دون كيهوتي في القاهرة

azharكما يعلم القراء فأن دون كيهوتي أو دون كيشوت،
Don Quixote
كمال ينطقها البعض، هو اسم رواية للكاتب الاسباني ميغل دي سيرفانتس الغني عن التعريف. ودون كيخوتي هذا كان فارساً يحمل سيفاً من خشب يحاول به تحطيم مراوح طواحين الهواء الهولندية الشهيرة لأنه كان يخيل إليه أنهم جنود ماردون يريدون قتله.
امتطى دون كيهوتي هذا – ممثلاً في شخص شيخ الأزهر أحمد الطيب – صهوة حصانه ومعه ستون دون كيهوتي أخرون مستنسخون من الدون كهوتي الأصل، وحملوا سيوفهم وعقدوا المؤتمر الرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لمناقشة توحيد الخطاب الديني العربي لمكافحة الإرهاب والتطرف بالقاهرة يوم 28 فبرائر (شباط) 2015 لأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان قد طالب رجال الدين بتجديد خطابهم الديني (وليد عبد الرحمن، الشرق الأوسط، 1/3/2015). وأثبت المؤتمرون عدم تمكنهم من فهم الإرهاب لأنهم عقدوا مؤتمرهم لتوحيد الخطاب الديني العربي وهم ربما لا يعلمون أن العرب المسلمين لا يمثلون إلا خمس المسلمين في العالم. وأكثر الإرهاب يحدث من مجموعات في بلاد لا تتكلم العربية أصلاً، مثل نيجريا التي أنتجت لنا بوكو حرام، وأفغانستان التي أنتجت لنا طالبان، وباكستان التي أنتجت لنا طالبان باكستان، والصومال التي انتجت لنا منظمة الشباب، وإيران التي انتجت لنا الباسيج والحرس الثوري الذي فجّر المعبد اليهودي في الأرجنتين وقتل وجرح العشرات. وأغلب الشباب الذين يقومون بالتفجيرات في أوربا وأمريكا من غير الناطقين بالعربية.
صحيح أن التمويل لهذه المنظمات يأتي من البترودولارات العربية، ولكن المنفذين ليسوا عرباً، إذا استثنينا الخمسة عشر سعودياً الذين فجروا برجي التجارة العالميين في أمريكا. وحتى العقل المدبر لتفجير البرجين كان خالد شيخ محمد الباكستاني. أما التطرف فللعرب فيه نصيب كبير بدأ بابن تيمية وانتهى بسيد قطب والإخوان المسلمين ومحمد الغزالي والحويني وغيرهم من خريجي الأزهر.
وما يعكس قصور تفكير رجال الدين وتبعيتهم للحكومات العربية المستبدة هو عدم دعوة إيران وتركيا وقطر إلى المؤتمر لأن تركيا وقطر يدعمان الإخوان المسلمين، وإيران تحاول نشر المذهب الشيعي في مصر والسودان. وعدد سكان إيران وتركيا يكاد يساوي عدد سكان كل البلاد العربية. وقد ضم المؤتمر الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، ووزراء الأوقاف والتنمية المحلية والتعليم العالي. وكأنه لا يكفينا أن يكون هناك الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يرأسه القرضاوي، نجد أن هناك هيئة كبار العلماء بالقاهرة، ولها أمين عام وسكرتارية. وهناك رابطة العالم الإسلامي، ومنظمة العالم الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وغيرهم الكثير. فهل تستطيع كل هذه الجمعيات والتنظيمات أن تتوحد هي أولاً قبل محاولة توحيد الخطاب الديني؟
وقال شيخ الأزهر في كلمته التي ألقاها وكيل الأزهر عباس شومان بدلا منه – نظرا لأسباب صحية – إن «هذا المؤتمر قد جاء في لحظة مهمة ظهرت فيها جماعات إرهابية أشد إرهابا من جماعات كانت موجودة على الساحة بالفعل لتتصدر المشهد، وأصبح الإرهاب يجتاح دولا كثيرة في المنطقة، وأنه بات واضحا وظاهرا للعيان بأن المستهدف ليس دولة بعينها، ولكن دول العالم الإسلامي بأسرها، وبالأساس مصر قلب العروبة النابض»، مضيفا: «لقد عقدنا الكثير من المؤتمرات لكشف خطر هذه الجماعات وتحذير العامة والخاصة من خطرها، ولقد حان الوقت أن ننطلق من الحديث النظري إلى العملي؛ لنحول حديث المؤتمرات إلى خطط عمل على أرض الواقع».
