القرآن وعملية الإنزال

biblequranqouts

في القرن السابع الميلادي كان الاعتقاد السائد وقتها أن الأرض مسطحة والسماء من فوقها كالمظلة، ولذلك يقول محمد في قرآنه (خلق السموات بغير عمدٍ ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) (لقمان 10). فالسماء معلقةٌ بأعمدة غير مرئية فوق الأرض المسطحة التي يمكن أن تميد، أي تنقلب بالناس ولذلك ألقى الإله عليها الجبال لحفظ توازنها. منتهى السطحية والجهل في تفسير الظواهر الفلكية رغم أن نظرية بطليموس التي تقول إن الأرض كروية وهي مركز الكون وإن الشمس والكواكب تدور حول الأرض، كانت معروفة للجميع في العالم الغربي. وبما أن السماء معلقةٌ فوق الأرض كان لا بد للإله أن يُنزل الأشياء من السماء إلى الأرض ويرفع من الأرض إلى السماء. وكلمة أنزل، يُنزل، إنزال وتنزيل تعني إلقاء الشيء من الأعلى إلى الأسفل. ويقابلها الرفع، وهو رفع الشيء من الأسفل إلى الأعلى، كما نرفع الماء من البئر. ولذلك يقول القرآن (والسماء رفعها ووضع الميزان) (الرحمن 7)
ويبدو أن محمداً كان معجباً بعملية الإنزال هذه لأنه أُعْطِيّ في الجماع قوة أربعين، وكان يجيد الإنزال، أي قذف المني في المهبل. ولهذا استعمل كلمة “نزّلنا” في خمس آيات، وكلمة “أنزلنا” في ست عشرة آية. وبعض الأشياء التي يزعم أنه أنزلها من السماء تتعارض تعارضاً بيّناً مع العلم الحديث. فهو يقول مثلاً (لقد أرسلنا رسلنا بالبيناتِ وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ ومنافعٌ للناس) (الحديد 25). العلم الحديث بيّن لنا أن التفاعلات الكيمائية في كل النجوم تنتج النيكل 56 وعندما يتآكل النيكل 56 ينتج لنا أيسوتوب الحديد. والنيكل المشع
Radioactive Nickel 56
هو آخر ما تنتجه السوبرنوفا قبل أن تنهار وتنكمش.ولأن عدداً كبيراً من السوبرنوفا كان قد انهار قبل أن تنفصل الأرض عن الشمس، فإنّ كمية النيكل المشع وغير المشع كانت كبيرة جداً في الكون الذي تكوّن قبل 13.4 مليار عام ولم تنفصل الأرض إلا قبل 4.5 مليار سنة. وبما أن الأرض أصلاً كانت جزءاً من الشمس وانفصلت عنها، فهي تحتوي على آيسوتوب الحديد بكميات كبيرة جداً. يكوّن الحديد 5.6% من القشرة الأرضية، وكل باطن الأرض يتكون من الحديد المنصهر. بل كل باطن الكواكب الساخنة يتكون من الحديد، كما تحتوي الصخور الفضائية السابحة في فضاء الأرض على كميات كبيرة من الحديد. فلو كان الإله قد أنزل الحديد على الأرض بعد خلقها لكان الحديد محصوراً في قشرة الأرض، ولكن الواقع هو عكس ذلك إذ أن باطن الأرض كله حديد بينما القشرة تحتوي على القليل منه.
القرآن يقول (أنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ) وفي الحقيقة فإن الحديد عنصر رخو وليّن جداً ويحتاج إلى الاختلاط بمادة الكربون ليصبح قوياً. والاختلاط بالكربون يحدث أثناء عملية إذابة الصخور المحتوية على الحديد في عملية استخراج الحديد. فلولا الكربون لما استطاع الإنسان أن يستعمل الحديد كسلاح أو آلة قاطعة. ولو كان رب القرآن قد أنزل الحديد لفائدة الإنسان لأن الحديد به بأسٌ شديد ومنافع للناس، لماذا ترك الإنسان يستعمل الحجارة ثم النحاس ليصنع الآلات القاطعة قبل أن يتعلم الإنسان استخراج الحديد من الصخور قبل حوالي 5000 سنة فقط والإنسان قد عاش على هذه الأرض أكثر من ثلاثة ملايين من السنين منذ أن بدأ دبيبه على الأرض في هيئة الهومو اريكتس، وحوالي خمسين مليون سنة منذ أن صار هومو سابين، أي الإنسان الحديث
بل يذهب محمدٌ في قرآنه أبعد من ذلك ويقول (ولقد آتينا داوود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنّا له الحديد) (سبأ 10). ونفهم من هذه الآية أن الحديد أصلاً كان صلباً قويا وأن الله ألانه لداود كنوع من الإعجاز ليصنع منه الدروع، بينما الحديد في أصله لين ويحتاج إلى إضافة الكربون ليصبح قوياً، ويحتاج إلى إضافة الكروميوم ليصبح حديداً مقوًي لا يصدأ.
ولأن الحديد لين ورخو فإن الطبيعة استعملته في صناعة مادة الهموجلوبين في خلايا الدم الحمراء في جميع الحيوانات لينقل الأوكسجين إلى خلايا الجسم. كما استعملته الطبيعة في أوراق الأشجار وفي النباتات لصنع مادة الكلوروفيل الخضراء التي تصنع الأوكسجين وتمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو. فالقرآن يقول فقط إن الحديد فيه منافع للناس، بينما منافعه لجميع الحيوانات والنباتات
