الاسلام بحاجة الى مراجعة وتجديد ودور الاسلام السياسي في تدمير صورة العرب والمسلمين

condomnosinالاسلام بحاجة الى مراجعة وتجديد ودور الاسلام السياسي في تدمير صورة العرب والمسلمين

مشكلة العالم العربي والاسلامي ليست الامبريالية والصهيونية والماسونية او الشيوعية والرأسمالية والماركسية والمسيحية واليهودية والالحادية أو العولمة بل هي تصاعد الاسلام السياسي العنيف.
نجاح المشروع الصهيوني باحتلال فلسطين عام 1948 ارتبط بظهور ما يسمى مشروع القومية العربية والوحدة العربية وبات تحرير فلسطين وتحقيق المشروع القومي العربي الشغل الشاغل للعرب لا سيما في العهد الناصري 1952 – 1967. هزيمة حزيران 1967 نسفت هذا المشروع القومي وفضحت عيوبه ونواقصه. وفي السبعينات شهدت المنطقة الصعود التدريجي للاسلام السياسي الذي استغل النكسات والصفعات التي تعرض لها المشروع القومي العربي ليثبت وجوده على الساحة. ورافق هذا التصاعد الاسلامي ظهور حركات انفصالية وحروب أهلية واحتدام الصراعات العربية العربية وظهور الارهاب على الساحة. ولا تزال بعض الأنظمة وعلى رأسها النظام السوري يروج لاسطوانة القومية العربية المشروخة ويردد شعارات المقاومة وتحرير فلسطين الكاذبة التي تنطلي فقط على البسطاء والساذجين.

الاسلام السياسي سبب كل المشاكل في العالم العربي:
هناك من يعتبر الدين الاسلامي رمز للتخلف والرجعية والارهاب والغباء والهمجية, هذا التبسيط والتعميم للأمور لا يساعد في العثور على نقاط الاختلاف والاشكالات والتي بحاجة الى مراجعة من قبل علماء الدين.
كما استغل الطغاة العلمانيون من امثال معمر القذافي وعمر البشير وبشار الأسد ظاهرة الاسلام السياسي لقمع الشعوب وتعزيز سلطتهم لايهام الغرب انهم يحاربون الارهاب الاسلامي. وخير مثال معاصر هو استغلال بشار الأسد لداعش الارهابية وتسخيرها لاحباط الثورة وتثبيت سلطته.
الاسلام السياسي لعب دورا كبيرا في تشويه الاسلام وسمعة الاسلام وصورته وسمعة العرب كافة. وجاءت داعش قبل اقل من عامين لتدمير سمعة الاسلام كليا بممارستها الوحشية ضد المدنيين والأسرى والنساء والاعدامات العشوائية بجز الرؤوس وصلب الافراد واضطهاد الاقليات.
الاسلام السياسي المتشدد اضطهد الاقباط في مصر. الاسلام المتشدد المتمثل في حركة حماس اضطهد المسيحيين في غزة. الاسلام المتشدد قمع المسيحيين في السودان أما حركة داعش العميلة اضطهدت المسيحيين في الموصل. وبوكو حرام المرتبطة بالقاعدة تضطهد المسيحيين في نيجيريا.
لا يوجد مجال في مقال واحد او عشرة مقالات لسرد التاريخ الاسلامي او جرائم الاسلام السياسي المعاصر ولكن احاول تسليط الضؤ على نظرة العالم الغربي للاسلام والمسلمين كما ألمسها من تواجدي في بريطانيا وأضع مقترحات متواضعة للمراجعة الشاملة.
كيف ينظر الغرب للاسلام والمسلمين؟
الغرب يشاهد الاسلام ليس من خلال دراسات علمية دقيقة وابحاث ثيولوجية ودراسات دينية عميقة ومضنية. المؤرخون يفعلون ذلك ويتوصلون الى استنتاجات وينشرون دراسات اكاديمية لا يقرأها الا عدد قليل من المختصين والمتخصصين. ولكن على مستوى شعبي عام يكوّن الانسان الغربي رأيه ومفهمومه ونظرته للاسلام والمسلمين من خلال ما يشاهده على نشرات الاخبار المتلفزة وعلى ما يقرأه في الصحف وفي صفحات الشبكات الاجتماعية على الانترنيت. وما يشاهده ويقرأه منذ التسعينات عن الاسلام والمسلمين لا يخلو من العنف والقتل والكراهية والمجازر والاقتتال الداخلي وانتهاك القاصرات والتجارة بالنساء وقطع الرؤوس كما تفعل داعش الان واضطهاد الأقليات والعمليات الارهابية ضد المدنيين وركاب الحافلات والسياح الاجانب كما حدث في مصر في التسعينات واوائل الألفية الثالثة. ومن التبريرات التي استخدمها المبررون والمتعاطفون مع الارهاب ان اسرائيل تحتل الأراضي العربية وان اميركا تحتل العراق. والسؤال البسيط لهؤلاء كيف ان ذبح عمال فنادق مصريين في شرم الشيخ سيحرر فلسطين؟ وكيف ان تفجير فندق سياحي في الأقصر سيساعد العراقيين؟
ألم يعلم هؤلاء الاغبياء ان لجؤهم للارهاب مهما كانت الاسباب والمبررات لا يخدم القضايا العربية والاسلامية بل بالعكس يخدم اسرائيل اعلاميا ودعائيا. العنف الذي يتم ارتكابه باسم الاسلام يزيد في كراهية العالم للاسلام والمسلمين.
ازداد الاهتمام العالمي بالاسلام السياسي مع ظهور ارهاب القاعدة الذي وصل ذروته بعد احداث 11 ايلول 2001.
وكلما تم ذكر الاسلام في الاعلام تظهر اصوات مدافعة ومبررة تقول ان الاسلام دين محبة ورحمة وتسامح وسلام ولكن لا نرى ذلك على واقع الأرض في العراق ومصر والسودان وايران والباكستان وسوريا والصومال.

