إسرائيل لا تزرع شجرة الغرقد وإنما تزرع معهد وايزمان

tkharifد. خالد منتصر

«احذروا، فإسرائيل تتآمر وتزرع الضفة الغربية كلها شجر الغرقد حتى يختبئ خلفه اليهود يوم القيامة حتى لا نستطيع رؤيتهم وقتلهم، شوفوا هما مقتنعين بما يقوله ديننا إزاى واحنا لأ»!! قال هذا الكلام الشيخ د. على جمعة فى برنامجه، وكنت أتوقع أن يقول إن حزب الليكود قد دخل الإسلام أفواجاً ما دامت إسرائيل مقتنعة إلى هذه الدرجة بما يقوله المسلمون عن شجر الغرقد وينفذونه بالحرف الواحد بعدما اكتشفوا أن شجر الغرقد القصير الذى لا يرتفع إلى نصف طول قامة رجل متوسط سيتغلب على الساتلايت ويشوش على كل أجهزة الـ«جى بى إس» والملاحة البحرية والبرية والجوية!! مع احترامى لك يا دكتور على جمعة ولاجتهاداتك ولدأبك وحماسك، أود أن أخبرك أن إسرائيل تزرع المعاهد العلمية مثل «وايزمان» و«التخنيون» وغيرهما لكى تُنبت هذه المعاهد علماء يحصدون نوبل فى الفيزياء والكيمياء بالعشرات، والمدهش أنهم حتى لو سافروا لأمريكا يعودون لإسرائيل لكى يواصلوا أبحاثهم، إنهم لا يهتمون بالغرقد ولا بما نروجه عنهم بأنهم أحفاد القردة والخنازير. إنهم يركزون فى أبحاثهم ومعاملهم غير عابئين بشعوب أدمنت الكسل والخرافة وكرهت العلم والإبداع. إنهم لا يحتمون بالغرقد، ولكنهم يحتمون بالعلم، أود أيضاً أن أخبرك ببعض المعلومات عن معاهد إسرائيل التى لا ينبت فيها شجر الغرقد، معهد وايزمان يزوره كل عام أكثر من مائة ألف عالم باعتباره من أهم المعاهد العلمية فى العالم، وإنجازات هذا المعهد، الذى أنشئ عام ١٩٣٤ فى الفيزياء والكيمياء والطب والكمبيوتر، لا تنتهى، من علاج اللوكيميا حتى الكمبيوتر متناهى الصغر، مروراً بالعدسات وطرق استخراج اليورانيوم والـ«هاى تك» وأبحاث السرطان والطاقة النووية والنظائر المشعة.. إلخ، وتبلغ ميزانيته مليارى دولار، أما معهد التخنيون المستمد من كلمة تقنية، فقد أُنشئ عام 1924، أى قبل إعلان الدولة بربع قرن تقريباً، وكان ألبرت أينشتين أول رئيس لمجلس أمنائه، وقال وقتها: «إن إسرائيل تستطيع أن تكسب معركة البقاء فقط إن نجحت فى تكوين معارف عميقة فى التقنية». وبالفعل ظل هذا الشعار عنوان نجاح إسرائيل وتفوقها العلمى.. بهذا المعهد الذى يضم مكتبة علمية من أضخم المكتبات فى العالم أصبحت إسرائيل الأولى على العالم فى مجال علوم الكمبيوتر، كانت ميزانية التخنيون قبل حرب أكتوبر ٢٠ مليون دولار، وأصبحت الآن ثلاثة مليارات دولار! أما ما تنفقه إسرائيل على البحث العلمى فقط فى هذا المعهد وغيره، فيبلغ حوالى 5% من الناتج القومى الإجمالى. أود أن أنقل لفضيلتك بعض الأرقام عن إسرائيل المرعوبة من تفوقنا وغراقيدنا، إسرائيل تصرف ٢٥٠٠ دولار على تعليم الفرد مقابل ٣٤٠ دولاراً عند العرب، وحجم الإنفاق