لماذا تأخرنا وتطور الآخرون ؟

طلال عبدالله الخوري   14\9\2012

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت اوروبا منهكة, والدولة الوحيدة المتقدمة كانت الولايات المتحدة الاميركية بسبب بعدها جغرافياً عن مكان الحرب والدمار.

كانت الحرب العالمية الثانية درساً قاسيا لكل شعوب العالم بشكل عام وللأوروبية  بشكل خاص, وخلاصة هذا الدرس أنه لا شئ جيد في الحرب, ولقد اقسمت الشعوب وزعامائها بعدم الدخول في أي  حرب جديدة بعد الأن, وفهموا بان الحرية والبناء هما ما يجب ان يسعى اليه الانسان, وان الدول اذا تعاونت فيمكن ان تزدهر وتتطور  بدلا من ان تتحارب وتدمر وتقتل بعضها البعض.

من ثمار دروس الحرب العالمية الثانية أيضاُ هو السعي لبناء المنظمات الدولية, والتي تنظم وتقنن علاقات الدول ببعضها البعض لمنع نشوب حروب جديدة, ولحل المشاكل الدولية ان وجدت.
 ولكن المنظمات الدولية خطت خطوة ابعد من ذلك وقامت باصدار المعايير الدولية لحقوق الانسان  ووثقتها بميثاف وقعت عليه كل الدول  بالعالم و يعتبر هذا الميثاق ارفع ما توصلت إليه الانسانية من رقي وتحضر.

كان من البديهي ان تبدأ كل دولة بتطوير انظمتها التعليمة وجامعاتها ومراكزها البحثية العلمية, لما لها امن اولوية في تطوير كل مجالات الحياة الاخرى.

 نتج عن هذا التطور ثورات علمية وتكنولوجية واقتصادية, وتم فتح اسواق العالم على بعضها البعض, والذي ادى بدوره الى ازدهار عالمي بكل المجالات, واصبح العالم بفضل الشبكات الاجتماعية الانترنيتية كقرية صغيرة يتواصل الناس بواسطتها مع بعضهم البعض.

هكذا تقدم العالم وتطور فما الذي حصل لدينا وأدى الى تخلفنا؟

أولا:الأموال السهلة

الى الآن يتباهى الرواد الأوائل من سوريا ومصر ولبنان والأردن وفلسطين, كيف سافروا إلى دول الخليج العربي, وغرفوا بالأموال السهلة وعادوا بها, ويحكون القصص كيف انهم حصلوا على رواتب ضخمة مقابل اعمال بسيطة.

 أدى ظهو ر النفط في دول الخليج الى تدفق الاموال السهلة الى الاسواق العربية, مما أدى الى تقاعس الناس عن العمل الجاد, بالوقت الذي كان به الاميركي والاوروبي يسعى ويكدح من الصباح الى المساء لكي يطور نفسه.

ومن الأموال السهلة التي تدفقت الى الأسواق العربية هي اموال الجماعات الاسلامية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين, والتي تدفقت من الخليج العربي وذلك لكي تقف بوجه المد القومي الذي كان يهدد عروش ملوك وامراء الخليج.

ومن الاموال السهلة التي وصلت الى منطقتنا هي اموال الحرب الباردة, حيث سعى المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي بتقديم المساعدات لكل من سوريا ومصر واليمن والعراق والجزائر بكل المجالات وذلك بهدف كسبها الى صفها في المحافل والمعارك الدولية التي كانت تجري بين المعسكرين الغربي والشرقي.

ومن الاموال السهلة التي تدفقت الى الاسواق العربية أيضاً هي اموال عائدات قناة السويس, وعائدات السياحة والحج الديني الى الاراضي المقدسة.

من هنا نستنتج بأن الشعوب العربية قد كسبت الاموال السهلة من تدفق النفط, واموال الجماعات الاسلامية واموال المساعدات الخارجية بسبب الحرب الباردة, واموال قناة السويس, والسياحة والحج, فلم يجد شعبنا اي سبب للعمل بجد واجتهاد لتطوير بلدانهم , مقارنة بالشعوب الاخرى والتي لم يكن لديها اموال سهلة, وكانت تكدح من الصباح حتى المساء.

ثانيا: مؤامرة الحكام العرب ورجال الدين على أنظمه التعليم وإفساد الشعب

هناك الكثير من الاسلاميين واليساريين والذين يعلقون سبب تخلف الشعوب العربية على شماعة المؤامرة الاميركية والغربية الاسرائيلية علينا!

ونحن سنثبت بانه لم يكن هناك اي مؤامرة اميركية او غربية  او اسرائيلية علينا, وانما المؤامرة الوحيدة التي كانت علينا هي من قبل حكامنا الاستبداديين, وذلك من اجل تثبيت حكمهم لنا و استعبادهم لنا مدى الحياة, فقاموا وبمساعدة رجال الدين بتحطيم النظم التعليمية ببلادنا, لان التعليم هو العدو الاول للاستبداد ورجال الدين, في الوقت التي كانت به الشعوب الاخرى تصرف بسخاء من اجل تطوير التعليم والبحث العلمي.

إن اهم تقنية للتحكم بالشعوب هي بتجهيل الشعب ,لان الانسان الجاهل تسهل قيادته, لذلك قام الزعماء العرب وبمنهجية بإفساد واهمال  المدارس والجامعات والبحث العلمي. بالاضافة الى قطع السبل على المتعلمين واجبارهم وتشجيعهم على الفساد او باحسن الحالات وضعهم في حالة يأس لكي يهاجروا للعمل ببلدان اخرى.

لقد شجع الطغاة العرب شعوبنا على الفساد بطرق مباشرة وغير مباشرة , لكي يصبح هؤلاء الفاسدون شركاء المستبد بفساده, ومصلحتهم من مصلحته, ويهمهم بان يبقى هذا المستبد بالسلطة الى الابد لكي لايتم الكشف عن فسادهم.

يقول نعوم تشومسكي ان من استراتيجيات التحكم بالشعوب هو تشجيع الشعب على استحسان الرداءة و تشجيع الشعب على أن يجد أنه من ” الرائع ” أن يكون غبيا, وهمجيا وجاهلا.

من هنا نرى بان تدفق الاموال السهلة الى جيوب شعوبنا بسبب تدفق النفط, ساهمت بتحول الناس الى مجموعة من الكسالى تأكل وتنام وتتعبد وتنجب الاولاد, في الوقت الذي كانت به الشعوب الاخرى تكد وتجتهد وتبني وتتطور بكل مجالات الحياة.
والشعرة التي فصمت ظهر البعير بتخلفنا هو تأمر حكامنا ورجال الدين على تجهيلنا لتسهل قيادتنا وتركيعنا وافسادنا.

هل هناك حل؟

نعم والحل بسيط هو ان نبدأ بالعمل كما عمل الاخرون ومن جد وجد ومن سار على الدرب وصل.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

2 Responses to لماذا تأخرنا وتطور الآخرون ؟

  1. Maha Bouti says:

    قراءة رائعة ومدروسة من كل الجوانب القانونية والاقتصادية في حقيقة تخلفنا عن الركب الحضاري بمعنى سلطة القانون ..!!!

    • طلال عبدالله الخوري says:

      أشكر الزميلة الكاتبة الدكتورة مها البوطي على مرورها الكريم وتعليقها الرائع الذي اضاف للمادة وأغناها… كل الاحترام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.