وهاهو شيخ الأزهر يعترف أنهم عقدوا مؤتمراتٍ كثيرة على مدار السنين ولم ينتجوا لنا شيئاً، فماذا هم فاعلون الآن ليحولوا حديث المؤتمرات إلى خطط عمل على أرض الواقع؟ هل يستطيع المؤتمرون توحيد الخطاب الديني، ناهيك عن تحديثه؟ حتماً لن يستطيعوا والعالم الإسلامي تتنازعه عدة مذاهب وآراء فقهية مختلفة
وأوضح شومان، وهو الأمين العام لهيئة كبار العلماء بمصر، أن هذه الجماعات المتطرفة تمتلك دعما لا تمتلكه معظم المؤسسات، لهذا فالأزهر يطالب جميع المؤسسات بدعمه في الحرب الإلكترونية التي يشنها المتطرفون، وينشرون من خلالها آلاف الأفكار الخاطئة بين الشباب، مؤكدا أن دولا عربية وإسلامية تدعم هذه الجماعات المتطرفة سرا وعلنا وتمدهم بما يحتاجون إليه، ويجب على هذه الدول أن تقطع الدعم عنهم وأن توقف قنوات الفتنة التي تحرض على قواتنا المسلحة وتحرض على قتل الأبرياء، وإلا وجب علينا اعتبارها دولا معادية، موضحا أنه يجب النظر إلى التنظيمات الإرهابية؛ مثل «داعش» وغيرها، على أنها أذرع عسكرية لدول عالمية، وليست تنظيمات محلية، مطالبا بتشكيل قوة ردع عربية لتتعامل مع هذه الجماعات المتطرفة.
شيخ الأزهر الذي لم يحضر المؤتمر، وزعم أن وعكةً صحيةً قد منعته من ذلك، بينما السبب الرئيسي، حسب فهمي، هو أن شيخ الأزهر يحتضن شيوخ الإخوان المسلمين بالأزهر ضد رغبات أعضاء هيئة التدريس، وقد ساءه هذا المؤتمر لأنه موجه ضد الإخوان المسلمين. يطلب شيخ الأزهر من جميع المؤسسات أن تساعده في دعم الحرب الإلكترونية التي يشنها المتطرفون وينشرون من خلالها الأفكار الخاطئة. فمن أين يا تُرى تعلم هؤلاء الدواعش أفكارهم الخاطئة؟ أليست من نفس الكتب التي يدرّسها الأزهر لطلابه. ألم يكن محمد الغزالي الذي أفتى بكفر فرج فوده مما أدى لاغتياله، والآن زينب الغزالي، من الأعضاء البارزين بجماعة الإخوان المسلمين، وأساتذة بالأزهر ويدعون إلى الحاكمية لله التي يدعو لها الدواعش الآن ويريدون أن يحكّموا قوانين الله في الأرض؟
وقال شيخ الأزهر موضحا، أنه يجب النظر إلى التنظيمات الإرهابية؛ مثل «داعش» وغيرها، على أنها أذرع عسكرية لدول عالمية، وليست تنظيمات محلية، مطالبا بتشكيل قوة ردع عربية لتتعامل مع هذه الجماعات المتطرفة.