الاسلام يحتاج لمراجعة شاملة:
لذا في رأيي المتواضع اعتقد ان الوقت قد حان لمراجعة شاملة للنصوص الدينية التي تكرس الكره لمن هو غير مسلم وتصفه بالكافر وتحلل قتله وايذائه. وتعديل للنصوص التي تشجع على ارتكاب أعمال العنف ضد الآخرين وتنص على اساليب وعقوبات لا تتناسب مع روح العصر.
حان الوقت لعلماء المسلمين المتنورين منهم ان يمتلكوا الشجاعة والرؤيا لاعادة النظر في النصوص الدينية القرآنية والاحاديث النبوية التي يتم الاشارة لها والاستشهاد بها لتبرير جرائم ضد الانسانية. يتم الاستشهاد بآيات قرأنية لتبرير ابشع الجرائم واقبح الممارسات.
ربما ادخال تفسيرات حديثة لتلك الآيات والنصوص التي تصطدم مع مباديء حقوق الانسان والمفاهيم العصرية قد يساعد نوعا ما في أنسنة الاسلام.
هناك من يبرر اضطهاد النساء والزواج من القاصرات بأيات قرآنية او احاديث نبوية لم تعد مناسبة للعصر الحديث. وهناك من يبرر قطع الرؤوس وصلب الناس وجلدهم ورجم النساء والمتاجرة بالسبايا وفرض الجزية او السيف ضد الأقليات. يجب ازالة كل النصوص التي تبرر ذلك او على الأقل تعديلها بحيث تنسجم مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان. ثم ظاهرة الانفلات في سوق الفتاوي التي تحلل الممارسات الجنسية بشتى اشكالها تحت مسميات مختلفة لا مجال لسردها هنا.
من المهم ازالة اي اشارة للكافر واعتباره شخص يستحق القتل علما ان هذا الكافر قد يكون عامل اغاثة او طبيب يعالج المسلمين وغير المسلمين او خبير في الزراعة او مخترع لأدوية تعالج الامراض المستعصية. هذا الكافر استقبل اعداد كبيرة من بؤساء العالم الاسلامي ومنحهم فرصة العيش الكريم بحرية ورخاء.

