ثورة أهل الجحيم- ج 11 والأخير

جميل صدقي الزهاوي؛ نُظِمت في تشرين الأول- أكتوبر 1929

مراجعة: رياض الحبيّب؛ تموز- يوليو 2012
https://mufakerhur.org/?author=6

خاص: المُفكِّر الحُرّ

– – –

السابع عشر: معركة مع الزبانية

ولقد أسْرَعَتْ زبَانيةُ النار إليهِمْ وكلّهُمْ مذعورُ

يالها في الجحيم حربًا ضروسًا * ما لها في كل الحروب نظيرُ

ولقد عاضَدَ الذكورَ إناثٌ * ولقد عاضد الإناثَ ذكورُ

ولقد كانوا يفتكون ولا يُبْصَرُ منهمْ مهاجمٌ أو مُغيرُ

ولقد كانت البطونُ تَفرَّى * ولقد كانتِ الرؤوس تطيرُ

ثم جاءتهمُ الشياطين أنصارًا وما جَيشُ الماردين حقيرُ

كان إبليسُ قائدًا للشياطينِ وإبليسُ، حيثُ كان، قديرُ

ولقد جاء من ملائكة العرش لإرجاع الأمن جَمٌ غفيرُ

والذي قد قادَ الملائكَ منهُمْ * هُوَ عزرائيلُ الذي لا يخورُ

فهْيَ بين الملائك البيض صَفًّا * والشياطين السُّود صفًّا تثورُ

وتلاقى فوق الجحيم الفريقان وهذا نارٌ وهذا نورُ

فصِدامٌ كما تصادم أجبال رواسٍ ومثلهُنّ بحورُ

وصراخُ الجرحى إلى العرش يعلو * وجُروحُ المُجندلين تفورُ

يترامون بالصواعق صَفّين فيشتدّ القتلُ والتدميرُ

حاربوا بالرياح هُوجًا وبالإعصار في نارِهِ تذوبُ الصخورُ

حاربوا بالبروق تومضُ والرعدُ فيغلي في صوتهِ التامورُ

حاربوا بالبحار تلقى على الجيش بحَولٍ وماؤها مسعورُ

حاربوا بالجبال تُقذَفُ بالأيدي تباعًا كأنهنّ قشورُ

بالبراكين ثائراتٍ جرتْ من * حِمَمٍ فيها أبحُرٌ ونُهورُ
– – –

الثامن عشر: اهتزاز عرش الإله

وقد اهتزّ عرش ربِّك مِنْ بَعْدِ سُكونٍ والدائراتُ تدورُ

ولقد كادتِ السماواتُ تهوي * ولقد كادت النجوم تغورُ

كانت الحرب في البداء سِجالًـا * ما لِصُبح النّصر المبين سُفورُ

ثمّ للناظرين بان جَلِيًّا * أنّ جيشَ الملائكِ المدحورُ

هزمُوهُمْ إلى معاقلِهمْ في الليل حتى بدا الصباحُ المنيرُ

ولأهل الجحيم تمَّ بإنجاد الشياطين في القتال الظهورُ

فاستراحوا من العذاب الذي كانوا يقاسونهُ وجاء السُّرورُ

لم يخوضوا غمارَها قبل أنْ تحْكمَ فيها الآراءُ والتدبيرُ
* * *

التاسع عشر: اجتياح الجنة

ثم طاروا على ظهور الشياطين خِفافًا كما تطيرُ النسورُ

يطلبون الجنان حتى إذا ما * بلغوها جرى نضالٌ قصيرُ

ثم فازوا بها وقاموا بما يوجبه النصرُ والنهى والضميرُ

طردوا مَن بها من البُلْهِ واٌحتلّوا القصورَ العُليا ونِعْمَ القصورُ

غَيْرَ مَن كانوا مُصْلِحِين فهذا القِسمُ مِنهمْ بالإحترام جديرُ

فرَّ رضوانُ للنجاة ومِن أتباع رضوان مُسرعًا جُمهورُ

وأقاموا لفتحِهِمْ حفلةً أعقبها منهمُ الهُتافُ الكثيرُ

إنهُ أكبرُ انقلاب بهِ جادتْ على كرِّها الطويل الدهورُ
* * *

العشرون: الزهاوي يصحو من منامه

وتنبَّهْتُ مِن مناميَ صُبْحًا * فإذا الشمسُ في السماء تُنيرُ

وإذا الأمرُ ليس في الحقّ إلّـا * حُلُمًا قد أثارهُ الجرجيرُ
* * *

الزَّبَانِية: ملائكة يَزْبِنون الناسَ أي يدفعونهم، سُمِّيَ بذلك بعض الملائكة لدفعِهِم أهلَ النار إليها¤ تَفَرَّى أي تتفرّى، حُذِفت إحدى التاءين تخفيفًا، تَفَرَّى جِلدُه وانْفَرَى: انشقَّ¤ أجبال؛ جمع جبل¤ التامور: غلاف القلب¤ الحَوْل: الحِيلة والقُوَّة¤ الجِرْجِيرُ: نبت معروف، بَقل

¤ ¤ ¤‎جميل صدقي الزهاوي (مفكر حر)؟‎

About جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي الزهاوي : شاعر وفيلسوف عراقي كردي الأصل، وقد عرف بالزهاوي .منسوبا إلى بلدة زهاو ولد جميل الزهاوي في بغداد عام 1863م، وعين مدرسا في مدرسة السليمانية ببغداد عام 1885م، وهو شاب ثم عين عضوا في مجلس المعارف عام 1887م، ثم مديرا لمطبعة الولاية ومحررا لجريدة الزوراء عام 1890م، وبعدها عين عضوا في محكمة استئناف بغداد عام 1892م، وسافر إلى إستانبول عام 1896م، فأعجب برجالها ومفكريها، عين أستاذا للفلسفة الإسلامية في دار الفنون بإستانبول ثم عاد لبغداد، وعين أستاذا في مدرسة الحقوق، وعند تأسيس الحكومة العراقية عين عضوا في مجلس الأعيان. توفي الزهاوي عام 1936م.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.