في بداية تكوين الأرض كان الحديد مذاباً في المحيطات قبل أن تأتي البكتيريا وتصنع الأوكسجين. وعندما تكونت البكتريا وصنعت الأوكسجين تأكسد الحديد ليكوّن لنا أكسيد الحيد ذا اللون الأحمر. وعندما تشبعت المحيطات بأكسيد الحديد ترسب هذا الأوكسيد ليكوّن صخوراً حمراء في قاع المحيطات. وعندما انفصلت بعض أجزاء المحيطات وكوّنت بحيرات صغيرة جف ماؤها ليترك لنا جبالاً حمراء في أماكن عديدة نراها اليوم في أجزاء من أمريكا الشمالية مثل ولاية يوتا. واللون الأحمر الذي يغطي كوكب المريخ سببه أحد مشتقات الحديد. الحديد هو المادة السادسة من حيث الكثرة في الكون. فواضح أن عملية إنزال الحديد ذي البأس الشديد كانت من تخيلات محمد فقط.
ثم يشطح محمد ويقول لنا في قرآنه (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) (الزمر 6). ويشرح لنا في سورة الأنعام هذه الأزواج الثمانية فيقول (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ….. ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين) (الأنعام 143-144).. فهل أنزل الإله هذه الحيوانات من السماء؟
من المعروف من العلم بالضرورة (كالمعروف من الدين بالضرورة) أن الحياة بدأت في المحيطات في أفريقيا ثم انتقلت إلى اليابسة ثم تطورت إلى الحيوانات ذات الأرجل والأثداء ثم القرود والإنسان الذي بدأ حياته في أفريقيا كصائد للحيوانات في الغابات. كل الثدييات كنات في البدء غير مدجنة، وبالتدريج بدأ الإنسان تدجين الماعز والأبقار ثم الجمال والحمير لتساعده على الحركة ونقل خيامه من مكانٍ إلى أخر. فالإله لم ينزل لنا ثمانية أزواج من الأنعام من السماء لأن السماء ليس بها مراعي. ولو كان الإله قد أنزل هذه الأزواج الثمانية فقط، فمن الذي أنزل حيوان اللاما في أمريكا الجنوبية وهو حيوان مثل البقر تماماً يشرب الإنسان لبنه ويركبه ويستعمله في حمل أثقاله. ومن الذي أنزل البفالو في أمريكا الشمالية ومن الذي أنزل الجاموس، فكلها أنعام
ومشكلة محمد أنه كان يقول الآيات حسب المناسبة والمزاج دون الأخذ في الاعتبار ما كان قد قاله سابقاً. فمثلاً نجده يقول لأهل مكة (لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون) (الأنبياء 10). وكلمة الذكر هي مصدر ذكر، يذكر، ذكراً. فهل القرآن به ذكر أهل مكة وبقية الأعراب؟ أكثر من ثلث القرآن يتحدث عن بني إسرائيل وموسى، وقد ذكر موسى 136 مرة وذكر محمداً نفسه أربع مرات فقط. ولم يذكر من الأعراب وتاريخهم غير زيد بن حارثة وبعض أسماء القبائل مثل قوم صالح وثمود وأصحاب الرس الذين لا نعلم من هم. ولكن في النهاية هو قد أنزل كتاباً.
والقرآن ملئ بالادعات الفارغة التي لا يمكن اثباتها بأي وسيلة معروفة لنا، فمثلاً عندما يتحدث محمد عن موسى، يقول (وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين) (ياسين 28). فهل أنزل رب السماء جنوداً من الملائكة ليحاربوا مع موسى في حياته حتى يقول لنا (وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء). أما يكفي زعمه أنه قد أنزل على بني إسرائيل المن والسلوى من السماء فأكلوا حتى شبعوا أربعين سنةً وهم تائهون في الصحراء (وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى) (البقرة 57).
ويستمر محمد في إنزاله فيقول (ولو أننا نزلنا عليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قُبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون) (الأنعام 11). وهذا يعني أن الإنسان لا يمكن أن يؤمن إلا أن يشاء الله له الإيمان. ثم يقول لنا محمد في نفس السورة (ولو نزلنا غليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبين) (الأنعام 7). فهل نلوم الذين كفروا إن لمسوا الكتاب بأيديهم ثم لم يؤمنوا به وإله القرآن يقول إنهم لن يؤمنوا حتى يشاء الله لهم الإيمان؟ والغريب أن إله القرآن كانت له تجربة سابقة مع إنزال الكتاب بكامله، فقد أنزل التوراة على موسى في ألواحٍ من حجارة ولمسها بنو إسرائيل بأيديهم وآمنوا به. فما الذي يجعل الذين كفروا، ومنهم يهود المدينة، لا يؤمنون بكتاب في قرطاس أنزله إله السماء لهم؟ التعليل الوحيد المعقول هو أن إله السماء لم يشأ لهم أن يؤمنوا.

About كامل النجار

طبيب عربي يعملل استشاري جراحة بإنكلترا. من هواة البحث في الأديان ومقارنتها بعضها البعض وعرضها على العقل لمعرفة مدى فائدتها أو ضررها على البشرية كان في صباه من جماعة الإخوان المسلمين حتى نهاية المرحلة الجامعية ثم هاجر إلى إنكلترا وعاشر "أهل الكتاب" وزالت الغشاوة عن عينيه وتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من حقيقة الميثالوجيا الدينية الهدف الوحيد من كتاباتي هو تبيان الحقيقة لغيري من مغسولي الدماغ الذين ما زالوا في المرحلة التي مررت بها وتخطيتها عندما كنت شاباً يافعاً
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.