على التعليم عند إسرائيل حوالى ٧% من الناتج القومى مقابل ٥% فى أمريكا و٤% فى اليابان، وهناك ١٣٩٥ عالماً وباحثاً لكل مليون من السكان مقابل ١٣٦ لكل مليون فى الوطن العربى، وتخصص إسرائيل أكثر من ستة مليارات دولار للبحث العلمى، بما يوازى 5% كما ذكرنا من الناتج القومى، أما الوطن العربى مجتمعاً فيخصص ملياراً ونصف المليار تقريباً، أى أقل من ثلاثة من عشرة فى المائة من ناتجه القومى! وإسرائيل هى الدولة الأولى فى العالم فى مجال النشر العلمى نسبة لعدد السكان، فعدد العلماء الناشرين للبحوث 11٫7% لكل عشرة آلاف نسمة، ونسبة أمريكا 10%، فى رياض الأطفال الإسرائيلية كمبيوتر لكل طفل، أما مستخدمو الإنترنت فهم خمسون ضعفاً بالنسبة لمستخدميه العرب، ونسبة الكتب المترجمة إلى العبرية ١٠٠ كتاب لكل مليون إسرائيلى، وفى العالم العربى ثلاثة كتب فقط لكل مليون عربى!!… إلخ، تحتل إسرائيل المرتبة الأولى عالمياً فى نسبة حجم الإنفاق على البحوث إلى إجمالى الناتج المحلى وتبلغ أكثر من 4%، والمرتبة الثانية بعد ألمانيا فى نسبة المهندسين إلى عدد السكان، والمرتبة الثانية بعد أمريكا فى مستوى أودية السيليكون بواديها الواقع ما بين حيفا وتل أبيب، والمرتبة الأولى فى نسبة صادرات السلاح إلى إجمالى الصادرات، والمرتبة الثامنة فى نظُم الدفع الصاروخى للأقمار الصناعية، والمرتبة السادسة فى عدد براءات الاختراع متفوقة على بريطانيا وفرنسا، والمرتبة الأولى فى تطوير نظم حماية أمن البيانات وتحصين مواقع الإنترنت، والثانية من حيث عدد الشركات المدرجة فى قائمة شركات التكنولوجيا المتقدمة، نسبة استخدام الإنترنت لعدد السكان فى إسرائيل 16%، فى حين أنها تقل عن 3% فى المتوسط العربى، عدد مالكى الكمبيوتر 47 من كل مائة فرد إسرائيلى، فى حين يبلغ 4% فى عالمنا العربى، تحتل إسرائيل المركز رقم 12 من حيث مؤشر جاهزية شبكة الإنترنت، أما مصر ففى المركز الـ65، الناتج المحلى الإجمالى للفرد الإسرائيلى يفوق نظيره فى البلدان العربية مجتمعة، بالنسبة للنشر العلمى ما يقرب من 12 بحثاً منشوراً لكل عشرة آلاف فى إسرائيل، بينما يبلغ هذا المعدل ثلث بحث لكل عشرة آلاف فى العالم العربى!!! تم إنتاج أول كمبيوتر إسرائيلى اسمه ويزاك فى معهد وايزمان منذ أكثر من نصف قرن، أما أول كمبيوتر عربى فما زال فى علم الغيب. إذا كان اليهود مؤمنين يا دكتور جمعة بأنهم سيختبئون خلف شجر الغرقد، ولذلك يزرعونه فإننا لا بد أن نؤمن أيضاً بأننا إذا ظللنا على هذه الحال من الاجترار وشلل الاجتهاد فسنختبئ خجلاً خلف جبال الجهل والتخلف إلى أن ننقرض.

http://www.khaledmontaser.com/article.php?id=1411#.VJ_A-sAU

About محمد البدري

مهندس وباحث انثربولوجي
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.