنين بأن يعطوه مالاً ليبني لهم سداً يمنع عنهم ياجوج وماجوج. فقال لهم ذو القرنين أن يأتوه بزبر الحديد، وفهموا ما قاله لهم وأتوه بالحديد، فقال لهم يوقدوا له ناراً، ففعلوا. وعندما أذاب الحديد طلب منهم أن يأتوه بالقطر الذي هو القطران أو النحاس في رواية بعض المفسرين، ففعلوا. فكيف يقول القرآن إنهم لا يكادون يفقهون قولاً؟
الاسكندر الأكبر كان عمره 22 عاماً عندما أصبح ملكاً على مقدونيا
Macedonia
شمال اليونان عام 334 قبل الميلاد. أبحر بجيش قوامه 37600 جندي قاصداً الدردانيل عند ملتقى البحر الأبيض المتوسط مع البحر الأسود. بعد عبور الدردانيل سار الاسكندر بجيشه في الحدود الغربية لتركيا، متتبعاً شواطئ البحر الأبيض المتوسط مروراً بأرض لبنان الحالية حتى وصل مدينة غزة التي حاصرها طويلاً ختى فتحها. ثم دخل مدينة ممفس (القاهرة) في مصر وسار حتى الحدود الليبية ليزور معبد آمون رع. ثم غفل راجعاً إلى ممفس ومنها قطع صحراء سينا ودخل إلى سوريا. وبعد أن فتح دمشق سار إلى العراق وفتح بابل، ثم اتجه شرقاً وفتح مدينة سوسا في فارس، ومنها سار إلى بيرسوبلس
Persepolis
عاصمة الإمبراطورية الفارسية، وكان اسمها الفارسي “تخت جمشيد”. ثم سار شمالاً في إيران حتى وصل شواطئ بحر قزوين، ثم اتجه شرقاً حتى مدينة سوسيا
Susia .
ثم اتجه جنوباً إلى منطقة قندهار في أفغانستان الحالية، ثم سار شمالاً إلى كابول ودخل شمال الهند (البنجاب) في عام 327 قبل الميلاد. وعندما اعترضته المنطقة الجبلية الممتدة من أفغانستان حتى جبال الهمالايا في شمال الهند، اتجه جنوباً بمحاذاة نهر الإندس، ثم اتجه غرباً ووصل إلى بيرسيبولس حيث استقر وتزوج الأميرة روكسانا
Roxane
وأمر قواده أن يتزوجوا فارسيات، كما بارك زواج الجنود من الفارسيات.
يبدو أن الاسكندر أُصيب بمرض نفسي
Paranoia
فأمر بإعدام بعض كبار قادته العسكريين. وفي ليلة حمراء سكر الاسكندر وتشاجر مع صديقه كليتس
Cleitus
فخطف حربة حرسه الشخصي وطعن بها كليتس، الذي مات بعد قليل من الطعنة. وكان الاسكندر وجنوده مولعين بشرب الخمور مما أدى إلى عدة مشاجرات بينهم. وبالتدريج بدأت الخلافات تدب بين الاسكندر وكبار قادته بعد هذا الحادث.
بعد فترة نقاهة قرر الاسكندر غزو الجزيرة العربية وأمر بإحضار تعزيزات من الجنود من مقدونيا. وفي ليلة 7 يونيو 323 قبل الميلاد أقام القائد ميديس
Medius
حفلة ودعا لها الاسكندر. تناول الاسكندر كأساً من الشراب وصرخ وقتها كالملدوغ، وتوفي في اليوم التالي، ربما مسموماً، وتقاسم قواد الجيش إمبراطورية الاسكندر الشاسعة.
فأين إذاً مغرب الشمس الذي بلغه الاسكندر الأعظم؟ أقصى منطقة في الغرب وصلها الاسكندر هي معبد آمون رع في الحدود مع ليبيا الحالية. فهل وجد الشمس تغرب في عينٍ حمئة في هذه الصحراء؟ وهل حكم على بعض الأهالي هنا بأنهم ظالمين وعذبهم، كمال يقول القرآن؟ وهل قال إن الظالمين سوف يردون إلى ربهم فيعذبهم عذاباً نكراً وهو قد عاد لتوه من معبد آمون رع ولم يكن قد سمع بإله موسى أو بالديانات التوحيدية؟ إنها خطرفات مؤلف القرآن.
أما أقصى نقطة وصلها الاسكندر شرقاً فهي منطقة البنجاب، فهل وجد قوماً لا يكادون يفقهون قولاً وكانت الهند وقتها من الحضارات العظيمة؟ تلك الحضارة التي اخترعت لنا الصفر الذي لولاه لما تمكنا من اختراع الكمبيوتر أو النظريات الحسابية والهندسية؟ وهل لم يجعل إله القرآن للناس في البنجاب ستراً من الشمس، ومنطقة البنجاب تغطيها الغابات وتغمرها مياه الأمطار في موسم رياح المنسون كل عام؟ ثم أين هذه المنطقة بين السدين التي كان ياجوج وماجوج يفسدون فيها وطلب أهلها من الاسكندر بناء سدٍ يمنع عنهم ياجوج وماجوج؟ لا بد أن مؤلف القرآن كان قد سمع بممر خيبر
Khyber Pass
بين الهملايا وجبال أفغانستان واعتقد أن سلسلة الجبال في كل جانب تمثل سداً. وهل طلب أهل البنجاب منه بناء سد لقفل هذا الممر. وأين هذا السد الذي بناه الاسكندر من الحديد والنحاس في القرن الرابع قبل الميلاد ولا نجد له أثراً الآن بينما نجد الأهرامات التي بناها المصريون من الحجارة في حوالي عام 2500 قبل الميلاد وما زالت ثابتة في مكانها؟

قد انطلت أكاذيب وأساطير القرآن على الأوس والخزرج ومن جاء بعدهم من الأعراب، ولكن التاريخ لا يرحم ولا يجامل. فالاسكندر الأكبر لم يكن نبياً ولا رجلاً صالحاً وإنما قائداً عسكرياً موهوباً استطاع هزيمة كل الجيوش الكبيرة في زمانه واستعمر اليونان و
Thrace
وهي منطقة بلغاريا ويوغوسلافيا، ثم تركيا ومصر وسوريا والعراق وإيران، وأخيراً البنجاب. ومات وعمره 33 سنة فقط. وهو حتماً لم يبلغ مغرب الشمس ولا مشرقها ولم يسمع بياجوج وماجوج الذين أخذهما محمد من الميثولوجيا العبرية. فالقرآن هنا ناطح التاريخ وخسر خسارة عظيمة.
المصدر لغوات الاسكندر هو تاريخ مقدونيا القديم في الموسوعة البريطانية
http://www.historyofmacedonia.org/AncientMacedonia/AlexandertheGreat.html

About كامل النجار

طبيب عربي يعملل استشاري جراحة بإنكلترا. من هواة البحث في الأديان ومقارنتها بعضها البعض وعرضها على العقل لمعرفة مدى فائدتها أو ضررها على البشرية كان في صباه من جماعة الإخوان المسلمين حتى نهاية المرحلة الجامعية ثم هاجر إلى إنكلترا وعاشر "أهل الكتاب" وزالت الغشاوة عن عينيه وتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من حقيقة الميثالوجيا الدينية الهدف الوحيد من كتاباتي هو تبيان الحقيقة لغيري من مغسولي الدماغ الذين ما زالوا في المرحلة التي مررت بها وتخطيتها عندما كنت شاباً يافعاً
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.