نحن نقول إن التنظيمات الإرهابية من أمثال داعش ومنظمة الشباب الصومالية هي أذرع لفكر الأزهر والإخوان المسلمين، فإن كان شيخ الأزهر يفتكر غير ذلك فليأتنا بالدليل بدل التصريحات العائمة. وبدل تشكيل قوة ردع عربية، عليه أن يغيّر مناهج الأزهر وكتبه الصفراء حتى يستطيع الأزهر أن يُخرّج لنا ناساً أسوياء بدل الدواعش
وقال رئيس وزراء الحكومة المصرية في ذلك المؤتمر ” ما تشهده المنطقة من تطرف وغلو وسفك للدماء وأعمال إجرامية، هي أعمال دخيلة على بلادنا وتقاليدنا وإفساد في الأرض والإسلام منها بريء»، مضيفا أن «الإسلام أمرنا بحسن معاملة الجميع وبحقوق الإنسان والحيوان أيضا». انتهى
تبرئة الإسلام من الإجرام هي نفس سياسة المدمن الذي يصر على الإنكار أطول فترة ممكنة قبل أن يعترف بإدمانه. كيف يكون الإسلام بريئاً من الإرهاب والقرآن يقول (أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم). من هو عدو الله؟ أليس هو المفكر والعالم الذي يكتشف كل يوم ما يثبت أن الله لا دخل له في الحمل والولادة ونوع الجنين؟ ألم يكفّر فقهاء الإسلام هؤلاء العلماء الحقيقيين والمفكرين؟ ثم متى أمرنا الإسلام بحسن معاملة الجميع وبالرفق بالحيوان؟ هل قرأ رئيس الوزراء العهدة العمرية التي كتبها عمر بن الخطاب لنصارى الشام؟ وهل قرأ فقه الولاء والبراء الذي ابتدعه شيخ الإسلام ابن تيمية؟ أما بالنسبة إلى الرفق بالحيوان فيكفي أن نعرف أن نبي الإسلام قال “لا تدخل الملائكة بيتاً به كلب”. وقالت خادمته أم ايمن عندما تأخر الوحي عن النبي وأغتم لذلك، إنها دخلت تكنس غرفته فوجدت جرواً صغيراً ميتاً تحت السرير، ولما أخرجته باشر جبريل نزوله على محمد. وكذلك قال محمد إن الكلب الأسود يقطع الصلاة كما تقطعها المرأة. ويكفي رئيس الوزراء أن يعرف أن جميع تجار اللحم الحلال في أوربا وأمريكا يذبحون الخراف بطريقة مؤلمة ويعترضون على استعمال الكهرباء لصعق الحيوان قبل ذبحه حتى يدخل في غيبوبة ولا يشعر بالألم لأنهم يريدون أن يذبحوا كما ذبح مجمد هديه بمكة يوم أدى الحج. ما أكثر الادعاءات الجوفاء التي نسمعها كل يوم عن دين الرحمة والسلام
والطريف أن العلماء إن سيؤكدون في نهاية المؤتمر اليوم (الأحد) نبذهم للإرهاب والغلو ورفض ربط الإرهاب بالأديان، وإيجاد آليات لتحصين الشباب من الوقوع في أخطاء الجماعات المتطرفة.. كما سيوصون بتشكيل هيئة عليا لتوحيد الخطاب الديني في مواجهة التطرف». والمثل العامي يقول” “عيش يا حمار لما ينبت الحشيش”.

About كامل النجار

طبيب عربي يعملل استشاري جراحة بإنكلترا. من هواة البحث في الأديان ومقارنتها بعضها البعض وعرضها على العقل لمعرفة مدى فائدتها أو ضررها على البشرية كان في صباه من جماعة الإخوان المسلمين حتى نهاية المرحلة الجامعية ثم هاجر إلى إنكلترا وعاشر "أهل الكتاب" وزالت الغشاوة عن عينيه وتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من حقيقة الميثالوجيا الدينية الهدف الوحيد من كتاباتي هو تبيان الحقيقة لغيري من مغسولي الدماغ الذين ما زالوا في المرحلة التي مررت بها وتخطيتها عندما كنت شاباً يافعاً
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.