ليس كل مسلم ارهابي وليس كل كافر انسان سيء:
اذا كان الكافر سيء لهذه الغاية لماذا يتهافت المسملون على الهجرة الى بلاد الكفار؟ لماذا يتعرضون للموت للوصول الى شواطيء بلاد الكفار واحيانا يغرقون في البحر؟. ولا نرى في المقابل طوابير من الفرنسيين والألمان والانجليز تريد الوصول للسودان او الباكستان وايران.
كبقية الشعوب، المسلمون يستعملون وسائل الحياة المعاصرة في حياتهم اليومية الدنيوية. وعليهم ان يسألوا أنفسهم من اخترع الهاتف النقال والحاسوب والطائرة والدواء واجهزة التلفزيون والمذياع وآلات السيارات والطائرات واجهزة تحسين السمع والرؤيا والمعدات الطبية وأليات البناء والتعمير والانقاذ والتلقيح ضد الاوبئة الفتاكة. بدون اختراعات الكفار لبقينا في العصور الوسطى. لماذا يهرع المسلمون المقتدرون لأوروبا للعلاج ولماذا يرسلوا اولادهم لبلاد الكفار للدراسة؟ لماذا تستعين دول العالم الثالث بخبراء وتقنيين كفار؟ لماذا تحصل الدول الفقيرة المسلمة وغير المسلمة على مساعدات اقتصادية من الدول الكافرة وتقبل القروض من مؤسسات النقد الدولي الكافرة؟ الكافر سمح للمسلم ببناء المساجد وحرية العبادة.
من اين اتت مباديء ومفاهيم حقوق الانسان والرعاية الشاملة للمواطنين من صحة وتعليم ومساعدة منتظمة للعاطلين عن العمل والمعاقين والعاجزين؟ عندما تحدث كارثة في بلد اسلامي او عربي ترى الكفار اول من يهرع للانقاذ وتوفير الغذاء والغطاء ومعدات الانقاذ. لماذا تعاني الشعوب الاسلامية من الفقر والمرض والجهل والأمية وتفسر كل مشكلة بالمؤامرة الصهيونية الاستعمارية علما ان الاستعمار اختفي منذ أكثر من نصف قرن.؟
كفانا نفاقا علينا ان نعامل الناس كبشر وليس تصنيفهم ككفار ونتخلى عن الاعتقاد ان المسلم فقط على حق وكل العالم على خطأ. هذا الاستعلاء خلق عقدة كره واحتقار لمن هو غير مسلم.
هل رأيتم بوذيا يحمل يافطة تقول البوذية هي الحل؟
وهل رأيتم كاثوليكيا او يهوديا او هندوستانيا يصرخ ان دينه وعقيدته هي الحل.؟
وعن اي حل يتحدثون؟ اين الحلول لمشاكل الفقر والفساد والأمية والعنفية والتشدد في العالمين العربي والاسلامي.
لا أحد ينكر انجازات الاسلام في العصور الوسطى عندما كانت اوروبا تعيش في الظلام. ولكن الاسلام السياسي والداعشي يحاول العودة بنا للعصور الجاهلية وليس في جعبته أي حلول اقتصادية او اجتماعية او تثقيفية او تكنولوجية للمشاكل المزمنة التي يعاني منها المسلمون. فشل الاسلام السياسي في غزة ومصر والسودان والاسباب معروفة.

كخطوة اولية متواضعة يجب دراسة فصل الدين عن السياسة. الطلاق الكامل بين المرجعية الدينية والقرار السياسي والاقتصادي خطوة اتخذتها اوروبا قبل 400 عام.

نهاد اسماعيل
لندن

About نهاد إسماعيل

كاتب عربي ليبرالي يعيش بلندن
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.